اخبار التربية والتعليم ليوم السبت 5/2

[صقر قريش]

الاقتصادية :السبت 5-2-1430 هـ العدد:5591
التعليم بين تشخيص المشكلة وأولويات الحلول
كلمة الاقتصادية
جميل جدا أن يخرج وزير التربية والتعليم للناس ليعترف أن 90 في المائة من مخرجات التعليم العام لا تلائم سوق العمل . . هذه خطوة مهمة، ومهمة جدا في طريق التصحيح، وحتى إن كانت هذه المعلومة موجودة في أذهان متابعي العملية التعليمية والتربوية في بلادنا، فإن إعلانها من قبل المسؤول الأول عن هذا القطاع الحيوي، يعد الخطوة الأولى في مسافة الألف ميل . غير أن الأهمّ بعد إقرار الاتفاق بهذه الحقيقة هو السؤال: ثم ماذا؟
هذا السؤال الصغير حد السذاجة، يُمكن أن يكون قبلة يوداس، ويُمكن أن يكون مفتاح المغارة السحري، بمعنى أنه يُمكن أن يقودنا كأي معتل للتسليم بالمرض وانتظار ساعة القدر، مثلما أنه يُمكن أن يفتح لنا صيدلية الدواء، وحتى غرفة الجراحة إن لزم الأمر، المسألة تتحدد من خلال وعينا بأهمية السؤال وترتيب أولوياته الكثيرة والمتناثرة على مدى أكثر من نصف قرن، وعشرات الآلاف من المدارس والمعاهد، بمعنى آخر أن العلاج حتما لن يتوافر بقرص أسبرين، ولا بآخر العلاج الذي هو الكي، وهنا يجب أن نلتفت بتمعن إلى كل تلك الجدليات التي أثيرت حول قضية الأولوية في الإصلاح، هل للمنهج؟ أم للمعلم؟ أم لبيئة المدرسة؟ وهي الإشكالية التي جعلتنا نراوح مكاننا منذ أن طُرحت قضية إصلاح نظام التعليم على مائدة البحث منذ سنوات خلت . ولأن حسم خلاف الأولوية في هذا المثلث المتساوي الأضلاع، تظل قضية شائكة تدور في فلك أولوية البيضة والدجاجة، ولا تفضي إلا إلى مزيد من إهدار الوقت دون طائل، مثلما أن الشروع في إصلاح متزامن يُعدّ ضربا من المستحيل، لذلك فإن واقع الحال يملي علينا الاقتصاد في الطموح، لنكون أكثر مقاربة مع الواقع دون أن نتخلى عن حقنا المشروع في الأمل بالوصول إلى مشروع تعليمي ناضج ومتكامل خلال مرحلة حمل وحضانة طبيعية، حتى لا نتورط بمنتج خديج لا يبلغ مستوى الحلم، ولا يُعفينا من تبعة الإرباك . ولأن هناك من يقول: إن عملية الإصلاح تشبه إلى حد بعيد عملية غسل السلالم، إذ لا بد وأن تبدأ من الأعلى حتى تتم كما ينبغي، لذلك على الوزارة أن تتبنى مشروع مركز لإعداد القادة التربويين من مديري عموم التعليم إلى مديري المدارس، على أن تستعين هنا بخبرات تربوية دولية في هذا المجال، وعلى أن يسبق هذا اختيار العناصر المرشحة للإدارة بدقة، وممن تتوافر فيهم شروط القيادة، وأن تكون لهم امتيازات وظيفية من حيث الصلاحيات، وامتيازات مادية كحوافز، ولا أعتقد أنه يغيب عن ذهن المسؤولين في الوزارة أن من بين مديري العموم خاصة في قطاع البنات من لا علاقة له بالتربية، وممن وجد نفسه بمحض الترقية يصل إلى هذا الموقع!، هذا فضلا عن عزوف كثيرين وكثيرات عن التصدي لهذا الهمّ، على اعتبار أن عائداته المعنوية والمادية لا تساوي ما ينجم عنه من وجع الرأس . ولعل الإقبال على وظيفة وكيل في مدارس البنين، ومساعدة في قطاع البنات، يُقدم البرهان والدليل على الرغبة في الهروب من طرف الوتد ورأسه المدبب، اتساقا مع ذلك المثل الذي يقول: (لا تكن رأس الوتد المدبب فتدق في الأرض، ولا طرفه العلوي فتنهال عليك المطارق) . أما الحديث عن المنهج واقتصاديات التعليم، وتأهيل المعلم، وبيئة المدرسة، وكلها في غاية الأهمية إلا أنه حتى لو تمت بين عشية وضحاها مع عدم وجود إدارة تربوية وقيادية متخصصة وحازمة وميدانية، فإنها ستبقى مجرد أنظمة عصية على التطبيق .