تحليل موقف يتكرر

[ورد الجوري]

تحليل موقف يتكرر تحليل موقف يتكرر تحليل موقف يتكرر تحليل موقف يتكرر تحليل موقف يتكرر

يحدث لأي شخص أن يمر بموقف معين فيشعر للحظات أنه رأى هذا الموقف من قبل ، أو يرى شخصا معينا لأول مرة فيشعر أنه سبق له أن رآه .. هذه الظاهرة موجودة عند الكثيرين من الناس .
وأحد تفسيراتها أنها نوع من نشاطات العقل الباطن ، وهو أقرب التفسيرات إلى القبول رغم الاعتراض عليه جملة و تفصيلا .
وبيان ذلك :
إن قولنا بأنه لون من ألوان نشاط العقل الباطن لا يعني أبدا أن العقل الباطن يدرك الغيب ، و لا يعني أبدا أنك قد عشت هذا الموقف قبل أن يحدث .. لكن توضيح ذلك كما يلي :
العقل الباطن مخزن هائل لكل الخبرات التي مرت عليك في حياتك و كل المشاهد و التجارب و المواقف التي مرت عليك في حياتك منذ الولادة إلى لحظتك هذه .
وهذه الخبرات و التجارب و المواقف والمعلومات مخزنة فيه بطريقة عشوائية غير منظمة و لا مصنفة ، لكن الكثيرين منا حينما تعرض لهم معلومة جديدة ينشط العقل الباطن لا إراديا في البحث عن أشباهها و نظائرها ، فتطفوا المواقف المشابهة والأشخاص المماثلين على السطح فوق ركام هذا المخزون الهائل ، فإن كان هذا المشابه قريبا واضحا لم نستغرب ذلك لأنا نرى بوضوح أن هذا مجرد تشابه بين هذا الموقف وذاك الموقف القديم ، أو بين هذا الشخص والشخص الآخر الذي مر علينا سابقا .
لكن إن كانت تلك الخبرة المشابهة المخزونة في العقل الباطن بعيدة منسية تحت ذلك الركام الهائل أو كانت غير واضحة المعالم ، بحيث لا تعود للذاكرة واضحة جلية ، فإن العقل الباطن ربما استعاد الشعور بها دون سائر معالمها .. فيشعر الإنسان أن هذا الموقف ليس جديدا عليه و أن هذا الشخص ليس غريبا عليه . و يقوى هذا الشعور أحيانا حتى يجزم الشخص أنه فعلا عاش هذا الموقف لكن متى و كيف ؟ لا جواب .
فيكون الشخص متأكد فعلا أن هذا الموقف جديد لكن شعوره يلح عليه بأنه عاش الموقف سابقا ، و الحقيقة أنه لم يعشه بذاته و إنما عاش موقفا آخر مشابها له لكن العقل الباطن لم يسترجع من ذلك الموقف المشابه إلا الشعور فقط .
قد يقول قائل أنا متأكد بأني لم أعش أي موقف مشابه على الإطلاق ورغم ذلك يلح علي مثل هذا الشعور .. و هنا نقول ليس شرطا أن تكون قد عشت الموقف القديم واقعا بل قد تكون عشته خيالا في أي لحظة سابقة في حياتك ، أو ربما عشته حلما مناميا في أي لحظة من حياتك أو عرفته في قصة تخيلت تفصيلاتها أو شاهدته في فلم ، و العقل الباطن لا يفرق بين الحقيقة والخيال والواقع و الأحلام ، ويخزن كل ذلك ، وربما نسيت تماما أنك رأيت ذلك المشهد أو تخيلته أو حلمت به ، لكنه يبقى مخزونا هناك في العقل الباطن ، و حين جاء هذا الموقف الجديد لم تكن معالم ذلك الموقف القديم المشابه واضحة ولا تفاصيله و لا حتى فترته الزمنية فحضر شعوره فقط ليوهمك أنك عشت التجربة .
وهذا التفسير كما ترون لا علاقة له بعلم الغيب .

أمر آخر له علاقة بتفسير هذه الظاهرة .. و هو قوة الحدس لدى بعض الناس واعتمادهم عليه كثيرا ، و الحدس يقوي الخيال الإنشائي لدى صاحبه ، حيث يتوقع ردود الأفعال و مجريات الأحداث خياليا قبل أن تقع ، وغالبا ما يفعل ذلك لا إراديا ، وهذا أيضا من خصائص العقل الباطن يحدث في اللاوعي ، وبالتالي حينما يأتي الواقع ( الموقف ) مشابها أو مطابقا لهذا الحدس المتوقع قد لا يتبين صاحبه أنه كان مجرد حدس أو توقع بل ربما توهم أنه عاش الموقف حقيقة من قبل .

كذلك لا ننسى أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف ، و أن الأرواح سر من أسرار الخلق التي لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى ( يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) . و يؤكد أكثر العلماء أن الروح تفارق الجسد أثناء النوم مستدلين بقول الله تعالى ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى ) أي يرسل التي لم يقض عليها الموت لتعود إلى الأجساد .. و من هنا يقولون إن أرواح الناس قد تلتقي و قد تتعارف وقد تعيش مواقف وترى مشاهد وهي مفارقة للجسد فإذا عادت إليه ورأت مثل ذلك واقعا فيما بعد توهمت أنها رأته واقعا قبل ذلك ، و الله أعلم