الركود الاقتصادي يجبر أوبك على اتخاذ سياسة واقعية
الملف النووي الإيراني وراء استمرار أسعار النفط إلى 70 دولاراً
محمد العبدالله (الدمام)
قال خبراء اقتصاديون.. ان التوتر السياسي المستمر في المنطقة يشكل العامل الرئيسي وراء استمرار اسعار النفط فوق مستوى 60 دولاراً للبرميل ووصوله الى 70 دولار .. فالإصرار الايراني على مواصلة التخصيب وعدم الرضوخ للضغوط السياسية التي تقودها الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية.. تدفع باتجاه استمرار الاسعار الحالية. مؤكدين ان التوصل الى حلول سياسية لإنهاء ازمة الملف النووي الايراني .. ستعيد الاسعار لمستويات دون مستوى 55 دولاراً، خصوصاً ان الزيادة التي تقدر 5-7 دولارات تأتي كنتيجة للمخاوف من اصابة الاقتصاد العالمي بالشلل في حال نفذت طهران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز.. مما يعني قطع امداد الطاقة لدول العالم.
قال د. محمد الرمادي استاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.. ان السياسة المعلنة لاوبك بإبقاء سقف الانتاج الحالي دون احداث تغييرات جوهرية سواء بالنسبة للزيادة او التخفيض تأتي كاستجابة طبيعية للمستجدات العالمية التي ستنعكس سلباً على مستقبل الاسعار في حال عمدت اوبك لزيادة سقف الانتاج.. مشيراً الى ان الاقتصاد الامريكي يشهد مؤشرات سلبية بالدخول في ركود.. مما ينعكس على الطلب العالمي من النفط.. لا سيما ان الولايات المتحدة تستهلك النسبة الكبرى من النفط المصدر للعالم.. بالاضافة لذلك فإن الاقتصاد الاوروبي يعيش حالة من المخاض العسير.. مما يجعله مرشحاً للدخول في دورة الركود الاقتصادي خلال الفترة القادمة.. مؤكداً ان الصين والهند اللتان تعتبران من اكثر البلدان الآسيوية نمواً.. شهد اقتصادهما تراجعاً في نسبة النمو خلال الفترة الاخيرة.. لا سيما ان بكين ونيودلهي تعتمدان على تصدير منتجاتهما للاسواق الامريكية والاوروبية.. وبالتالي فإن حالة الركود في امريكا واوروبا تنعكس بصورة مباشرة على معدلات النمو في اقتصاديات الصين والهند.. بمعنى آخر فإن اوبك مضطرة للتعامل بواقعية مع المستجدات العالمية والتطورات الاقتصادية للابقاء على المكاسب التي حققتها خلال السنوات الثلاث الماضية والتي ساهمت في ابقاء اسعار النفط فوق مستوى 50 دولاراً للبرميل.
وتوقع ان تواصل اوبك سياستها الحالية حتى الربع الاخير من العام الجاري.. لا سيما ان معدلات الطلب العالمي تنخفض خلال فصل الصيف.. بينما تبدأ وتيرة الطلب العالمي في الارتفاع مع دخول الربع الاخير.. مما يعطي اعضاء اوبك مجالاً للمناورة للتعاطي مع ارتفاع الطلب على الطاقة عالمياً.
وقال د. عبدالله آل ابراهيم استاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ان العامل الاساس وراء ارتفاع اسعار النفط في الايام الماضية يكمن في عدم الاطمئنان من استمرار تدفق النفط للاسواق العالمية القادمة من منطقة الخليج، خصوصاً في ظل التوتر الحاصل بين ايران والولايات المتحدة بشأن ملفها النووي، فالتخوف من نقص الامدادات يمثل عنصرا حيويا في استمرار تصاعد الاسعار، لا سيما ان طهران هددت في اكثر من مناسبة من لجوئها لإغلاق مضيق هرمز، الامر الذي يمهد الطريق امام صعود الاسعار لمستويات كبيرة في حال اقدمت ايران على تنفيذ تهديدها.
وأوضح د. علي العلق استاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ان استمرار ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية مرتبطة بشكل مباشر بما يجري في العالم من احداث سياسية واقتصادية فضلاً عن الكوارث الطبيعية التي تشهدها بعض المناطق العالمية. بالاضافة لذلك فإن عجز مصافي تكرير النفط في الولايات المتحدة في تلبية الاستهلاك المحلي، يمثل عامل ضغط كبير على اسعار النفط في الاسواق العالمية، خصوصاً ان الولايات المتحدة تعتبر المستهلك الاكبر على المستوى العالمي، كما تعتبر الدولة الاولى من حيث الطلب العالمي من النفط.
وقال ان غياب الاستقرار السياسي في بعض الدول المنتجة في الشرق الاوسط خصوصاً عدم الاستقرار السياسي والامني في العراق، فضلاً عن التوتر السياسي الامريكي الايراني بسبب الملف النووي وكذلك اقتراب فصل الصيف الذي ترتفع فيه معدلات الاستهلاك في الاسواق الامريكية.. تمثل عوامل مساعدة في استمرار الاسعار الحالية، مستبعداً في الوقت نفسه انخفاض الاسعار لمستويات دون 60 دولاراً على المدى القريب والمتوسط.