الاخبار الاقتصادية ليوم الثلاثاء 1/3/1428هـ الموافق 20/3/2007م

[عثمان الثمالي]

"حكيم السوق" الذي بلغ أشده ثرياً يروي تفاصيل حياته بين زمني "الانفصال والطموح"

غسان النمر

حوار: حسن محني الشهري: تصوير- خالد الناجم:

غسان النمر. رجل الأعمال الذي بلغ أشده ثريا.. يملك كثيراً من القدرات والآفاق الاقتصادية التي جعلته صاحب شبكة واسعة من الأعمال داخل وخارج المملكة رأسمالها تجاوزت عشرة مليارات ريال في واحدة من أكثر صور التنوع الاقتصادي التي تثير الاهتمام، وتجعل منه "رجل أعمال استثنائياً" يستحق الوقوف عند بداياته وتجربته الثرية والطموحة في إدارة الأعمال.
الحكمة في الإدارة هي كلمة السر في نجاحه وتميزه وقدره على الاحاطة بجميع أنشطته.. سواء في مجال الذهب او العقار، او المقاولات، أو الأعمال الهندسية، فضلا عن عضويته المتعددة في الغرف التجارية أو مجلس الذهب العالمي والبورصة العالمية.

وللنمر استراتيجياته في إدارة أعماله وتحقيق أهدافه وطموحاته في رحلة تجاوزت الربع قرن من الزمن، اكتسب خلالها خبرات واسعة، وجند نفسه في جوانب كثيرة لخدمة الوطن والمجتمع، فكان من المساهمين الفاعلين لحملات توعوية رعاها شخصيا لدعم شبابنا، والحد من بعض الاشكالات التي أودت بحياة بعض أبناء الشرقية نتيجة الحوادث المرورية كما ان له مساهمات أخرى يرى انه من خلالها مدين للوطن والمجتمع والشرقية على وجه الخصوص.

"الرياض" تتوقف في حوار موسع مع رجل الأعمال غسان النمر للحديث عن بداياته، وطموحاته، وأبرز انجازاته، والمعوقات التي تغلب عليها لتحقيق أهدافه، إلى جانب رؤيته الخاصة للمتغيرات الاقتصادية في المجتمع، وفيما يلي نص الحوار:

البداية في صناعة الذهب

@ بداية نرغب منكم الحديث عن تجربتكم في مجال الاستثمار وصناعة الذهب؟

- بداياتي كانت مبكرة عندما كنت في الثامنة عشرة من عمري، وبصرف النظر عن كوني من بيت تجاري، فقد فضلت أن استقل بنفسي من تلك الفترة، وأسست مشروعاتي وتجارتي بشكل مستقل لحد كبير، وكان لي طموحي، وفكري الخاص في تطوير أعمالي، والحمد لله نجحت وكان نتاج ذلك انني في عام 1992م كانت اللاعب السعودي الوحيد في بورصة لندن.

وإجمالاً بداياتي منذ أكثر من 25عاما، حينما انشأت مصنعا للذهب والمجوهرات نجح في أول تشغيله في تزويد الأسواق المحلية والخليجية بأرقى وأجود التصميمات العالمية، وحاليا هو أحد أكبر مصانع الذهب والمجوهرات في الشرق الأوسط، ويعمل به أكثر من 500خبير وفني بطاقة إنتاجية سنوية تقارب 4000كيلوجرام من المشغولات والمجوهرات وحقق هذا المصنع بفضل جودة منتجاته عددا من الانجازات المهمة، منها اختياره ضمن أفضل مائة مصنع في العالم متخصص في الجودة، وجائزة مجلس الذهب العالمي لأفضل مصمم مجوهرات في المملكة للعام 2004م).

وبجانب امتلاك وادارة مصنع (غسان النمر للذهب والمجوهرات) وامتلك وأدير شركة (شموس الدولية) التي تعمل في مجال الانشاءات والمقاولات العامة والأعمال الهندسية وتجارة معدات البناء وهناك ايضا معارض (غسان النمر للذهب والمجوهرات) التي تنتشر في المملكة ودول الخليج العربي، كما أن هناك شركة غسان النمر لتجارة المعادن الثمينة، ومصنع الكوثر النسائي للذهب والمجوهرات، اضافة الى ذلك هناك مجموعة للاستثمارات العقارية التي تملك العديد من المشروعات العقارية الكبرى، وشركة سمايا المملكة وهي احدى شركات مجموعة غسان النمر القابضة والتي تحمل فكرة ايجاد شركة تسويق تفي بمتطلبات السوق المحلية والخليجية والعالمية.

@ لماذا وقع اختياركم على الاستثمار في مجال الذهب؟

- ذلك ربما لانه يجمع بين الاقتصاد والفن، فالذهب ولا شك ملاذ آمن لرأس المال ويمكن التطور فيه بسهولة اذا تم التخطيط لذلك بدقة واتقان، كما أن السوق بحاجة لهذه الصناعة الحيوية، وأضف الى ذلك طموحي ورغبتي للاستثمار في هذا المجال الذي تؤكد كثير من الدراسات الجدوى الكبيرة والمهمة من الاستثمار فيه، واذكر لك في هذا الصدد دراسة أجرتها شركة (GFMS) وتوصلت فيها الى أن كل عائلة سعودية تمتلك ما يقدر بواحد كيلو من الذهب.. وعلى ذلك فان نشاط تجارة الذهب - بحسب النمو - من أهم الأنشطة الاقتصادية على مستوى المملكة، حيث يقدر الاستهلاك الفعلي السنوي من الذهب ب 250طنا، وفي هذا المجال يعتبر سوق المملكة هو المحرك الرئيسي والأساسي لأسواق المنطقة، حيث ان كثيرا من الدول المصدرة (الهند - ايطاليا - تركيا) تعتبر السوق السعودي من الأسواق المستهدفة لها من حيث التصدير.

وبحسبة اقتصادية لطاقة وحجم السوق والاستهلاك يقدر النمو كمية الذهب التي تدخل المملكة سنويا بحوالي 115طنا لا تغطي الاستهلاك المحلي في الوقت الذي وصل فيه مستوى الاستهلاك المحلي الى حوالي 4مليارات دولارهذا العام، وهو المعدل الذي يجعل المملكة الثالثة عالميا، والأولى عربيا في استهلاك الذهب والمجوهرات، وذلك يؤكد ان مستقبل هذه الصناعة مشرق وواعد.

الحكمة لإدارة العمل

@ ما المبادئ الاستراتيجية التي انطلقتم منها لتحقيق اهدافكم؟

- الحكمة في الادارة هي اساس النجاح في اي مشروع اقتصادي، وقد حرصت منذ سنواتي الاولى في العمل ومن خلال دراستي على بناء استراتيجيات مالية تعمل على تكوين العديد من الاحتياطيات والمخصصات المالية لمواجهة اي اخطار تواجه قطاع الذهب والمجوهرات.

اقتصاديات المرأة

@ ما الذي دفعكم لإنشاء مصنع نسائي وهو تجربة لا تخلو من عنصر المغامرة؟

- انا على قناعة بانه ليس هناك اقدر من المرأة تعاملاً مع المعدن الثمين، ولايماني بأن المرأة السعودية لديها القدرة على الابداع والتطور انشأت مصنع الكوثر النسائي ليكون من اوائل المصانع الرائدة في المملكة، والذي يستقطب افضل المبدعات والاداريات والعاملات السعوديات في هذا المجال، وقد تقدم للعمل به 11الف فتاة انتقينا منهن 50فتاة هن اللائي يدرن المصنع ويشرفن على خطوط انتاجه وتوظيفهن تم بالتنسيق مع صندوق تنمية الموارد البشرية وبرنامج الأمير محمد بن فهد لتأهيل وتوظيف الشباب السعودي.

الواجبات الوطنية

@ لكم مساهمتكم الواضحة في الفعاليات الوطنية والاجتماعية.. ما منظورك لما قدمته من اسهامات؟ وما الواجبات التي يجب ان يضطلع بها رجال الأعمال؟

- ما من شك في ان على رجال الأعمال مسؤوليات وواجبات وطنية كثيرة ينبغي ان يضطلعوا بها لخدمة وطنهم ومجتمعهم، ومن جهتي فأنا حريص كل الحرص على المشاركة والاسهام في اي فعالية تهم المجتمع، ولذلك كانت مشاركتي في فعاليات حملة (يكفي) المرورية دعماً لهذه الحملة الوطنية التي استهدفت التوعية بأخطار السرعة واتمنى ان تنتهي هذه الحوادث التي تحتاج لدراسات مستفيضة لعلاجها.

كما انني حريص على تطبيق السعودة في مشروعاتي كلها وقد بلغت نسبتها 48.6% من اجمالي الأطقم العملة لدي و100% والمصنع النسائي هدفه ليس ترويجياً ولكن اجتماعياً هدفه خدمة المرأة السعودية.

واجمالا فإنني احد ابناء هذا الوطن الذي له كثير من الأفضال علي ولذلك فإنني من هذا المقام ارفع آيات الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - الذي اعتمد خططا تنموية ومشروعات اقتصادية كبيرة فتحت الأفق واسعاً لاستثمار وتطوير الاقتصاد الوطني واسهمت في تعزيز قدرات رجال الأعمال في البناء والتنمية، فالملك عبدالله - يحفظه الله - يحمل آمال وطموحات شعبه باخلاص وحب عميق بشكل يتجلى في المشروعات التي افتتحها ووضع حجر الأساس لها في جميع مناطق المملكة بهدف دعم برامج التنمية وتحقيق رفاهية المواطن، ولا اقل من ان ننخرط في اداء واجباتنا كرجال اعمال ومستثمرين في الاسهام في تحقيق طموحات المليك في البناء والتنمية.

@ وكيف تنظر لواقع ومستقبل المنطقة الشرقية؟

- المنطقة الشرقية واحدة من اهم المناطق الصناعية في العالم، ورجال الأعمال بها عليهم مسؤولية تجاهها وتجاه أميرها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد الذي يملك طموحات واسعة يسعى لتحقيقها من اجل تطوير المنطقة بتضافر جهود جميع رجال الأعمال.

الاقتصاد السعودي

@ ما تأثير احداث 11سبتمبر على واقع ومستقبل النشاط الاقتصادي في المملكة؟

- هذه الاحداث اسهمت في عودة كثير من رؤوس الأموال المهاجرة والتي يدورها اسهمت في تنشيط كثير من القطاعات وفي مقدمتها العقار، ولا اتصور ان هناك استفادة منها على الصعيد الشخصي، ولكن بشكل عام اعادت اموال الى المنطقة، وان كانت هناك من سلبية فهي طبيعة الصورة السلبية التي يحملها الغرب تجاه مجتمعاتنا العربية.

السوق العقاري

@ نمو وتطور السوق العقاري وأنت صاحب استثمارات فيه، الى ماذا تعزوه؟ هل هو فعلاً الحاجة الى الوحدات السكنية؟

- السوق العقاري جزء من الاقتصاد الكلي الذي يشهد نمواً وتطوراً تاريخياً بفضل سياسات وخطط خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله -، ولذلك من الطبيعي ان تتوفر المعطيات اللازمة لازدهار وانتعاش السوق، فضلاً عن تأثير استراتيجية المجتمع والبيئة، وظهور قوانين استثمارية محفزة فتحت شهية المستثمرين والافراد للاقتراض من البنوك بأقساط ميسرة تساعدهم في بناء مساكنهم، وكل ذلك كفيل تنشيط سوق العقار، اما بالنسبة للوحدات السكنية فتحسب الدراسات هناك حاجة متزايدة للوحدات السكنية تتناسب مع النمو السكاني وقدوم المزيد من الافراد الى المملكة سواء بهدف العمل او الاستثمار.

سوق الأسهم

@ سوق الأسهم غامض واصبح سبباً لانهيارات كثيرة لحقت بالأفراد.. ما تفسيرك لذلك؟

- منذ عام 2001خرجت من السوق لأنه بدون قاعدة، وكما هو سوق ناشئ فالمضاربون في ناشئون ويعملون بدون نظام، ولذلك من الطبيعي ان يفقد السوق لثقة المتعاملين، مما يجعل قفزاته غير مستقرة ويجعله مخيفاً وغير محفز للعمل فيه.

وكثيرة هي السلبيات التي تصاحب الأداء في سوق الأسهم، فهناك عدم ثقافة بتقادير البيع والشراء، وعدم قدرة على التفكير واتخاذ مواقف صحيحة وحاسمة تجاه عمليات المضاربة، وأنا ليس لدي استعداد للدخول في مغامرات غير محسوبة، او التحرك في ارضية غير صلبة ومعرضة للانهيار في اي وقت، ويعكس البورصة العالمية التي اجد فيها عمل منظم دون مجازفات او مغامرات.

ولكن عموماً اتوقع ان يستقر السوق ويعود الى مستوياته الطبيعية التي تتناسب مع حجم وثقل الاقتصاد السعودي الذي يعتبر الاقتصاد الأقوى والاكبر والأكثر نشاطاً ونمواً مقارنة باقتصاديات دول المنطقة.

المنافسة العالمية

@ هل تخشون منافسة عالمية في نشاطكم التجاري بعد انضمام المملكة العضوية منظمة التجارة العالمية؟ وكيف تنظرون لمميزات وسلبيات الانضمام على الاقتصاد السعودي؟

- بالعكس، ذلك يفتح للمنافسة وتجديد العمل والمنتجات، ومنتجاتنا ولله الحمد ذات جودة عالية وعالمية وفقاً للمعايير الدولية، وسبق ان جعلنا على كثير من شهادات التميز الدولية، فنحن موجودون عالمياً ولنا اسواقنا ولا نخشى الانضمام للتجارة العالمية التي اتوقع ان تفتح لنا اسواق اضافية بشروط تفضيلية مميزة، وعليه فلا سلبيات لهذا الانضمام وانما مزايا وايجابيات بإذن الله، والحمد لله لنا تجاربنا في التعامل مع الاسواق الدولية في مختلف المجالات.

لا يوجد بطالة

@ كيف تنظرون الى التحديات التي تواجه السوق السعودي على صعيد البطالة، وتأهيل مخرجات العملية التعليمية لسد احتياجات السوق من العمالة الاجنبية؟

- البطالة حالة سائدة في كل اقتصاديات دول العالم المتقدم منها والنامي، وهي لدينا ليست بالأمر المزعج، فالدولة من خلال مؤسساتها المختلفة تعمل وتجتهد لتقليص معدلاتها، والباب مفتوح امام الشباب للعمل وتطوير قدراتهم، ولكن احد ابرز اسبابها من الشباب انفسهم بسبب انتقائيتهم للأعمال، فقانون السوق لا يسمح بذلك، وعليهم العمل في اي مجال لاكتساب خبرات وتطوير انفسهم، وللقطاع الخاص ايضاً دوره الوطني والاجتماعي في دعم هؤلاء الشباب وتدريبهم ومن ثم توظيفهم.

ولاشك ان المعاهد الفنية والكليات الجامعية تلعب دوراً مهماً في تخريج شباب بحسب حاجة السوق العمل وابداع مناهج تناسب هذا السوق.

جيل الشباب

@ ما نصائحكم لجيل الشباب المقبل على النشاط التجاري؟ ولماذا فشل الكثير منهم في هذا المجال؟

- العزيمة والاصرار هما اهم ما يجب ان يتسلح به المتعلم منهم وغير المتعلم، فالمساحات الاستثمارية لاتزال كبيرة، وبحاجة لمجهوداتهم وافكارهم وطموحاتهم بعيداً عن المغامرة التي تختلف عن التجريب، وقد فشل بعضهم لأنهم غامروا دون ان يفكروا، او يخططوا ويدرسوا ويتعرفوا على جدوى المشروعات التي قاموا بإنشائها، فخسروا وسقطوا وخرجوا من السوق دون عزيمة، وباستسلام للخسارة في حين ان العمل التجاري يقوم على الربح والخسارة، ويمكن ان تخسر مرة ومرتين ولكن يمكن ان تربح بالاستفادة من اسباب الخسارة وتلافيها في عمل او مشروع تالي.