رد: الملف الصحفي للتربية والتعليم الخميس 25/6
الاقتصادية : الخميس 25 جمادي الأخر 1430هـ - 18 يونيو 2009م - العدد 5729
تفعيل معامل المدارس لنجاح خطط التعليم التنموية (1)
د. فهد أحمد عرب
بمراجعة سريعة لبعض الإحصائيات الموفرة على موقع وزارة التربية والتعليم التي لا توجد على موقع مصلحة الإحصائيات العامة اتضح أن أعداد المعامل في المدارس في مراحلها المختلفة لم تدرج مثلما أدرجت الفصول وأعداد المعلمين والمعلمات والمدارس بأنواعها ومراحلها المختلفة. قد يكون المعمل لدى الوزارة فصلا دراسيا ولكن في هذه الحالة محتويات هذا الفصل من تجهيزات ومواد وعينات وأثاث، إضافة إلى محضري المعامل لا يعرف ماهيتها ولم تحدد لعمل الدراسات حول قياس نتائج استخداماتها وتأثير ذلك في المستوى العلمي وحجم الاستهلاك والاحتياج بناء على النمو المطرد في أعداد الطلاب وأساليب التعليم الحديثة. رسميا يجب ألا يكون غير هذين الموقعين مصادر لمثل هذه المعلومات لأنه إذا وجدت في منتدى أو مدونة أو أي موقع آخر، فلن يكون مصدرا معترفا بأرقامه التي تعتمد عليها أي دراسات تطويرية أو خطط وطنية، إضافة إلى الأخبار والمواضيع الإعلامية. إذا كانت المعامل في المراحل الدراسية العامة غير مؤهلة أو لا يهتم بها فالمعامل في الجامعات ستكون حاملة لأعباء التعليم من "الصفر"!. هذا يعني تخريج نوعيات ضعيفة علميا ومهاريا يشكلون عبئا عمليا إذا ما أراد مسؤول الاعتماد عليهم دون فترة تدريب طويلة في التخصصات المهمة مثل علوم الأحياء والكيمياء الحيوية وعلوم الأرض أو البيئة أو الفلك أو باقي العلوم التطبيقية، وهذا في نظري يحتاج إلى إعادة نظر. إن المعامل التي ستركز على كثير من التجهيزات التي تحتاج إليها لفحص العينات المختلفة، وتعتمد على التقنيات الحديثة للتواصل مع الأجهزة المحمولة المستخدمة في مراقبة السلع والمستهلكات تجاريا، تحتاج إلى كوادر تتمتع بعقول متقدة وأياد مدربة ومحترفة وحضور ذهني دائم أثناء العمل، وإذا ما تمكنا من الاستفادة من المراحل التعليمية الأخيرة من التعليم العام فإننا نضيع فرص الاستفادة من أفضل الأعمار في التقبل والاستيعاب، ومن ثم الإنتاج من عمر الطلبة عتاد وعدة المستقبل. لقد كانت فعاليات الملتقى الأول لمشروع تفعيل المختبرات المدرسية في العملية التعليمية على مستوى المملكة (الذي أقيم في جدة)، تبشر بفكر جديد في كيفية تناول مواضيع تطوير التعليم. فقد خرج الملتقى بإحدى عشرة توصية، كان أهمها: (1) اعتماد تصميم موحد للمختبرات المدرسية مساحة وتأثيثا وتجهيزا حسب المرحلة التعليمية. (2) تخصيص ميزانية مدروسة لاحتياجات المختبرات. (3) تجهيز المعامل بوسائل السلامة والأجهزة المختبرية، وتفعيل استخدام التقنيات الحديثة. (4) توفير وتدريب الكوادر البشرية لتلبية حاجات التطور التقني التعليمي. (5) إعداد أدلة معتمدة للمواصفات والتشغيل والصيانة يراعى فيها التحديث المستمر. من وجهة نظر شخصية إذا كان هذا أول ملتقى كما قرأت، فالمناطق المجتمعة فعلا استفادت من رؤى بعضها بعضا وسيكون القادم أجمل وأفضل حراكا علميا وإداريا وفنيا، وسيكون نقطة تحول يفضل أن تتكرر، مع شكر المنطقة على هذه البادرة التنموية فعلاً. لقد دأب كثير من الدول الغربية وبعض الدول الشرقية، على التنسيق لإقامة ورش عمل أو إلقاء محاضرات أو عقد دورات من خلال الإدارات المحلية، للمدرسين والمدرسات؛ ليجددوا معلوماتهم في تخصصاتهم وبالذات في تقنيات العمليات الحيوية والتخصصات العلمية العملية الأخرى. الهدف منها هو إطلاع المدرس/ المدرسة على كل جديد في هذا التخصص حتى ولو لم يكن المسار الذي اختاره أصلا لتخصصه. من ناحية أخرى، جعل المدرس يتعلم ويعلم في الوقت نفسه. لقد تأكد بالدراسات المثبتة أن المدرس يعود للمدرسة فيستفيد أكثر مما يتوافر من معامل وتجهيزات ويحرك الإدارات المعنية لتحديث المعامل وأساليب التعليم. كما يكون عاملا منشطا للعقول القابلة للاستيعاب الكبير في الأعمار بين 15 و18 عاما، ويجذب أكبر عدد ممكن من الطلاب بدلا من قضاء ثلثي وقتهم أمام التلفاز أو يجوبون الشوارع. كما تعلمنا "التجربة أكبر برهان"، فلماذا نتردد في تعليم الطلاب بحجة خوفنا عليهم، أو كوننا في مرحلة انتقالية من تغيير المناهج، أو نريد أن ننتهي أولا من برامج تدريب المعلمين، أو غير ذلك من الأسباب؟ ألسنا قادرين على تفهم حجم أي مخاطر بناء على المنهج ونوع التجارب والبرامج المخصصة للتعليم لنوفر لها الإمكانات والأدلة الاسترشادية؟ في الواقع لن أتحدث عن أهمية المعامل والتجارب، في تنمية المهارات، والفكر، وإعداد الطلاب معرفيا؛ لإدارة حياتهم بشكل منظم ودقيق. ولكن يمكن أن أضع أسئلة قد تنشط حركة الاهتمام بالمعامل بشكل يليق وتطور التعليم على مستوى العالم. في البداية لا بد أن نستوعب ما نشره "ديوي" في أبحاثه حيث قال في بحثه Democracy and Education في عام 1997م حيث قال: "المدرس الجيد يعطي الطالب شيئا ليفعله لا شيئا ليتعلمه، هذا العطاء لا بد أن يتطلب منه التفكير". أما ما نشر حاليا فالباحث "بالارد" أشار في أحد أبحاثه عام 2005م، إلى أن التنمية في هذا الاتجاه تتطلب منا المعرفة والوعي بما يدور حولنا وما المتطلبات في هذه المرحلة. هذا جعل "أُولجا قريني" في عام 2008م يقوم ببحث حول موضوع التنمية المستدامة والتعلم عن طريق التجربة والمعمل في المدارس الثانوية، راجعا فيه إلى أكثر من 30 بحثا علميا يوصي معظمها بأهمية إيصال الرسالة عبر المعلم من خلال التطبيق العملي والتجارب العلمية. وللحديث بقية.
|