الأخبار الإقتصادية ليوم الخميس 28 / 2 / 1429 هـ الموافق 6 / 3 / 2

[عثمان الثمالي]

لي كوان: بدون التكنولوجيا لا قيمة للنفط والغاز
مؤسس سنغافورة الحديثة يصطحب السعوديين في جولة بين الصحراء العربية وأدغال فيتنام

الرياض: عدنان جابر

اصطحب مؤسس سنغافورة الحديثة، رئيس وزرائها الأسبق لي كوان يو، مضيفيه السعوديين من مسؤولين ورجال أعمال في جولة شملت بادية الصحراء العربية، وأدغال فيتنام، ومراعي أمريكا، وإمبراطوريات الصين، وهو يروي تجربة بلاده الاقتصادية خلال اللقاء الذي نظمه منتدى الرياض الاقتصادي أمس في قاعة الأمير سلطان بن عبد العزيز بالرياض.

وتلقى لي كوان خلال محاضرة استمرت أكثر من ساعة استفسارات عدة، كان أبرزها حول تقييمه للنموذج الاقتصادي السعودي، الذي وصفه قائلا : "لديكم موارد ضخمة، ولكن بدون التكنولوجيا سيكون النفط والغاز غير مفيد".

ويعتقد لي كوان الذي يشغل منصب الوزير المرشد في الحكومة السنغافورية، أن أسس التطور الاقتصادي يمكن تطبيقها على جميع الدول، إلا أن من المهم معرفة المزايا والمساوئ لكل دولة، وإدراك مهارات الشعب الذي يقطن البلاد، وأضاف مخاطبا السعوديين "لديكم حضارة قائمة على البادية، ولكنكم اليوم تضخون المياه من البحار لتبنوا مدنا خضراء وسط الصحراء"، معتبرا أن من الصعب تحقيق النتائج خلال سنوات معدودة، لأن زراعة شجرة مثمرة يحتاج إلى 10 سنوات،بينما يحتاج أي شعب إلى 100 سنة لبناء حضارة.

وخصص لي كوان جزءا كبيرا من محاضرته، للحديث حول الإصلاح التعليمي في بلاده، كأهم عنصر لتحقيق التنمية الاقتصادية، مشيرا إلى أن التعليم لا يعني بناء مدارس، ولكن توفير مدرسين أكفاء ذوي مهارات عالية، وتعليم الطلاب مهارات حرفية تساعدهم على كسب القوت مثل الحدادة، والطلاء، وقال "ورثنا خليطا من المدارس بعضها يعلم الإنجليزية، والبعض يعلم باللغة الصينية، أو المالاوية، أو الهندية، ولم نحاول تغيير ما وجدناه أو فرض لغة معينة، ولكن السوق هو الذي حدد النمط التعليمي الأفضل"، وأضاف " لا تهم اللغة التي تتقنها، بل الكفاءة التي تتمتع بها".

وحدد لي كوان، الأسس التي اتبعتها سنغافورة لبناء قوتها الاقتصادية، عبر اختيار وزراء وتنفيذيين أكفاء لإدارة شؤون الدولة، وتوفير المعاش التقاعدي للجميع، ومنح رواتب عالية، وإجراء تقييم دوري للكوادر التنفيذية كل عامين، وفرض عقوبات صارمة على من تثبت ممارستهم للفساد الإداري، وقال " طريقتنا في معالجة الفساد الإداري جعل قطاع الخدمة المدنية في سنغافورة الأرقى عالميا، هناك عقوبات للفساد".

وأكد لي كوان، على أهمية مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية، مبينا أن الأسباب التي تجعل من الأمهات يمكثن بالبيوت لم تعد موجودة"، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة استيراد المواهب البشرية عند تنفيذ المشروع التنموي لأي بلد، واستشهد بذلك بالتجربة الأمريكية التي اعتمدت على جلب المواهب لامتلاك التقنية.

وحرص لي كوان، خلال إجابته على سؤال حول تجربة سنغافورة في جلب الاستثمارات الخارجية لأن يستشهد بحادثة واجهها مستثمر في فيتنام، عندما أراد أن يطور مشروعا على أرض حصل عليها من حكومة هانوي، ولكنه بدأ يواجه مشاكل جمة لدفع التعويضات للفلاحين ، مبينا من الصعوبة استقطاب أي مستثمر، ثم إرهاقه بالتعويضات.

وأشار إلى أن بلاده التي يقطنها 3.5 ملايين نسمة تواجه فائضا في حجم فرص العمل، وقال " لدينا فرص عمل لأعداد إضافية تبلغ 1.2 مليون شخص، ونحتاج لعمال مهرة وشبه مهرة، ولكن المشكلة أن السنغافوريين يرفضون أداء الأعمال الثقيلة والهامشية، وهذا ما دفعنا لجلب عمالة من الهند وبنجلاديش وأستراليا".