راشد الفوزان
عقد أمس السبت واليوم الأحد اجتماع لوزراء المال الخليجيين في جدة لكي تطرح على طاولة النقاش "العملة الموحدة"، ستتم مراجعة الجدول الزمني "المفترض" لطرح العملة الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي، الواضح مبدئيا أن العملة لن تتوحد وفق المعطيات الحالية كما حدد سابقا أي عام 2010م، وأنه سوف يتم تأجيله إلى أجل لم يحدد، فالتباين بين دول المنطقة كبير وواضح في السياسيات المالية والنقدية، فالكويت الآن انتهجت سياسة مختلفة ومنفصلة عن دول الخليج الخمس الأخرى، وأصبحت مستقلة تماما في ذلك، وليس نقاشنا الآن عن سلبيات وإيجابيات ذلك، وسلطنة عمان أعلنت عدت مرات عن انسحابها من مشروع توحيد العملة، وهذا التباين الآن بين دول المنطقة يفرضه واقع الدولار المنخفض بشدة مع استمرار ربط دول المنطقة ربط عملتها بالدولار نظرا لطبيعة الاقتصاد في المنطقة المعتمد على النفط في 90بالمائة من صادراته خاصة الدول الأكثر إنتاجا كالمملكة والكويت وقطر، كذلك استمرار خفض الفائدة الأمريكية لتوقعات "ركود" إن لم يكن "كسادا" في عام 2008م كما تشير التقديرات، ودول الخليج تعاني من نمو كبير اقتصاديا كالمملكة التي يتوقع لها نموا يفوق 6بالمائة، فكيف يمكن الموازنة بين نمو مرتفع وخفض سعر فائدة وسيطرة على التضخم ؟ معادلة صعبة جدا، لا يلوح في الأفق كيف ستواجهه مؤسسة النقد السعودي حتى الآن، محافظ البنك المركزي الإماراتي أكد أن توحيد العملة لن يحدث حتى عام 2015م، الصعوبات الحالية والقادمة مستقبلا ومع توقعات بخفض سعر الفائدة الأمريكي نصف نقطة على مدى ستة أشهر قادمة، هل ستصبح دول المنطقة مضطرة ماليا واقتصاديا لرفع سعر عملاتها ؟ سيكون هذا الاحتمال الأقرب، وسيكون له أيضا مؤشر سلبي وأثر اقتصادي أيضا أكثر سلبية، كمثال للسلبية أن الأصول الحكومية المقيمة بالدولار أيضا ستنخفض بنفس الحجم وهذا يعني مليارات الريالات و الدراهم والدنانير، لا توجد حلول سريعة، بل حلول إستراتيجية مستقبلية كان يجب العمل عليها منذ عقود زمنية، بحيث لا نكون اقتصاد السلعة الواحدة أي النفط، فحين تتنوع مصادر الدخل تتنوع الخيارات والاختيارات والاستراتيجيات وهذا ليس متاحاً لدينا الآن لأننا دول نفطية 90بالمائة من الإيرادات هي نفطية، لا أرى في الأفق استمرارا لثبات العملة المحلية لدول المنطقة مع معطيات الاقتصاد الأمريكي وتوجهات خفض الفائدة والتضخم وارتفاع أسعار النفط، وأن الحلول المؤقتة "ككل مرة" خفض الأنفاق الحكومي، ودعم الخدمات للمواطنين من طبية وتعليمية وغيرها لتخفيض التضخم بدلا من رفع الرواتب الذي يعتبر التزاماً أبدياً يصعب تغييره . وزراء المال الخليجيون أمام مفترق طرق وقرارات صعبة، ولا يجب الإصرار على عملة موحدة في ظل تعارض المصالح للدول، وفي ظل اقتصاد ريعي لا يمنح أي خيارات أو قدرات يمكن الحراك منها .