الأخبار الإقتصادية ليوم الاحد14/ 4/ 1429 هـ الموافق 20/ 4 / 2008 م

[عثمان الثمالي]

ماذا بعد إعلان البنوك أرباحها؟

محمد بن فهد العمران
بعد إعلان جميع البنوك التجارية في المملكة (ما عدا البنك السعودي للاستثمار) نتائجها المالية للربع الأول 2008، يظهر لنا جليا أن البنوك تجاوزت إلى حد كبير تأثيرات الأزمة الائتمانية العالمية, حيث إن الأرباح المجمعة لهذه البنوك (دون البنك السعودي للاستثمار) بلغت 6.1 مليار ريال مقابل 5.1 مليار ريال في الربع الرابع من 2007, ما يدل على عدم تأثر بنوكنا بتأثيرات الأزمة الائتمانية العالمية, حيث إن نمو الأرباح المجمعة تجاوز نسبة 20 في المائة مقارنة بالربع المالي السابق, وهي نسبة مرتفعة نسبياً نتيجة لتحسن ربحية كل من: مجموعة سامبا المالية, البنك العربي الوطني, والبنك السعودي الهولندي.
من جانب آخر، فإننا سنجد صورة مختلفة نوعا ما عند مقارنة نتائج الربع الأول 2008 بالربع الأول من 2007, حيث إن الأرباح المجمعة لهذه البنوك (ما عدا البنك السعودي للاستثمار) تظهر نمواً سنوياً ضعيفاً لا تتجاوز نسبته 2 في المائة فقط على الرغم من أن الربع الأول من 2007 كان يشكل من الأساس مستوى منخفضاً لربحية البنوك بسبب الانخفاض الكبير في عائدات تداول الأسهم وأصول الصناديق الاستثمارية التي كانت تشكل في المتوسط نصف ربحية القطاع المصرفي ذلك الوقت.
على الرغم من انحسار تأثير الأزمة الائتمانية العالمية في بنوكنا التجارية, الذي كان يشكل ضغطا على أداء أسهم هذه البنوك في السوق المالية خلال الشهور الأخيرة، إلا أننا نعتقد أن البنوك في المملكة, إن استمرت على وتيرة الربحية المحققة نفسها في الربع الأول من 2008 خلال ما تبقى من العام, فإنها بلا شك ستعاني عامل ضغط آخر يتمثل في النمو الضعيف للأرباح, حيث إنه من المتوقع ألا تحقق البنوك في 2008 نموا على أرباحها المحققة في 2007, وهذا بدوره ربما يؤثر في السعر السوقي لأسهم البنوك ذات النمو السلبي للأرباح!
من أهم التحديات التي ستواجهها البنوك في 2008 هي التحكم في المصروفات التي شهدت ارتفاعات كبيرة في الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع الرواتب والمكافآت والإيجارات والاستهلاكات والمخصصات, إضافة إلى أن هناك تحديات أخرى أكثر أهمية من ذلك تتمثل في التعامل مع زيادة حجم المنافسة نتيجة لتحرير القطاع المصرفي وانخفاض أسعار الفائدة (على الريال السعودي والدولار الأمريكي) وارتفاع نسبة الاحتياطي القانوني على الودائع الجارية المفروضة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي بهدف تقييد قدرة البنوك على التوسع في عمليات الإقراض مستقبلاً.
في ظل انخفاض أسعار الفائدة خلال 2008، فإن أرباح البنوك ستأتي غالباً من التوسع في القروض والسلف الممنوحة لعملائها وليس من ارتفاع قيم ودائع العملاء, حيث إن هوامش الربحية من الودائع الجارية والمربوطة ستنخفض أو ستبقى ثابتة نتيجة لانخفاض أسعار الفائدة, لكن هوامش الربحية من عمليات الإقراض سترتفع بشكل ملحوظ مع انخفاض الفائدة. فمثلا، عندما كانت أسعار الفائدة 5 في المائة فإن هامش الربحية لقرض بفائدة 8 في المائة سيكون 3 في المائة، لكن عندما تنخفض أسعار الفائدة إلى 2 في المائة فإن هامش الربحية للقرض نفسه سيرتفع إلى 6 في المائة.
تكمن المشكلة في أن التوسع في عمليات الإقراض من قبيل البنوك ستواجه عقبة مهمة تتركز في قيام مؤسسة النقد العربي السعودي برفع نسبة الاحتياطي القانوني من 5 في المائة إلى 12 في المائة خلال أقل من عامين بهدف تحجيم قدرة البنوك على خلق النقود, وبالتالي إضعاف قدرتها على التوسع في عمليات الإقراض بهدف الحد من نمو العرض النقدي الذي يراه المسؤولون عن السياسة النقدية في المملكة السبب الرئيسي لارتفاع معدلات التضخم في السنوات الأخيرة.
مما سبق، يتبين لنا أن البنوك ستواجه صعوبات لتحقيق نمو في أرباحها السنوية مع نهاية 2008، حيث إن نمو الأرباح مستقبلا سيعتمد بشكل رئيس على توسع البنوك في عمليات الإقراض لعملائها وإلى وجود طلب جيد من العملاء (خصوصا الشركات والمؤسسات الكبرى) لكن ذلك سيصطدم بارتفاع نسبة الاحتياطي القانوني على الودائع تحت الطلب مما يقيد قدرة البنوك الإقراضية (إلا إذا حصل نمو جيد في الودائع الادخارية لدى البنوك, وهذا مستبعد في هذا الوقت نتيجة انخفاض أسعار الفائدة).
لذلك، يكون أمام البنوك في المملكة خيار وحيد يتمثل في التوسع في نشاط الاستثمار من خلال الدخول في عمليات السوق المفتوحة كمشتر للأوراق المالية ذات المخاطر المنخفضة (مثل السندات والصكوك الحكومية العالمية)، إلا أن هذه الاستثمارات لا تعطي عائداً جيداً في هذا الوقت بسبب انخفاض أسعار الفائدة, إضافة إلى وجود مخاطر تقلب أسعار صرف العملات, ما قد يرفع التكاليف أمام البنوك في حال التحوط أمام هذه المخاطر، مما يزيد الوضع صعوبة وتعقيداً.