الملف الصحفي للتربية السبت 12-11-1430هـ

[صقر قريش]

عكاظ :السبت 12-11-1430هـ العدد :3058

تغيرت المناهج ولم يتغير المعلم

صالح إبراهيم الطريقي

أعتقد أن المناهج التعليمية أو بعضها بدأت تتغير للأفضل، أو هكذا أرى الأمر من خلال متابعتي لابني في أولى متوسط، ففي مادة الرياضيات «الفصل الأول الجبر والدوال (1ـ5) استراتيجية حل المسألة»، تجد أن المنهج بدأ يتغير بشكل إيجابي . فالطالب لأول مرة يلتقي بكلمة «استراتيجية»، ويتم شرحها له بشكل مبسط، أيضا الكتاب يتحدث عن التخمين، ثم يطلب منه الكتاب أن يوضح ويفسر، وكل هذا جميل ورائع، ولكن «هذه اللكن التي يخيل لي أنها المسببة للإزعاج، والمهمة لاستمرار طرح السؤال حتى لا يتوقف العقل عن التفكير» . قلت: ولكن ثمة شيء ما يمنع اكتمال جمال هذا التغيير الذي هو بالتأكيد للأفضل، وأعني هنا توصيل المعلومة للطلاب، فالمدرس رغم أن لديه منهجا يساعده على تحريض عقول الطلاب على التفكير والتخمين والتحليل، إلا أنه ما زال يعيد طرق التعليم القديمة، «التي أثبتت فشلها تماما» . فهو يلقن الطلاب كل شيء، فيخبرهم ما الذي تعنيه «استراتيجية» عن طريق التلقين، فتسأل كل الطلاب ما الذي تعنيه الكلمة، فيرددون ما قاله المعلم تماما . هو أيضا ـ أي المعلم ـ ورغم أن الدرس يتحدث عن «التخمين» لا يدع الفرصة للطلاب، ليخمنوا، ويجربوا، ويبحثوا عن الحلول من خلال طرح وجهات نظرهم، ويكون فيها المعلم مراقبا ومنظما لكل هذا . بل يبدأ بتلقينهم، فيخمن هو ويشرح الدرس دون أن يخمن معه أحد، ثم وبعد هذا يسألهم : «أحد عنده سؤال؟» . ولأن مثل هذا التعليم يصيب الطلاب بالملل، لا أحد يرفع يده ليسأل عادة، ربما هم لا يريدون أن يعيد نفس الطريقة التي قال عنها أحد الطلاب وباختصار شديد «طفش» . علي أن أنبه بأن المعلم الذي يصيب الطلاب بـ«الطفش»، هو أيضا مصاب بنفس «الطفش»، ويشعر بغبن لعدم التقدير، ولضعف الراتب، الذي يجبره على البحث عن عمل آخر بعد التدريس، ليحسن دخله، وهذا يعني أن عليه إبقاء شيء من طاقته لعمل ما بعد العصر، وإلا سيصاب بالشيخوخة سريعا، ويموت . فهل تعيد وزارة التربية والتعليم النظر في رواتب المعلمين، وبالأخص معلمي المدارس الأهلية المجحفة جدا بحق مربي الأجيال؟وهل يشارك المجتمع في هذا، كأن يدفع القادرون قيمة الكتب التي توزع مجانا لأبنائهم، ليتم تحويل هذه الأموال لمصلحة المعلم، فيكف عن التفكير بعمل آخر ليعيش حياة كريمة وبلا عوز؟إن كل مجتمع يبحث عن التطور والتقدم، يضع نصب عينيه التعليم أولا، وهذا يعني أن على الجميع مد يد العون لهذا المصنع، الذي من خلاله يتم صناعة جيل قادر على حمل الوطن للمستقبل، ومن خلاله يمكن صناعة عقول قابلة لأن يغرر بها دائما .

المدينة :السبت 12-11-1430هـ العدد :16992

مصروفات المدرسة وأهداف التعليم

حمد عبد الرحمن الراشد

من المعقول إلى حد ما أن تكون هناك احتياجات أساسية لكل مراحل التعليم تستلزمها العملية التعليمية ، إلا أنه من غير المعقول أن تكون تلك الاحتياجات تستنزف أولياء الأمور بشكل لا يطاق لما فيها من تكاليف مرتفعة جدا ، وأهم أسباب زيادة مصروفات الدراسة للأبناء والبنات على السواء ما تطلبه المدارس بمراحلها المختلفة من أدوات وملابس وآلات وأنواع من القرطاسية وغيرها دون تحديد أو تعيين للشيء الضروري منها ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار أغلب تلك المتطلبات في أماكن البيع الخاصة بها من معارض ومكتبات ومحلات قرطاسية، بل نجد العديد من المدارس تطلب من طلابها وطالباتها تأمين متطلبات بشروط خاصة تحددها تلك المدارس وهي ليست محددة من قبل الجهات الرسمية المسئولة عن التعليم ، وبذلك فإن هذه المدارس تسهم في زيادة المصروف على أولياء الأمور ، فإذا كانت هناك تحديدات مدروسة رسميا مثل نوع ولون ثياب الطالبات في المدارس الابتدائية والمتوسطة فإن ذلك أمر ضروري وله مبرراته الوجيهة ، بينما نلاحظ أن تحديد المتطلبات ضمن شروط ومواصفات صارمة يمتد ليشمل تفاصيل ما يحتاجه الطالب أو الطالبة باجتهاد من المدرسة ودون استناد إلى توجيه رسمي ، وهذا الإلزام بأساليبه المختلفة لا يتيح لولي الأمر أي خيارات بديلة ، ونتيجة لذلك فإن ولي الأمر يصبح لا هم لديه إلا تأمين ما تطلبه المدرسة وتذليل الصعوبات التي تواجهه سيما وأن معظم أولياء الأمور دخلهم محدود ولديهم التزامات أخرى إلى جانب تعليم الأبناء ، بالإضافة إلى أن أولياء الأمور تشغلهم مصروفات المدرسة وكيفية تأمينها ، وبالتالي فإنهم لا إراديا وبشكل غير مباشر لا يعيرون التربية ماتستحقه من وقت وجهد ولا يهتمون بتحقيق أهداف التعليم المطلوبة منهم ، فكأن العملية التعليمية قد انحصرت بمصروف له أولوية على أي محتوى وهدف تعليمي ، حيث تتوالى الطلبات شبه اليومية دون مراعاة لمدى اقترانها بنتائج التعليم . وإذا نظرنا إلى معظم ما تتطلبه المدارس من الطلاب والطالبات نجده يمس المظهر ولا يصب في خانة مخرجات التعليم أو يؤثر في تطوير العملية التربوية والتعليمية ، فهناك وسائل وقرطاسيه ليس لتحديد مواصفاتها أهمية وعدم التقيد بمواصفات معينة لها لا يشكل عائقا أمام استمرار و تحقيق التعليم إذا قارنا ذلك مثلا بتأمين مجلات وكتب وأجهزة تعليمية تفيد الحياة التعليمية للطلاب والطالبات ولها تأثير قوي على مستقبل تعليمهم ، بينما للأسف نجد المدارس تهمشها ولا ترى لها الأولوية ولا يؤخذ مدى تأثيرها بعين الاعتبار . ولدى أغلب الآباء والأمهات حس وطني وتربوي وتعليمي ، وبرغم اختلافهم في المستوى والثقافة والخبرة إلا أنهم جميعا يتطلعون إلى تأمين مستقبل أبنائهم وبناتهم في كافة الأمور عامة ، وفي التعليم والوظيفة بصفة خاصة ، وفي حال رغبتهم مساندة أولادهم والمساهمة في مستقبلهم بما يرونه من تأمين ضروري يضاف إلى الحاجات الدراسية فإنهم يواجهون صعوبة كبيرة في تأمينها نظرا لأن مصروفات المدرسة قد أخذت النصيب الأكبر من دخلهم الشهري فلم يستطيعوا التحكم في مدفوعاتهم مما يؤثر سلبا على قدرتهم في ما يتطلعون إليه من بنود لها أهميتها في صقل مهارة وذهنية ووعي أولادهم ، ولذلك يقومون مرارا بتأجيل تطلعاتهم المشروعة مما يؤدي إلى تأجيل إسهاماتهم . وعلى ذلك فلابد من ضبط مصروفات الدراسة وفق لوائح رسمية وعدم تركها لاجتهادات لا مبرر لها ، حيث أن تقنين مصروفات المدرسة والتوازن فيها دون إفراط ولا تفريط له أثر فعال في قيام كل من المدرسة والأسرة بأداء دورهم في التربية وفي العملية التعليمية وفي كل جوانب الحياة .