الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > الأدب والشعر > الديوان الأدبي

 
الديوان الأدبي للمواضيع الأدبية المتنوعة المختارة والمنقولة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12-08-2008
الصورة الرمزية @ بن سلمان @
 
@ بن سلمان @
ثمالي نشيط

  @ بن سلمان @ غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 156
تـاريخ التسجيـل : 01-10-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 14,724
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : @ بن سلمان @ مبدع
افتراضي ربْط الأمثالِ

ربْط الأمثالِ ربْط الأمثالِ ربْط الأمثالِ ربْط الأمثالِ ربْط الأمثالِ

ربْط الأمثالِ
عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق

مِن ثقافةِ الأمثالِ مُراعاةُ ربطِ المثلِ بالمثَلِ ، أو بمبدأ أو قانون آخرَ ، فرُبَّ مثلٍ هو قيدٌ لمثَلٍ آخرَ ، ففي الربطِ بينهما و الجمع بين معنييهما إيضاحٌ للمثليْن و استخراجٌ لمعانٍ أكثرَ ، و هذا ما غابَ عن الكثيرِ في حالِ ضربِ الأمثالِ ، حتى عِند الشُّرَّاحِ للأمثالِ ، و أهميته تأتينا من القيمة الثقافية للمثلِ و هي أنه رسالةٌ تربويةٌ ، منقولةٌ في الشعوبِ لبناءِ أبنائها ، والتربيةُ ما لم تكنْ مُترابطةٌ أطرافها و أصولها ببعضٍ كان أثرها أقل ، و هذا ما لا يتناسبُ مع القيمة التربوية الثقافية ، فملاحظةُ ربط الأمثالِ معانيها يَجعلُ مَعنى المثلِ و رسالتَه مضبوطةً مُحكَمةً ، فكما نحتاجُ للغوصِ في معاني الأمثالِ للكشفِ عنها ، فإننا نحتاجُ ، أيضاً ، لربطِ الأمثالِ بما يَضبط معناها ، لأنَّ المثلَ في أصله مرتبطٌ بحالةٍ كان سبب ولادته .

مثالٌ توضيحيٌ لربط مَثَل بِمَثَلٍ : « الصمتُ حكمةٌ و قليلٌ فاعله « و « السكوتُ من ذهبٍ « ، هذان مثلانِ مشهوران ، إطلاقُ معنييهما غلطٌ ، لأنهما مقيَّدان بشيءٍ في أمثالٍ أُخرى ، فالتصويبُ للمثلِ أن يُقالَ : إن ذلك حين يكون في الكلامِ ضررٌ ، حيثُ السكوتُ عن الحق مُشاركةٌ في الباطل ، و الساكتُ شيطانٌ أخرسُ ، أيضاً ، يُقال : السكوتُ عن طلبِ الحقِّ غلطٌ و ليس من العقلِ ، بدلالةِ ضمِّ المثلِ الآخرِ : « ما ضاع حقٌّ له طالبٌ « ، و هو يُؤصِّلُ المطالبةَ بالحقِّ بالسعي فيه .

فلمَّا ننظر إلى المَثَلِ الأولِ « الصمتُ حكمة « مُطلقاً بِلا قَيْدٍ بالمثلِ الآخرِ نجعلُ توظيفَه مُستعملاً في كلِّ حالٍ ، و هذا ما تبادَرَ إلى أفهامِ كثيرين من الناسِ ، و لكننا وجدنا أنَّ أهل الأمثالِ عاشوا حالةً أخرى أدركوا فيها ذكرَ السكوتِ بالذَّمِّ ، فليس كلّ سكوتٍ وصمتٍ حكمةً ، ولا كلّ كلامٍ نِقمةٌ ، فلولا الجمعُ بالربطِ بين المثلين لضاعت وظيفتهما .

و مَثلٌ اخرَ لربطِ المثلِ بالمثلِ و بغيرِ مَثَلٍ : « مَن جدَّ وَجدَ و مَن زرع حصَدَ « هذا المَثَلُ لا يَكادُ أن يكون مجهولاً ، فقد لقيَ انتشاراً كبيراً في كلِّ الأوساطِ ، و أُخِذَ على أنَّه شيءٌ قطعيٌّ لا يتأخرُ المُراد عن التحقٌّقِ عند بذلِ السعي إليه ، فكان المُتبادِرُ أنَّ من سَعى لشيءٍ فإنه يجده ، فصار أشبه بالشيءِ التلقائي ، و هنا تَكمن مُشكلة عدم ربطِ هذا المثلِ بمبدأ مهم جوهري و هو تأهُّلُ الحالِ ، و تأهُّلُ الحال إما أن يكون وقتاً ، و إما أن يكون نفسياً ، و إما أن يكون مكاناً ، ففي طلبِ الرزقِ مثلاً يسعى الإنسان لتحصيلِ رزقه ، و يبذل جُهداً كبيراً في ذلك ، و قد يحصل على مراده و قد لا ، و هناك أمثالٌ عامية تكون ضَبطاً لإطلاق هذا المثل و إشارةً إلى مبدأ تأهُّب الحالِ ، فمن أمثالهم : « أرضك التي تُرْزَقُ بها « فهنا لم يَربط العامةُ وقوع النتيجة و المراد على وقوع البذل و السبب ، و إلا لو كانوا يؤمنون بجدوى المثل « من جدَّ وَجدَ « لما ذكروا هذا المثلَ الآخر القاضي بأن الانتقالَ عن الأرضِ قد يكون سببا للرزق ، فكلُّ مَن جدَّ في طلبِ شيءٍ فإنه يجده متى كان الحالُ متأهلاً لقبول وقوع النتيجة ، وهذا التأهُّبُ حلقة مفقودة في قانون السببية ، و في مراعاته - بصورة عامة - حلٌّ لكثير من إشكالاتِ فهم هذا القانون .

فإطلاقُ فهم الأمثالِ دون ربطها بأمثال أُخرى أو بمبادئَ كبرى سيُحدِث خللاً في فهمها ، و عدمَ اعتبار لجدواها ، فالربطُ عمليةٌ مهمة في فهم الأمثال و إقامة معناها .

* باحثٌ سعودي في أدب التطوير البشري ، الرياض .

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:28 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by