الاستثمار في الذهب وآفاق جديدة لسوق الذهب في عام 2009م

سليمان العثيم
يستمد سوق الذهب السعودي قوته ورونقه خلال الأعوام الخمسة السابقة من الوضع الاقتصادي القائم بالمملكة العربية السعودية. فالاقتصاد السعودي حقق نسب نمو تراوحت بين 5 بالمائة و8 بالمائة وهي نسب نمو كبيرة ساعدت كافة قطاعات وأسواق المملكة على تحقيق طفرات كبيرة قياساً بالأسواق الأخرى المنافسة اقليمياً وعربياً، وبالنظر إلى أحدث الإحصائيات الصادرة من مجلس الذهب العالمي نجد أن السوق السعودي للذهب والمجوهرات هو الأضخم والأكبر في الشرق الأوسط بل إنه يستحوذ على أكثر من ثلث حجم سوق الذهب في الشرق الأوسط. وبتحليل بسيط لتلك الإحصائيات نجد أنه خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 2008م بلغ إجمالي الاستهلاك السعودي من الذهب بشقيه (المجوهرات والاستثمار) نحو 97.8 طن مستحوذاً على نسبة 37 بالمائة من حجم سوق الذهب في الشرق الأوسط خلال نفس الفترة، حيث بلغ نحو 264.7 طن. وخلال تلك الفترة حقق السوق السعودي نسب نمو كبيرة قياساً بمعدل الأسعار المرتفعة آنذاك. فالمتتبع لأسعار الذهب خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2008م قبل تفاقم الأزمة المالية العالمية يجد أن المؤشر السعري للذهب قد شهد ارتفاعاً في أغلب فترات العام.
فقد بدأ عام 2008م بارتفاع كبير في سعر الذهب، إذ بلغ نحو 835 دولارا للأونصة في بداية العام واستمر هذا الارتفاع الى أن وصل سعر الذهب الى ذروته، حيث تخطى سعر أوقية الذهب حاجز الـ «1000» دولار، وهذا الارتفاع قد أغرى المستثمرين للإقبال على الاستثمار في الذهب.
فقد بلغ حجم الاستثمار في الذهب في السعودية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2008م نحو 6.8 طن مقارنة مع 17.9 طن إجمالي حجم الاستثمار في الذهب للشرق الأوسط أي أن المستثمر السعودي في الذهب قد استحوذ على نحو 38 بالمائة من إجمالي سوق الاستثمار في الذهب في منطقة الشرق الأوسط، ويدل ذلك على وعي المستثمر السعودي حيث إن الاستثمار في الذهب هو من أمن الأوعية الاستثمارية في العالم. فاستخدام الذهب في محفظة الأصول المالية يجعلها تتمتع بتوزيع أكثر اعتدالاً للعائد، بمعنى أن الذهب يحقق توقعات المستثمر أكثر من الأصول المالية الأخرى .
كما تتمتع المحافظ الذهبية بمعدل عائد أعلى من المحافظ الأخرى نظراً لأنه في أوقات الأزمات يكون الذهب أقل مخاطرة وأعلى عائد.
ومع نهاية العام الماضي ودخول العام 2009م بدأ المنحنى السعري للذهب في الصعود وبشكل كبير إلى أن تجاوز نحو 870 دولارا للأونصة خلال فترة قصيرة محققاً نسبة نمو سعرية بلغت نحو 14بالمائة خلال أيام معدودة.
ومن المتوقع أن تسير أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة على نفس المنوال ما يؤدي إلى اتجاه المستثمرين نحو الذهب لتحقيق مكاسب سعرية مفقودة في كافة الاستثمارات الأخرى وبخاصة أسواق المال وسوق العقارات. فقد شهدت البورصات العالمية في الأشهر الأخيرة اضطراباً شديداً، وحالة اللا يقين السائدة في سوق الأسهم، دفعت بكثير من المستثمرين الى شراء الذهب بدلاً من أسهم الشركات والعملة الأميركية، خاصة أن الاقتصاد الأميركي يمر بمرحلة تباطؤ. وقد تتحول الى ركود، وفي مثل هذه الحالة تهرب الاستثمارات نحو السلع الأكثر استقراراً وأسعار الذهب مستقرة، بل إن التجارة في الذهب تحقق الكثير من الأرباح.
أضف إلى ذلك انهيار قطاع العقارات الذي استقطب في مرحلة من المراحل الكثير من الاستثمارات، حاز الذهب على المكانة نفسها التي كانت لقطاع العقارت لعقود طويلة بوصفه مجالاً للتوظيف الاستثماري، خاصةً أن التوظيف في الذهب الذي يواصل ارتفاعه باطراد يحفز المستثمرين على شراء الذهب لتحقيق الأرباح، بدلاً من الأرباح التي كان يحققها الاستثمار في قطاع العقارات، هذا من شأنه أن يكون محفزاً قوياً للمستثمرين للإقبال على الذهب خلال 2009م ما يجعل من السوق السعودي للذهب من أكبر أسواق الاستثمار في العالم.