أخــبـــار ومنــوعـات ليـوم الاحد 13 ذو القعدة

[صقر قريش]

الكرسي الخبيث

سلامة الزيد
هل تصور أحدكم ذات يوم أنه يحاور كرسيا؟
أنا فعلت .. لكنه ليس أي كرسي .. أنه «الدوار» بالذات، حلم معظم الشباب وجنون الطامحين إلى سدة «الهامورية».
التقيته صدفة في مزاد علني بعد سنوات من الاحتمال .. كان شامتا .. حانقا على المدير الجديد .. والمبنى الجديد المؤثث .. لذلك كانت استجابته أسرع مما توقعت .. وصراحته أكثر مما أردت الخروج به .. فالكراسي تعلمت النفاق!
قلت غير مصدق .. حدثني عن نماذج ممكن استرخت في أحضانك.
اعتدل في جلسته .. تنحنح بعد أن أحس أن شيئا من هيبته وقيمته قد عادت إليه، وقال: الفاشلون هم الأكثر تمددا في أحضاني لذلك سأبدأ بهم دون ترتيب.
هناك فاشل أناني لا يحب إلا نفسه .. الحق والعدل والظلم والشر والفضيلة ... إلخ كلها يزنها بميزان هواه .. يرى نفسه وصيا على الجميع وكأنه يستخدمهم في مؤسسة خاصة استبعد من مركزه بترقية!
فاشل حاقد .. يكره حتى نفسه .. لا يحب أن ينجح أحد من موظفيه .. نفسيته مريضة لاعتبارات تربوية واجتماعية .. يفرح عندما يضع العراقيل أمام موظف مبدع .. يستمتع في إحباط أي عمل متميز.
فاشل موسوس .. لا يثق في نفسه ولا في من حوله يعمد إلى بث مرضى نفسيين، أو بتعبير أحدث «جواسيس» بين موظفيه لتلقف كل كلمة تقال إلى سعادته ولك أن تتخيل النتائج «يستقعد لهم»!
فاشل جاهل لا يدري عن الإدارة شيء والمصيبة لا يدري أنه لا يدري.
وعلى رأي المثل «شين وقواية عين!» إدارته تستحيل إلى مين يرقص على جثمانه.
فاشل طموح، طموحه ليس على مقاسه يعمي عينيه تعجله الوصول إلى مأربه فيرتكب مزيدا من الأخطاء مخلفا وراءه الضحية تلو الضحية .. يقرب الأصفياء والأقارب والأصهار .. يتعامل مع إدارته كملك خاص .. أبناء مدينته أو قريته أولى بالمراكز متعاميا عن أية اعتبارات وطنية أو وظيفية أو إنتاجية وكأن العملية «فزعة» وبقية أبناء الوطن غير منتجين.
فاشل مغرور رضاه وتطييب خاطره فوق كل اعتبار .. يرى أنه أكبر من مركزه .. لكن تواضع فقبله!
إذا أردت انتدابا أو ترقية أو علاوة عليك أن تصبحه وتمسيه .. وإذا انتظرته عند بوابة الإدارة لتحييه أو تودعه وهو في سيارته تكون أوفر حظا.
فجأة غص الكرسي بريقه فأسرعت لإحضار بعض الماء، كنت متلهفا لسماع المزيد .. وعندما عدت كانت المفاجأة .. لم أجد سوى مكانه.
تلفت يمنة ويسرة .. ذرعت الحراج بالطول والعرض بلا جدوى ولم أجد سوى الماء يبرد غليلي وتعبي.
عدت أسأل نفسي .. ترى هل استمع إلى حديثنا أحد «الهوامير» المعنيين فأراد إسكات الكرسي عن مزيد من البوح.