الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > الأقسام الــعــامة > منتدى الاقتصاد والمال

 
منتدى الاقتصاد والمال ما يختص بمتابعة الأسهم والمواضيع الاقتصادية العامة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-22-2008   رقم المشاركة : ( 23 )
عثمان الثمالي
ثمالي نشيط

الصورة الرمزية عثمان الثمالي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 30
تـاريخ التسجيـل : 13-08-2005
الـــــدولـــــــــــة : الطائف
المشاركـــــــات : 35,164
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 30
قوة التـرشيــــح : عثمان الثمالي محترف الابداع


عثمان الثمالي غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاحد18/ 6/ 1429 هـ الموافق22/ 6/ 2008 م

التحليل التاريخي يبرئ "أوبك" من أي اتهام بالاحتكار ورفع الأسعار
الاقتصادية السعودية الاحد 22 يونيو 2008 7:13 ص




د. راشد أبانمي

منذ إعلان السعودية رسميا الدعوة لعقد اجتماع عالمي في جدة لمواجهة قضية ارتفاع أسعار النفط غير المسبوقة، وسعيا للتوصل إلى إجابات منطقية وواقعية عن حقيقة ما تشهده الأسواق النفطية، حاولنا في سلسلة من المقالات التعمق وتسليط الضوء على العوامل المؤثرة في أسعار النفط وتفنيدها بموضوعية تامة واجتهدنا وأبدينا رأينا المتواضع في بعض الحلول الممكنة أو على أقل تقدير توضيح إمكانية التكيف معها، وأبدينا المقترحات التي رأينا أنه من الواجب علينا جميعاً كمنتجين ومستهلكين التعامل مع هذه النعمة العظيمة التي حبا الله بها البشرية جمعاء. وللتوصل إلى حلول لهذه المشكلة وإمكانية توجيهها لدعم التعايش السلمي والسلام العالمي وديمومة نمو الاقتصاد العالمي الذي تشكل قوامه الآن نتيجة للتقدم الهائل في العلم والتقنية والذي يوجب على جميع شعوب العالم الحفاظ على ديمومته وسلامته.


على الرغم من صعوبة التكهن حول ما يمكن أن يصدر أو لا يصدر عن هذا الاجتماع المهم هذا الأسبوع، إلا أن إحدى إيجابيات الاجتماع بدأت بوادرها تتحقق، وهي التفاعل الدولي للمبادرة نفسها وقبولها بشغف وامتنان من أكبر المستوردين لها حيث تم الإعلان رسمياً عن مشاركة 35 دولة في الاجتماع من خلال رؤساء حكومات ووزراء النفط وكبار المسؤولين، إلى جانب حضور ممثلين عن أكثر من 25 شركة نفطية عالمية، وسبع منظمات دولية من بينها الأمانة العامة لمنتدى الطاقة، و"أوبك"، ووكالة الطاقة الدولية، والمفوضية الأوروبية للطاقة وصندوق النقد الدولي.

والإيجابية الثانية التي يمكن أن يسفر عنها الاجتماع فتتضح في جدول أعمال الاجتماع المعلن للقاء الذي ستقوم به السعودية ووكالة الطاقة الدولية ومنظمة "أوبك" ومنتدى الطاقة الدولي، كلهم سوياً سيقدمون ورقة مشتركة للمؤتمر حول الوضع الحالي لأسواق النفط مما ينبئ عن التعاون الدولي والعمل المشترك بين المنتجين والمستهلكين بخروج نتائج إيجابية من ذلك العمل المشترك الذي سيضمن استقرار الاقتصاد العالمي.

أما الإيجابية الثالثة والتي من المحتمل أن تتحقق من طبيعة ذلك التعاون الدولي هي أن تكون فحوى الاجتماع وهدف المؤتمرين هو المكاشفة والمصارحة وتحمل المسؤولية من منطلق أنه كما لكل من المنتجين والمستهلكين حقوق فإن عليهم مسؤوليات وواجبات بحجم دورهم السياسي والاقتصادي والتقني أيضاً وفرز عملية توازن بين مصالح عموم المنتجين وعموم المستهلكين لأهم سلعة ناضبة وغير متجددة.


التعاون الإيجابي

ومن هذا المنطلقات الإيجابية، وبوادر التعاون الإيجابي فإن حل أزمة أسعار النفط يكمن أولاً وقبل كل شيء في طبيعة النفط نفسه وواقعه الذي بدأ يتجلى وهو الندرة النسبية. إن ارتفاع الطلب المتنامي على النفط وأعلى من قدرة الحقول الاستيعابية للإنتاج يؤدى إلى محدودية القدرة على الإنتاج من قبل الدول المنتجة، وفي ظل محدودية الاستكشافات النفطية في الوقت الحالي لتعويض ما فقد من إنتاج، فإن نظرية الندرة لهذا الاحتياطي تزداد كلما زاد معدل استخراج النفط، بينما تزداد تكلفة الاستخراج كلما امتد الاستخراج إلى احتياطيات ذات جودة أو نقاء أقل. وربما تتراجع القدرة الإنتاجية الحالية مما سيولد نقصا فعلياً في المعروض وسيكون من الصعب سده في المستقبل القريب إلا بتضافر الجهود العالمية والاعتراف بشكل علني وصريح بعامل الندرة النسبية للنفط في ظل استهلاك لا توازيه زيادة كافية في اكتشاف آبار جديدة والإسهام الفاعل في إيجاد الحلول اللازمة لهذه المعضلة أو الكارثة التي ستواجه البشرية جمعاء إذا تركت من دون معالجة. وتأتي ضمن الحلول المقترحة في المقام الأول العناية والمحافظة على حقول النفط الحالية والعمل على إطالة عمرها الإنتاجي، كما أن على دول العالم تشجيع الاستثمارات في الاستكشافات والتنقيب وعلى والولايات المتحدة على وجه الخصوص رفع القيود على تنقيب النفط في المناطق الغنية بالنفط وإنهاء التشريعات والقوانين الفيدرالية الأمريكية التي تفرض الحظر الفيدرالي على التنقيب عن النفط في المناطق البحرية وعن التنقيب عن الصخر الزيتي وعن التنقيب في محمية الحياة البرية الوطنية الفيدرالية وفي محمية ألاسكا، وأهم من ذلك رفع حظر التنقيب في الجرف القاري الخارجي الأمريكي والتي تحظر التنقيب في أكثر من 80 في المائة من مساحة الجرف القاري الغني بالبترول والتي تعتبر الآن محظورة عن التنقيب بقوانين منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، كما أن على دول العالم الأخرى مثل الصين واليابان وكذلك الهند وأستراليا العمل على فتح مناطق للاستكشاف في مياهها كبحر الصين الجنوبي الغني بالبترول، وفي السواحل الهندية، وحول الساحل الأسترالي. إن الانخفاضات المتوالية في عمليات البحث عن البترول في الثمانينيات والتسعينيات بشكل كبير بسبب انخفاض أسعار البترول والزيادة الكبيرة في إمداداته نتج عنها التوقف شبه الكلي في البحث عن اكتشافات جديدة، والآن وبعد هذا التوقف الطويل تواجه دول وشركات البترول العالمية نقص قدراتها الهندسية والتصنيعية التي يشكلها كبر سن القوى العاملة، تواجه تكاليف متضاعفة في الاستكشاف والتنقيب وتكاليف أكبر في تطوير صناعة النفط في ظل المنافسة الحادة على موارد الطاقة. كما أن على كندا والتي تنتح ما يقارب أربعة ملايين و200 ألف برميل يومياً بينما تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية على صعيد الاحتياطيات النفطية التي يقدر احتياطيها بـ 175 مليار برميل وبما تتمتع به حقول نفطها في ألبرتا "غربي كندا" من القدرة الإنتاجية، واجب تكثيف جهودها ورفع قدرتها الإنتاجية بما يتناسب مع احتياطياتها الهائلة. كما يجب التقدم في الاستثمار في تكثيف نسبة الاستخلاص النفطي في أعلى مصادر العرض تكلفةً، وهي اليوم الرمال النفطية في كندا.


الطفرة الاقتصادية

وفي المقالات الأخرى عرجنا على عامل الطفرة الاقتصادية والصناعية العالمية ودعم أسعار الطاقة وزيادة حجم الطلب لناتج عن توقعات بعوامل تنتمي للمدى البعيد الذي يأتي في مقدمتها النمو في اقتصادات الدول التي تشكل اقتصاداتها نسبة كبيرة من الاقتصاد العالمي، خصوصاً معدلات النمو المحققة في الدول المستهلكة الرئيسة كالصين والهند، ودول آسيا بما فيها دول الشرق الأوسط، حيث إن ازدياد الطلب بهذه الوتيرة في تلك البلدان سيصطدم لا محالة بمحدودية الإنتاج، وحيث إن هذا العامل من العوامل الأساسية التي تؤثر في زيادة حجم الطلب التراكمي، فإن من ضمن الحلول المقترحة العمل على تخفيف الضغط على استهلاك النفط وذلك بترويض الاستهلاك المفرط والترشيد في الاستهلاك النفطي بين دول العالم قاطبة والعمل الجاد على توعية الشعوب العالمية بعامل الندرة النسبية للنفطـ، وأن على حكومات الدول النامية عامة وعلى وجه الخصوص الهند والصين مهمة تبني سياسات من شأنها تهدئة وتيرة نموهما الاقتصادي المتسارع والعمل على تقليص استهلاكهم النفطي من خلال إلغاء الدعم على أسعار الطاقة والذي بلغ حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية مليارات الدولارات من الدعم سنوياً.

ومن ضمن العوامل التي من واجب دول العالم قاطبة والدول الكبرى على وجه الخصوص مواجهتها أيضا هو تخفيض حدة العوامل الجيوسياسية والأزمات والصراعات العالمية السائدة في أنحاء العالم وخصوصاً الصراعات التي تحوم حول منابع النفط ومضايقه المائية التي تنعكس على الاقتصاد العالمي وبالتحديد أسعار النفط،. وأنه على القوى الكبرى التي هي الآن الأكثر تضرراً من ارتفاع الأسعار دور فاعل على الصعيد العالمي لتخفيض أسعار النفط الخام وخصوصاً في بعض الدول المصدرة للنفط فالنزاع في العراق والملف النووي الإيراني والمشكلات الداخلية في فنزويلا وثوار الدلتا وما يثيرونه من قلاقل في نيجيريا، كلها أزمات بالإمكان الوصول إلى حل وسط مما سيسهم في تأمين عشرات الملايين الإضافية من النفط تضخ في السوق العالمية مما سيسهم بشكل كبير في تخفيض الأسعار.

وتبسيطاً في التحليل فإن تلك العوامل الأساسية تتركز في بؤرة من آليتين يمكن أن تعتبرا "متضادتين": واحدة تابعة للمستهلكين تتمثل في البورصات النفطية وما تمثله الآن "المضاربات" من تفاعلات مع تلك العوامل الأساسية التي أشرنا إليها وما يترتب عليه من ردود أفعال غير متزنة في بعض الأحوال وتربك السوق النفطية كما يحدث الآن، وآلية أخرى وبتركيبة قديمة تابعة للمصدرين تتمثل قي منظمة "أوبك"، وهنا وبالتحديد يجب علينا التوقف والتمعن هنا ليس من منطلق بائعين ومشترين لسلعة ما، بل بالتحديد كدول مصدرة وكذلك كدول مستوردة وذات سيادة كاملة ونتداول أهم عنصر من عناصر الطاقة النادرة والتي ترتكز عليها الحضارة البشرية، وهاهنا مربط الفرسين: "أوبك" و"المضاربين".

نعم، إن العالم كله يعي أن الوقت قد حان لإدخال إصلاح جذري على المنظمات والمؤسسات الدولية والتي تشكلت أثناء الفترة الغابرة بعد الحرب العالمية الثانية ـ ومن جانبنا فإنه من الضرورة إحداث تغييرات كبيرة في مفاهيمنا السياسية والاقتصادية لتتماشى مع الأوضاع العالمية حالياً. فلابد أن نتحلى بالصراحة ونعترف بأن عالم هذا القرن غير عالم القرون الماضية, ويختلف حتى عن السنوات القليلة الأخيرة من القرن الماضي، ومنذ انتهاء الحرب الباردة والملامح في الأفق تتجلى رويداً رويداً لتنبئ بعالم جديد، ومن بداية الألفية ونحن مقبلون على مرحلة جديدة وتحالفات متغيرة تتشكل وتفرز الآن تركيبة جديدة تختلف عن التحالفات العالمية التي كانت عليها منذ عقدين من الزمان فقط.

وبما أن المواجهة وحدة المواقف لن تؤدي إلا إلى مزيد من الأزمات التي نحن الآن في غنى عنها, التي بالطبع ستضر بالجميع، فإنه والحال كذلك، يجب علينا النظر إلى ما هو الأصلح والأجدى وأن نمتطي صهوة التغيير ونكون في المقدمة مع الفاعلين والمتفاعلين أفضل من البقاء في المؤخرة, وتلقي الأوامر وتنفيذها تعسفاً وجبراً دون إبداء وجهة نظر.

فلا جدال أن سوق النفط ومنتجي النفط, بصورة عامة, ومنظمة أوبك, وأعضاءها, بصورة خاصة, تمر حالياً بفترة عصيبة جداً، فالضغوط العالمية لا تزال تنهال على المنظمة وأعضائها من كل حدب وصوب حتى من جانب بعض الدول المستفيدة من (أوبك) من خلال الهبات النفطية والأسعار التفضيلية, وذلك تجسيداً لمقولة "كل ذي نعمة محسود"، لقد استشرت القوى الكبرى وتكالبت عليها في الوقت الذي بدأت عوامل الطبيعة تزحف عليها، وتظهر عليها علامات الشيخوخة المبكرة وليحولها بعنفوان إلى منظمة عليها غبار النظام العالمي ذي القطبين وتحالفاته الانحيازية وغير الانحيازية. ولكن بنظرة محايدة وموضوعية فإن التحليل التاريخي يبرئ "أوبك" من أي اتهام بالاحتكار أو أنها السبب وراء ارتفاعات أسعار البترول فالدلائل تشير إلى عدم قدرة "أوبك" في التحكم في آلية أسعار النفط حتى, ولو أرادت, ويكاد يكون دورها هامشياً وغير فاعل، ولسنا هنا بصدد ذكر أسباب العجز الذي تواجهه "أوبك" كمنظمة منذ إنشائها، وصعوبة العمل الجماعي بين أعضائها نظراً لتعدد الأطياف والاختلافات بينهم والتباين والفرو قات الشاسعة بين الأعضاء، واختلافاتهم السياسية والجغرافية والاقتصادية وتفاوت الاحتياطيات النفطية والقدرة الإنتاجية وتباين عدد سكان كل دولة عضو ومدى احتياجاتهم، ولكننا بصدد الظروف المتغيرة عالمياً واقتصاديا وسياسياً حتى بنيوياً وجيولوجياً, الذي لا محالة سيكثف الضغوط المنهالة على المنظمة وليحولها إلى منتدى يتراشق فيه الأطراف التهم والملامات في الوقت الذي تنتفي فيه "الحاجة" لأوبك التي تأسست على أساس الدفاع عن مصالح الدول المصدرة للنفط، وذلك بعد أن تحولت عمليا إلى استهداف الدول الكبرى. ولكن للحقيقة وللتاريخ فإن الدلائل والبراهين المحسوسة الآن تبين أن "أوبك" فاقدة لأي سلطة، وخصوصاً في الوقت الذي وصل إنتاجها إلى أقصاه دون فاعلية تذكر على أسواق النفط, وفقدان "أوبك" سطوتها ينبع من حقيقة فقدانها لحصتها أو مصالحها السوقية, وتلاشى تأثيرها الكلي بما فيه المعنوي على التحكم في الإنتاج الذي يبلغ الآن حده الأقصى وبالتالي عدم التحكم في الأسعار، لقد فقدت المنظمة أي تأثير لها في مجريات وتطورات أحداث الأسواق النفطية التي احتلها المضاربون في ميادين البورصات النفطية. وهنا تأتي بؤرة الآلية الثانية التابعة للمستهلكين, التي تتمثل في البورصات النفطية وما تمثله الآن "المضاربات", ومن تفاعلات مع تلك العوامل الأساسية التي أشرنا إليها, وما يترتب عليه من ردود أفعال غير متزنة في بعض الأحوال وتربك السوق النفطية كما يحدث الآن.


المنتجون والمستهلكون

إن جميع المنتجين والمستهلكين على حد سواء يفقهون أن ارتفاع الأسعار غير المسبوقة في تاريخ النفط ارتفاعات لا مبرر لها، وتزداد خطورتها أنها ارتفعت خلال فترة قصيرة جداً بأكثر من 11 دولاراً في جلسة واحدة التي لا يمكن لأي أحد من المسؤولين النفطيين المصدرين أن يخطط أو حتى يفكر في الوصول إلى هذا الحد وبهذه السرعة. بالطبع كل هذا حدث نتيجة حالة التوتر النسبي للعلاقات بين العرض والطلب في سوق النفط المشدود بسبب عوامل تتعلق بالمديين القريب والمتوسط وإلى حد ما المدى البعيد وفي ظل القلاقل والتهديدات والنزاعات الجيوسياسية والمعطيات المتوافرة كالنمو الاقتصادي العالمي المستمر، وبلوغ المصافي حدها التكريري الأقصى بالإضافة إلى الظروف المحيطة به وتنامي الندرة النسبية وأزمة الرهن العقاري والأزمات المالية العالمية المتتالية والتردي النقدي في عملة الدولار وسلبية نتائج التقارير الاقتصادية الأمريكية المتوالية. كل ذلك جعل من صناديق الاستثمار أن تبحث عن عوائد أعلى في السلع الأولية وتدافع المضاربين للمتاجرة بالسلع الأساسية هروباً من الدولار وتحوطاً ضد التضخم واستخدام السلع والمعادن المقومة بالدولار بما فيها النفط، وبدأت تبرز أدوار المضاربات في أسواق النفط العالمية متفاعلةً مع تلك العوامل ومتلمسةً للأرباح السريعة من خلال شراء النفط، الذي يعطي عائدا أفضل من الأسهم والسندات. وهذا الدور الذي تنامى وتعاظم بسبب ظروف عدة من دور ثانوي انتهازي هامشي يلعب دور مهنة المقامرة الطفيلية في المعاملات التجارية بين المنتجين والمستهلكين التي تسود فيها قوانين الاقتصاد التقليدي، إلى أن نما وترعرع وأخذ يزعزع استقرار الاقتصاد العالمي والسلم العالمي, وأصبح نوعا من أنواع الوحش المفترس المسؤول عن التدمير الشامل العالمي للاقتصاد العالمي التقليدي وللعلاقات بين المنتجين والمستهلكين مكوناً امبراطورية مالية ضخمة من جراء مبادلات وهمية ليس لها أي دور اقتصادي مفيد, بل على العكس يجسد دوراً ذا أبعاد خطيرة لا تتورع في تزييف النتائج الحقيقية واختلاق الوقائع الذي من شأنها تشويه المعاملات التجارية النفطية العالمية وتزيد من قلق الأسواق بتفسيرات واهية لأسباب جيوسياسية وفنية عارضة، وبناء على معلومات جمعت ربما من مؤسسات فرعية تابعة لشركاتهم الاستثمارية وبقصد تحقيق الربح السريع.

والآن أصبح عالم المضاربة فعالاً ومحركا أساسيا مؤثراً في ارتفاع أسعار النفط، ما أوجد طلبًا غير حقيقي على النفط، وصار المضاربون يتعاملون مع العقود النفطية باعتبارها أداة مالية, وليست موردًا للطاقة، ومع تنامي دور هذا الكيان المالي الضخم، وخروجه عن السيطرة بتأثيره في مجريات الأمور العالمية ووضع العراقيل في أحد أهم قناة أساسية من القنوات الاقتصادية في إطار العلاقات الدولية وتشويه المصالح المشتركة والاعتماد المتبادل بين المستهلك والمنتج. فلا يستبعد أن هذا العنصر الانتهازي الاستغلالي في المستقبل القريب سيكون عنصراً فاعلاً حتى في تذكية الفتن وربما افتعال وإحداث أزمات سياسية وعسكرية قرب منابع البترول يتحكم في توقيتها والتهويل منها وبث المخاوف لدى المستهلكين ليجني منها مكاسب مالية وتقوم عليها الثروات التجارية.


الضرائب والاندماجات

وتأسيساً على ذلك, فإن التحليل المنطقي لمعضلة تفاقم الأسعار بهذه الوتيرة وغير المسبوقة في البورصات النفطية يوضح أنها نتيجة التساهل في القيود المتبعة في السابق للأسواق النفطية، كما أن الاندماجات والإعفاءات الضريبية والتساهل في الإشراف الحكومي الأمريكي, وكذلك البريطاني على المؤسسات الاستثمارية في الأسواق النفطية نتيحه للتشريعات الحديثة التي أفسحت الطريق أمام شركات البترول العالمية والمؤسسات الاستثمارية الدولية للمضاربة بأسعار النفط وشجعهم في ذلك غياب التشريعات والتنظيمات الصارمة التي كانت تحكم الأسواق والمتعاملين في السابق.

لقد أوجدت التشريعات المرنة والرقابة المتساهلة أسواقاً نفطية, وخلقت مضاربين يستغلون العوامل المؤثرة في سلعة استراتيجية كالنفط ويصطنعون ارتفاعاً في أسعارها وبهامش أكثر من حقيقتها, وذلك لتحقيق عوائد وأرباح هائلة، وعليه فإن على الدول المستهلكة الكبرى واجب العمل على كبح جماح المضاربات في بورصاتها النفطية, وذلك من خلال إعادة تنظيم أسواقها النفطية، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية، على وجه الخصوص مهمة مستعجلة باتخاذ الخطوات اللازمة من جانبها لوضع مجموعة من الحلول لتصحيح أوضاع أسواقها المالية وأنظمتها الداخلية التي أفرزت تلك المشكلات المتفاقمة, ومن تلك الخطوات على سبيل المثال إعادة تنظيم البورصات وإعادة الشفافية وتفعيل صلاحيات الجهات المختصة بمكافحة التلاعب في الأسواق وفرض برامج للحماية من التلاعب في الطاقة والمضاربات، كما يمكن أن تشمل مثل تلك الإجراءات خطوات وتعليمات ترمي إلى إرغام المضاربين بزيادة الهامش السعري للمضاربات. كما أنه يجب أن يتخذ إجراءات أكثر حزما وصرامة، ولكن أكثر ذكاء وذلك بسن تشريعات من شأنها تحسين معايير النزاهة في الحكومة الاتحادية والحد من قوى الضغط "لوبيات" الشركات والمؤسسات المالية والحد من ترك صانعي قرار الحكومة الاتحادية مناصبهم والذهاب إلى كيانات اقتصادية كانت تحت سلطتهم القضائية والتنظيمية، كما أنه من الواجب الآن اتخاذ خطوات من شأنها إلغاء كل التخفيضات الضريبية التي تتمتع بها شركات النفط حاليا, بل حتى فرض ضريبة على الأرباح المفاجئة في البورصات النفطية وتكريس العائدات الجديدة للبحث عن حقول نفط جديدة ولرفع كفاءة الطاقة بشكل عام والترشيد وتفعيل النقل الجماعي ورفع كفاءته. إن اتخاذ مثل هذه الإجراءات لإعادة تنظيم الأسواق النفطية والحد من التوقعات والمخاوف بانقطاع الإمدادات بالتزامن مع نزع فتيل التوترات السياسية حول منابع النفط، وتعاون البلدان المنتجة والمستهلكة في توازن العرض والطلب الفعلي على النفط والترشيد كل ذلك سيسهم, بمشيئة الله, في استقرار سوق النفط العالمية وإعادة الأسعار إلى وضعها الطبيعي لمصلحة المنتحين والمستهلكين ودول وشعوب العالم قاطبة.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
الأخبار الإقتصادية ليوم الخميس17/ 5/ 1429 هـ الموافق22/ 5 / 2008 م عثمان الثمالي منتدى الاقتصاد والمال 32 05-22-2008 11:38 AM
الأخبار الإقتصادية ليوم الثلاثاء15/ 5/ 1429 هـ الموافق20/ 5 / 2008 م عثمان الثمالي منتدى الاقتصاد والمال 20 05-20-2008 11:17 AM
الأخبار الإقتصادية ليوم الاثنين14/ 5/ 1429 هـ الموافق19/ 5 / 2008 م عثمان الثمالي منتدى الاقتصاد والمال 23 05-19-2008 08:10 AM
الأخبار الإقتصادية ليوم السبت14/ 3/ 1429 هـ الموافق 22/ 3 / 2008 م عثمان الثمالي منتدى الاقتصاد والمال 24 03-22-2008 08:08 AM
الأخبار الإقتصادية ليوم الجمعه13/ 3/ 1429 هـ الموافق 21/ 3 / 2008 م عثمان الثمالي منتدى الاقتصاد والمال 14 03-21-2008 11:26 AM


الساعة الآن 04:14 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by