رد: التربية والتعليم 11_9
الوطن :الثلاثاء 11 رمضان 1430 هـ العدد 3259
عفوا "طاش" ولكنها طلعت آوت!
أمل زاهد
لأن الصراخ على قدر الألم فمن الطبيعي جدا أن نفرح ونهلل وتأخذنا العزة بالإعجاب عندما نشاهد من يضع أصابعه العشرة في عين معاناتنا، ويصرخ بعالي الصوت مقررا حقيقة أوجاعنا التعليمية ومآسينا التطويرية التي لا تزال تراوح مكانها منذ زمن طويل! ورغم كل ما كتب ويكتب في صحفنا بجرأة وشجاعة عن مشاكل التعليم وعوائق التطوير، وتغلغل المتنفذين من المؤدلجين في نسيجه الداخلي والتشدد والتطرف في بنيته من ألفها إلى يائها، تبقى لرؤية معاناتنا مؤنسنة على الشاشة جاذبية خاصة لا يمكن أن تعادلها جاذبية! ثم لا بأس بعد ذلك من غياب الدراما في الدراما وضياع الحبكة الفنية، فكله عند المشاهدين المتحمسين بعد ذلك صابون! ولا ضرر أيضا من جرعة عالية من الخطابية الفجة الممزوجة بالمباشرة والتقريرية، وحبة هنا وحبة هناك وتتم صناعة حلقة (بريمو) قادرة على رفع مستويات الإثارة والتوتر في المجتمع إلى أعلى درجاتها، وتقسيم المتلقين إلى فسطاطي بوش ومن لم يكن معي في التصفيق والتهليل لا بد وحتما أن يكون ضدي!ولا تحشر الخطابية أنفها في عمل فني إلا وأفسدته وحولت الرسائل المرسلة عبره إلى مجرد عيارات تدوش ولا تصيب، وتثير ولا تؤثر، وتحرك السطح دون القدرة على الولوج إلى العمق! وشتان ما بين الإثارة والتأثير، وما بين ملامسة السطوح، وبين النفاذ إلى العمق ثم إحداث التأثير المطلوب! والحقيقة أن حلقة التطوير " الطاشية" طاشت عن الهدف وضلت التصويب، بل لعلها تسيء – دون أن يقصد صانعوها – إلى جهود الناحتين في الصخر لتحريك سد الممانعة الرافض للتغيير! فخلاصة ما فعلته الحلقة أنها زادت الرافضين لتطوير التعليم وتغيير المناهج تشبثا برفضهم بخطابيتها الفجة وتقريريتها المكشوفة! بينما أججت مشاعر المؤيدين للتغيير لملامستها عمق أوجاعهم، ولإدراكهم أن الطريق لا يزال طويلا ووعرا رغم نهاية الحلقة الحالمة!مهمة الدراما أن تداعب أوتارا في نفس المتلقي وتتسلل إلى وجدانه، وتقوده إلى حواف الدهشة بقدرتها على إضاءة المعتم وقشع الرؤية وشحذ البصيرة فيرى الإنسان ما لم يبصره من قبل! وعبر لوحاتها الدرامية وبراعة حبكتها توصله إلى الهدف المراد، بل تضعه وجها لوجه أمام ازدواجياته ومتناقضاته! وهذا ما غاب تماما في طاش فطلعت التصويبة آوت!
الحياة :الثلاثاء 11 رمضان 1430 هـ العدد 16951
تأجيل الدراسة
علي القاسمي
لا «بَحْثَ هذه الأيام عن مجرد رائحة خبر مؤكد» أكثر من البحث عن رائحة تأجيل الدراسة، وللتأجيل قصة عشق، وحب قديم لا معنى لاسترجاعه، لكن ما أنا متأكد منه على خط البداية انه لا علاقة البتة لانتظار رائحة الخبر بالخوف من مرض «أنفلونزا الخنازير» ولعل مقاعد الدراسة لم تكن مغرية بالحد الذي نحيل معها أمنية انتظار الخبر إلى انتظار حار للدراسة بمراحلها المختلفة، ولمن قرأ العنوان أعلاه بسرعة فائقة كالسرعة التي تنتقل بها أخبار المجالس وتوقعات الشبكة العنكبوتية وأحلام النوم، فسيعتمد التأجيل وينطلق للتصريح الفردي المعهود والمعتمد اجتماعياً بأن قراءته ثابتة وثقته لا حدود لها، انطلاقاً من مجرد عنوان من كلمتين لا يعكس ما تحته بتاتاً، الهوس بالتأجيل يشير لحب معكوس للدراسة، ولو كان هناك وجود لما يلتقي معها ولو على خطوط التماس من زاوية التأجيل لاشتعلت كل المطالبات ولو بشكل عشوائي، التفتوا لتحليل كل الأصدقاء والباحثين عن إجازة أطول وتمعنوا قدرتهم على قراءة المستقبل أكثر من أهل الاختصاص وخوفهم من انتشار المرض وهم الذين يذرعون الأمكنة في تنقلات مختلفة، ويقضون ـ أيامهم المتصلة - بلا تأجيل حتى لما هو في الهامش من جدول التنقلات . لا صعوبة لباحث عن أطراف حديث من أن يدخل هذا الهَوَس ويترك الباب مشرعاً لجدال متنوع يقف في النهاية على أبواب الأمنية الوحيدة، بالأمس التقيت بصديق من البسطاء الذين أجاورهم وهو يحمل لي شيئاً من العتاب حين لم أتحدث مطالباً بالتأجيل ولم أشرح الظروف التي تحتم مثل هذا القرار في توقيت يراه ملائماً تماماً وهو يخفي في ثنايا طلبه رغبة مدفونة في أن تبقى أيام الإجازة متصلة أكثر من اتصالها الأنيق الحالي . . . عَتَبُه مُكَرَرْ على اختلاف الألسن والوجوه ولكن هاتوا كل من يطالب بالتأجيل واطرحوا سؤالاً مفتوحاً الإجابات عن معرفة تفاصيل وماهية المرض والوقاية منه وكيفية كشفه وطرق العلاج، ثم أحضروا ورقة أخرى بيضاء واكتبوا في صدرها سؤالاً آخر عن الهدف الكامل الوحيد من الرغبة بالتأجيل ومن ثم لتدون كل الرغبات الحقيقية المستترة تحت بند الخوف الوهمي، وتحتها اعتراف ضمني صريح بأن ثقافة الحرص على الإجازة وتمديدها وضرورة أن يكون بين كل إجازة وأخرى إجازة فاصلة تفوق ثقافة التعامل مع أي مرض مشابه أو حادثة مماثلة يمكن أن تصطاد رقماً ولا اعتراض على القدر برغم الحاجة الماسة في طرف المعادلة الآخر للأخذ بالأسباب . نكره كل تأجيل على مستوى رحلات الخطوط ومباريات الدوري ومواعيد المستشفيات وترقيات الوظيفة ومناسبات الفرح والتخرج من المدرسة أو الجامعة، وأخيراً أذان المغرب في رمضان وهذه أمثلة منتقاة للوحات لا «للتأجيل» الاجتماعية الساخنة، الخبر الوحيد لمبتدأ التأجيل الاجتماعي حتى وإن كان مجروراً بالإضافة والذي لا تحضر معه لا الناهية هو خَبَرُ الدراسة، وهنا أجهل السبب لكنه لن يخرج عن إما انه خوف حقيقي من انتشار المرض الذي لا نعرف عنه إلا المسمى، أو انه عشق حقيقي لا غبار عليه لكل ما يدعى «إجازة» وللعشق كُرْه لكل ما سوى العشق ذاته، وأنا على الرأي الشخصي أرجح السبب الثاني انطلاقاً من البداية، ولكم تبقى حرية الترجيح مفتوحة لما تبقى في المساحة!
|