البيوت الغاضبة وفخ الإدمان !!
دعاء الدايل
قد يكون العنوان غريباً بالنسبة لمسامع الكثير، ولكن سأوضح لكم معنى البيوت الغاضبة من وجهة نظري، وهي البيوت المفككة أسرياً من الداخل سواء كان ذلك بسبب عوامل اجتماعية كانفصال الأب والأم أو كثرة المشاجرات بسبب عدم التجانس الثقافي والاجتماعي بينهما أو بسبب عوامل اقتصادية كالغنى الفاحش واستخدام الأموال بطرق سلبية أو الفقر وعدم الرضا بما قسمه الله لك.
ترتبط مشكلة تعاطي المخدرات وإدمانها بعوامل نفسية وبيئية عديدة، ومن خلال بحثي في هذا المجال وهذه الدراسات المتعلقة بمجتمعنا السعودي الغالي هو أن أهم عامل يؤدي بالرجل أو المرأة إلى تعاطي المخدرات والمسكرات هو التفكك الأسري، والنشأة الاجتماعية غير المتوازنة!!، فعندما تكون هذه البيوت خالية من الحب والحنان وعدم التوافق بين الزوجين فهذا سوف ينعكس سالباً على الأبناء على حد سواء مهما حاولا إخفاء الواقع الصعب، فكثرة المشاكل والمشاجرات وانعدام الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، وعدم الاعتراف بثقافة الحوار والاحتواء بين أفراد العائلة سوف يخلق جوا مكهربا وفجوة ثقافية عميقةً، وبهذا نشعل الغضب الذي سيجتاح ويستوطن أركان البيت!!.
وبذلك ستتحول البيوت الغاضبة إلى بيئة طاردة ومنفرة لأبنائها بعد أن سلبت منهم التوازن النفسي والاستقرار وحقهم في الشعور بالأمان والاطمئنان، وزرعت في داخلهم انعدام الثقة وحب الهروب من مواجهة الواقع، والبحث عمن يسمعهم ويحتويهم، ولكن للأسف خارج أسوار البيت، فشياطين الإنس (أقران السوء) هم من يسكنون الشوارع ينتظرون فريستهم على أحر من الجمر، ففي البداية سيقدمون لهم ما كانوا يفتقدونه داخل بيوتهم من المشاعر والعاطفة الكذابة والمال أيضا حتى يزرعوا ثقتهم داخل الضحية، وما إن تنتهي المرحلة الأولى حتى تأتي المرحلة الثانية ويكشر الشيطان عن أنيابه ويبدأ بتغريرهم وتشجيعهم على تعاطي أنواع مختلفة من المواد المخدرة لأجل الحصول على النشوة ونسيان ما يتعرضون له من ضغوط أسرية، وبعد مرور الزمن تتحول شخصية الشاب والشابة المدمنة إلى شخصيات تابعة نفسيا وجسدياً لشياطين الإنس وهنا وقعوا داخل الفخ!!.
فهذا الفخ صفته عجيبة!! لأنه فخ واسع لا حجم له ولا حدود، مصنوع من خيوط العنكبوت فهو يسع العديد من أبنائنا الذين ضعف وازعهم الديني وتكونت داخلهم مستعمرات من الإحباط والكآبة التي دمرت عقولهم وقلوبهم واستبدلوا عالم الواقع بعالم لا واقعي، أسود اللون بفعل إدمانهم المخدرات. ومع هذا كله وما طرحته فنحن لسنا في نهاية الطريق ولكن في بداية الإصلاح، فجرس الإنذار بالخطر قد سمع داخل هذه (البيوت الغاضبة) فلابد من التوقف ومحاسبة الزوجين أنفسهما وجمع أبنائهما حولهما ليتم الاتحاد والتلاحم بين أفراد الأسرة والإمساك بيد المدمن والمدمنة واحتواؤهما بالعطف والرحمة وتفهم وضعهما، وإدخالهما مراكز لمعالجة الإدمان (كمجمعات الأمل المنتشرة بداخل المملكة) وبذلك سيقوم الإخصائيون النفسيون والاجتماعيون بوضع خطة مدروسة تهتم بإعادة هيكلة، وتأهيل أسرة المدمن والمريض المدمن نفسياً واجتماعيا، فنحن بإمكاننا تحويل المستحيل إلى حقيقة، ومن بعد عسر يأتي اليسر، ومن حزن إلى فرح وسرور، بالعزيمة والحب نستطيع أن نحول البيوت الغاضبة إلى بيوت سعيدة.