الكابوس الذي حل يوما ما بابن ابي محمد ..

[ابن ابي محمد]

الأخوة الأعزاء
شيخنا الحارث بن همام ..
مشرفنا العام ابو عبدالرحمن ..
العمدة المقداد بن الأسود ..
شاعرنا ومشرفنا سهيل ..
لا تشمتوا بأخيكم (ابن ابي محمد) فيعافيه الله ويبتلبكم , وتذكروا هداني الله واياكم أن ثمالة قد قالت في أمثالها , اذا شفت مبتلى لا تقول الا يا دافع البلا , وقد كان الأحرى بكم أن تضعوا الأكف على القلوب وتتظاهروا بالحزن مواساة لأخيكم ..
ولئن كان ابن ابي محمد قد شكا عليكم هما فقد أخفى عنكم هموما ودس عنكم غموما , أبدى لكم هول رعبه من الحشود وحد السكين والدم المسكوب , وأخفى عنكم جبالا من الخجل من الكشف على جزء ستره الله منه ...
والحقيقة أن زملائي المحمديين الطهراء كلهم كانوا ولا زالوا هذا شأنهم من الشيمة والحياء , وقد روى لي الشيخ ابو نقشه الذي لا أظن أحدا منكم يرقى الى درجة مصداقيته أنه بلغه أن أحد المحمديين الطهراء ابتلي بالبواسير ورفض الكشف لدى الأطباء مدة تزيد على ثلاثين عاما , وعندما تفاقمت المشكلة وأصبح نزيف البواسير يظهر على ثيابه أحتال عليه بعض أقاربه ونسقوا مع الأخصائين في مستشفى الملك لتخديره دون علمه قبل الكشف عليه طبيا..
وفعلا أستدرج الرجل المحمدي وخدرته طبيبة الباطنية حتى غاب عن وعيه قبل الكشف عليه وعصاه لا زال ممسكا بها في يمينه كهيئة عصا ابن داود يوم وفاته وعمامته معتم بها على متن رأسه , ثم اجريت له العملية حالا بعد الكشف عليه ووضع له الأطباء الخابور الذي كان يجري وضعه لكل مريض عقب عمليات البواسير ..
وعندما أستيقض الرجل من تخدير البنج اثر العملية ووجد نفسه ملقى على السرير الأبيض والممرضات من حوله , سألهن عن الخطب الذي الم به ؟؟ , فأبلغنه بكل ما جرى له والخابور المثبت بجزىء من بدنه ..
وبعد أن كرر عليهن السؤال نفسه لعدم تصديقه بما سمعته أذناه ,كررن عليه الأجابة السابقه نفسها , لكنه استمر غير مستوعب لما رددنه عليه الممرضات من اجوبة الى أن تلمس بيده الخابور اللعين ليستيقن حينها صحة الخبر وهول الفاجعة وانه قد غدر به وان ما الم به كان علما ولم يكن حلما كما ظن في البدايه ...
فما كان منه ألا أن أعتزا , أني فلان الفلاني اللي كان وكان...الخ من العزاوي, ثم وضع طرف ثوبه بين اسنانه وفر هاربا بقميص المستشفى وخابورهم لا يألوا على شيء حتى التجأ بشعاف جبال عورش وعلق طلبا للأمان , وانقطعت أخباره الى أن عثر أحد رعاة الأغنام على الخابور الذي يبدو انه سقط منه وهو يسير بين الشث والطباق على قمم تلك الجبال الرواسي..
وبعد بحث عنه استمر لأسابيع عاد المحمدي الهارب الى الفرعة , لكنها عودة فقد معها الثقة حتى في أقرب الناس اليه , أذ أصبح الرجل خائفا مترقبا متوجسا لا يقر له قرار ولا يهنأ له بال ولا يجلس الآ وبندقيته النيمس مزهبة ومركوزة عن يمينه او شماله , ولا ينام الآ وهي معه مستلقية الى جواره داخل لحافه , وان سار لا يسير الا وهو متنكبا بها على جنبه , ويقال بأنه أقسم بأن لا تطأ له قدم بعد ذلك اليوم مدينة الطائف , وأن لا يدع طبيبا ولا طبيبة يمشي على الأرض الا ريح الناس منه وريحه من الدنيا حتى لو كان طبيبا بيطريا لا شأن له بعلاج البشر...