ايكنوميات
الأسهم تثقب حقائب الصيف
علي القحيص
تجرّعت سوق الأسهم المحلية السعودية والخليجية في العام الميلادي المنصرم الخسارة الأكثر فداحة وألماً، لتنهي عامها الأحمر بخسارةٍ إجمالية في مؤشرها بلغت 52.5%، فيما بلغت مقارنةً بأعلى قيمة وأدنى قيمة في المؤشر العام نحو 63%. كما خسرت من قيمتها السوقية خلال تلك الفترة أكثر من 1.9تريليون ريال، وشهدت سوق الأسهم المحلية والخليجية خلال الأشهر العشرة الأخيرة من عام 2006واحدةً من أصعب مراحل عمرها، وهي المرحلة التي شهدت تداعيات الانهيار الكبير في سوقٍ ظلّت تتنامى بصورةٍ غير مسبوقة في تاريخها الممتد لأكثر من عقدين، حيث حقق مؤشرها العام آنذاك معدل نمو تراكمي فاق 719% خلال الفترة من بداية 2003إلى ما قبل انهيارها بعد 25فبراير
2006.إن ما حدث ليس أمراً طبيعياً يمكن حدوثه في أي سوق مالية في العالم، فما جرى كان نتيجة لأخطاء فادحة ارتكبت أو ألاعيب نجهلها ويتقنها المختصون،أدّت مجتمعة إلى هول الانهيار المالي في السوق بهذه النسبة الكبيرة رغم ارتفاع أسعار النفط والفائض في ميزانية الدول الخليجية.
هذا وقد اختلفت واتفقت الآراء والتحليلات الباحثة عن آلية للخروج من هذا المأزق الكبير الذي ألمّ بسوق مالية تستوعب مدخرات أكثر من 3.6ملايين مستثمر، وقد أصدرت قرارات كثيرة وإجراءات عديدة وكانت ولاتزال تستهدف إيقاف النزف وشلال الانهيارات والخسائر المتتالية، ولكن حتى الآن لا توجد مؤشرات أمان تجعلنا نوقن بأن ما يحدث مجرد (سحابة صيف) عابرة تمرّ بسوق الأسهم السعودية والخليجية، بل ربما تلك الهزات المتتالية تعتبر بمنزلة إعلان طوارئ عن كارثة مالية قد تعصف بالجميع!
خصوصا من الذين تأثروا بحركة السوق وأقحموا كل مدخراتهم لجلب الأرباح السريعة ووضعوا (البيض في سلة واحدة) وأتى من أتى وبطش بالسلة ومابجعبتها ليتفقس البيض وتتفتت السلة!
انهيار السوق السعودي في هذه الأيام مرة أخرى، والذي وصل الى أدنى مستوى وتداولات هزيلة،وغطى اللون الأحمر كل تفاصيل جلسات السوق السعودي باستثناء سهمين من الحالة العامة،وقد سجل المؤشر تراجعا قويا بواقع 212، 71نقطة وبنسبة 3% الى أن وصل مستوى 6861، 8نقطة وعلل بعض المحللين الماليين هذا الانهيار المفاجئ للسوق بالاكتتابات في الإصدارات الأولية لشركات سعودية عملاقة، ومع نهاية اختبارات الطلاب وإرتفاع حرارة الصيف اللاهبة، واستعداد من كان ينوي أن (يخمط) تحويشتة (الصيف) من سوق الأسهم، لكي يؤمن له ملاذا آمنا في مكان ما.. مسترخيا بعيداعن زحمة العمل ومبتعدا عن لهيب الصيف الحارالذي أتى مبكرا وبحرارة أشد وأقسى من العام الماضي، ولكن أتت الأسهم أيضا حامية الوطيس، شاهرة سهمها الأحمر الملطخ بخسائر ريالات المستثمرين الصغار لتثقب الجيوب وتخرج بما فيها عنوة، وتفرغها من (مصروف الإجازة الصيفية) والمعول عليها أن تكون هناك (تمشية.. وشمة هواء) بعيدا عن ضجيج المدينة وزحمة السير وشكاوى المراجعين وعويل وصراخ أبناء الحارة بعد عطلة المدارس، وهم يدحرجون كرة القدم نصفها ممزق من هول الضرب بلا رحمة والنصف الآخرملطخ من دماء (فناقر) بعض الأولاد الذين يفضلون اللعب حفاة أو لم تسمح لهم الظروف بإرتداء حذاء رياضي جديد يغطون به أقدامهم (المفطرة)، وقد فكر البعض منا في ممارسة طريقة (الطيور المهاجرة) التي تصيف في جنيف وباريس وتقضي فصل الخريف في البراري الدافئة.. ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهيه السفن ولتثبت حقائب سفرالصيف في القاع!!