رد: الملف الصحفي للتربية والتعليم الخميس 25/6
الجزيرة : الخميس 25 جمادي الأخر 1430هـ - 18 يونيو 2009م - العدد 13412
جداتنا في المدارس!!
هدى عبدالرحمن المشحن
حدثتني أم بمرارة عن مستوى ابنتها في الصف الثاني المتوسط، وأخذت تبسط جوانب إخفاقها في كثير من المواد حتى أسهبت وكادت أن تصل إلى أن للإدارة دورا في تدني مستوى ابنتها!!. محدثتي حاصلة على درجة بكالوريوس لغة عربية، ومتقاعدة منذ سنتين. وعندما كنت لها خير مستمعة قالت: إن ابنتي تمتلئ واجباتها بالأخطاء سواء في الكتابة أو المعلومة. وما أكثرها في مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية، وإن تحدثت عن مادة القواعد فحدثي ولا حرج!!. وكل هذا أثر في تدني مستواها علماً أنها ذكية، وممتازة، وعندما تابعت أسباب هذا الكم الهائل من الأخطاء - الحديث للأم - اكتشفت السبب وحقاً بطل العجب! فمعلمات ابنتي ممن تحطين في أعمارهن الخمسين - أطال الله في أعمارهن - بل إحداهن هي مدرستي في مثل صف ابنتي في المرحلة المتوسطة - الكلام للأم -. ومما يعلمه الجميع أن المرء عندما يبلغ الأربعين أو يشارفها إلا ويبدأ يفقد كثيرا من وظائفه الحيوية كالسمع والبصر، والقوة، والتركيز، والنشاط، و.. فما بالنا إذا كان هذا الإنسان امرأة عاملة وتعمل معلمة. فإن الجهد الذي تبذله المرأة في دورها الأساسي كامرأة وأم ويضاف إليه جهد التعليم والتربية والخروج اليومي. كل هذا كفيل بأن يجعلها تشيخ مبكراً وأن تفقد الكثير من حواسها. وإن اتكأنا على أسلوب التعامل ومرونته واتقاد الفكر ونضارته، فسنجد العجب في تلك الهوة بين هؤلاء العجائز(*) وبين طالباتهن. ألا يكفي أن أغلبهن جدات!! وهذا ليس تقليلاً لشأن الجدات ولكنها حقيقة العجز في الجدات!! فحدثتني تقول على لسان ابنتها: إن المعلمة - الجدة - توكل الكتابة على السبورة لإحدى الطالبات وكذلك تصحيح الدفاتر نظراً لضعف جهدها وبصرها وإن لبست نظارة القراءة. ولم يكن نظام التقاعد المبكر لعشرين عاماً عبثاً، فهو نتاج لدراسة تخلص بأن الطاقة والحيوية والعطاء الكامل في هذه العشرين تزيد عام أو تنقص عاماً. وما سواها فهو تحصيل حاصل، فلِمَ المخاطرة بالجيل تبعا للهوى والرغبة في أن نعمل أو لا نعمل ويجب النظر لمضار عمل الكبيرات لا فوائد التقاعد!
نعم: هناك معلمات - جدات - أرامل ومطلقات وعوانس ومحتاجات..
ولكن لِمَ لا يسري عليهن البحث في ظروفهن كما هو معمول في مؤسسة الضمان الاجتماعي لبقائهن أو إعفائهن إعفاء إجباري. وهناك حقيقة غائبة أنه ليس كل مطلقة أو أرملة محتاجة إلى العمل فوالله أنه لكثير منهن أحسن ممن لها عائل أو زوج، والواقع خير شاهد، على أن يكون هذا الإجراء منقذاً لكثير من الخريجات المؤهلات علماً وتميزاً، المتقدات نشاطاً وحيوية، المحتاجات إلى العمل مالاً ووقتاً. فإلى متى؟!
وبلسان الجيل نقول: للمعلمات الجدات، والكبيرات سناً وقدراً، بارك الله بكن على ما قدمتموه في مرحلة الشباب من جهد وعطاء، ووقتكن الآن ملك للأحفاد، ولنا في المعلمات الجدد الشابات خير خلف لخير سلف.
|