الملف الصحفي للتربية الاربعاء 15-04-1431هـ

[صقر قريش]

صحيفةاليوم : الاربعاء 15 ربيع الثاني 1431 العدد 13438

الخريجات السعوديات.. بلا وظيفة.. وبلا أمل

"تعيين" المعلمات.. «حلم» مقتول بلا «فدية»

فضيلة: تجاوزت الـ40.. فهل ستأتي الوظيفة في هذه السن؟

إبراهيم اللويم ـ الدمام

في الوقت الذي يحلم فيه طالب الجامعة في أي دولة بالعالم، بيوم تخرجه، وارتدائه روب التخرج وسط فرحة الأهل والأصدقاء، تتوجس الخريجة السعودية من هذا اليوم، وتتمنى ألا يأتي بالمرة، ليس لسبب، سوى أنها تعلم أن يوم تخرجها في الجامعة لا يحمل لها أي جديد.. وأن شهادتها العلمية لا فائدة منها .. وأن ما حصلته من علم طيلة سنوات الدراسة، سيتبخر من الأدمغة لا محالة.. وأن الأمل في إيجاد وظيفة "قريباً" مفقود بالثلاثة.. والأسباب وراء ذلك "لا حصر لها". ويجيد حلم التعيين، التسرب من أجندة الخريجات السعوديات في الكليات التربوية شيئاً فشيئاً، إلا إذا وجدت "الواسطة" القوية، أو لعبت المصادفة دورها، وهذا هو الاستثناء بعينه، يتم هذا تحت سمع ونظر وزارتي الخدمة المدنية والتربية والتعليم، اللتين تحتفظان بحجج ومبررات "جاهزة" لعدم التعيين، يعلنان عنها وقت الحاجة.. وتدفع الخريجة "وحدها" الثمن. يتسرب اليأس إلى فضيلة عبدالله (بكالوريوس علوم ونبات، كلية الآداب بالدمام) تقول: "معاناتي مع الوظيفة التي كنت أحلم بها لا تنتهي، فكنت أحلم أن أصبح معلمة، وهذا الحلم لم يتحقق بعد حتى يومنا هذا برغم من مرور قرابة 15 عاماً على تخرجي في الكلية، إلا أنني في كل عام كنت أمنى نفسي أن أجد فرصتي في التعيين، من خلال تقديم أوراقي الثبوتية إلى فرع الديوان في المنطقة الشرقية". وتضيف "أعتقد أن فرصتي في التعيين قد تلاشت مع مضى هذه السنوات لأسباب عدة، أولها أنني على مشارف الأربعين من العمر، وكذلك تزايد أعداد الخريجات اللاتي يحملن التخصص نفسه، وقلة تعيينهن"، مبينة أن "تلك الأسباب لم تجعلني أفقد الأمل بالله، ثم بولاة الأمر، لذا كنت أبادر بالتقديم طوال هذه المدة لأي مسابقة وظيفية، ولكن في كل عام أصدم بالواقع المرير، هو الاستبعاد من الترشيح".

العام والخاص

وبينت فضيلة : "حاولت ان ألتحق بأي وظيفة أخرى تناسب مؤهلاتي، سواء في القطاع العام أو الخاص، بعد أن استشعرت بأن فرصتي أصبحت ضئيلة، وذلك من أجل أن أعيش من دخلها، خاصة أنني فقدت والدي قبل ثلاث سنوات، ورغم ذلك، لم يحالفني الحظ، وذلك بسبب الشروط التعجيزية، حتى أن اليأس قد تسرب في داخلي، وصار حلم الوظيفة بالنسبة إلي من ضمن المستحيلات"، مضيفة أن "الفتاة عندما تتخرج في الكلية، خاصة إذا كان تخصصها مطلوباً، تمني نفسها بأن التعيين مضمون وفي المناطق القريبة منها، ولكن تتفاجأ فيما بعد بأنه تم ترشيحها في منطقة قد تجعلها تعدل عن قرار التعيين، وبذلك تخسر الوظيفة، ولا تستفد من تعليمها، وهذا أيضاً يمثل إحدى المشاكل التي تعاني منها المتقدمات على الوظائف في القطاع العام". وختمت فضيلة قائلة: "أكرس حياتي حالياً وجهدي في تفصيل وخياطة الملابس النسائية، وبيعها، بالإضافة إلى تصميم ورسم بعض الوسائل التعليمية، مقابل مبلغ مالي، بعد أن وضعت شهادة البكالوريوس في إحدى زوايا البيت خاصة بعد أن صرت المسؤولة والوحيدة عن رعاية أختي، وذلك بعد وفاة والدي".

42 عاما

وعلى خطى فضيلة، تقول "حصة" إن فرصتها في التعيين انتهت بالفعل، وتقول: "تجاوزت الآن حاجز الـ42 عاماً، وهذا عمر من الصعب أن أجد فيه وظيفة حكومية، فهو عمر يستعد فيه الموظف للتقاعد، وليس لبدء حياة عملية"، مشيرة إلى أن "حالي هي نفسها حال خريجات كثيرات أعرفهن، إذ أمضيت 15 عاما من أحلى سنوات العمر في انتظار الوظيفة، ولا أعتقد أن الوظيفة ستصل الآن بعد هذا الوقت من الانتظار.

قسم التاريخ

أما عبير المالكي خريجة قسم التاريخ قبل 12 عاما، فتقول: "عند تخرجي في الجامعة، كنت أمني نفسي بأن التعيين قريب، خاصة أن بنات دفعتي تم تعيين بعضهن، ولكن أدركت أن قسم التاريخ، لا يكثر الطلب على خريجاته"، متسائلة "إذا كان الأمر على هذه الصورة، فلماذا يبقون في الجامعات على الأقسام التي لا تحتاجها سوق العمل"، داعية وزارة الخدمة المدنية والتربية والتعليم إلى القيام بمسؤوليتهما تجاه الخريجات المستجدات.

لحظة وأخرى

أما أمل الخاطر، (بكالوريوس حاسب آلي) الخريجة منذ سنتين فتقول: "معاناتي قد لا تختلف عن معاناة الكثير من الفتيات اللواتي درسن وتحملن التعب والجهد في المذاكرة، وسهرن الليالي من أجل الحصول على وظيفة يستفدن منها، ويفدن الوطن، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي نعاني منها في وقتنا الحالي"، مضيفة "كنت أتوقع أن التعيين آت غداً، ويتم قبولي فوراً بعد تخرجي، خاصة إن تخصصي كان مطلوباً على حسب علمي، وهذا ما جعلني اشعر بالاطمئنان في هذا الجانب، حتى انني أخذت أستعد مبكراً للوظيفة عبر شراء جميع المستلزمات الضرورية التي ربما أحتاجها في وظيفتي، سواء كان مكان الوظيفة في منطقتي أو خارجها"، مضيفة "ولكن شاءت الأقدار أن يصبح حلمي مجرد سراب، بعد أن تم استبعادي من الترشيح، مما أصابني بالإحباط، فأنا منذ أن تخرجت في الكلية، وحتى الآن بلا عمل".

شهادة خبرة

وتواصل شروق (تخصص لغة عربية) قائلة: "شركات في القطاع الخاص، تتلاعب بالخريجات، وتفرض شروطاً تعجيزية لدى السعوديات فقط، علماً بأن هذه الشروط لا يصطدم بها الأجانب"، وقالت: "من هذه الشروط التي أستغرب منها، واندهش لها، ان يكون لديها شهادة خبرة، فكيف يكون لخريجة حديثة شهادة خبرة، ومن أين تكتسبها وهي لا تعمل، وهل معنى ذلك أن تبقى الخريجة الحديثة بلا عمل طيلة عمرها" مضيفة : إن " الرواتب المخصصة للسعوديات في مدارس التعليم الأهلي ، تبدو قليلة جدا ً، بل متواضعة، ولا تكفي أحداً، وللأسف الجهات الرسمية لا تتدخل في هذا الأمر".

أنظمة فردية

أما منى عبدالعزيز (بكالوريوس فيزياء) فتقول: "بعد أن مللنا من الجلوس في البيت وانتظار التعيين، تقدم البعض منا إلى إحدى المدارس الأهلية، لعل وعسى أن تجد ضالتها فيها، وترزق بوظيفة، ولكن فوجئنا أن إدارة هذه المدارس تضع شروطاً، قد تكون تعجيزية بالنسبة للفتاة، كي يتم قبولها"، مضيفة "هذه المدارس الخاصة تضع قوانين وأنظمة فردية خاصة فيما يتعلق بالمتقدمات السعوديات، ومن هذه الشروط يجب على المتقدمة أن يكون لديها شهادة خبرة، فيما يتعلق بالوظيفة لمدة زمنية محددة، كي يتم قبولها".