الملف الصحفي للتربية والتعليم الثلاثاء 30/6

[صقر قريش]

عكاظ : الثلاثاء 01-07-1430هـ العدد : 2928
ريما ودانه والغشاشين
صالح إبراهيم الطريقي
ريما ودانه أختان في مدرسة واحدة، ريما الكبيرة في سادسة ابتدائي، فيما دانه في الصف الثالث، ولأن والدهما يبحث عن فصل لا يزدحم بالطالبات، كان عليه أن يعيد جدولة ميزانيته، ليدخل أقساط المدرسة الخاصة كبند مهم . هذا العام ولأنه ما زال التقييم قائما، جاءت العطلة مبكرا، وكان لا بد على المدرسة الخاصة وضع حفل للطالبات، أعدت بطاقات الدعوة للأمهات بعدد الطالبات، ولأن المدرسة تقدم سوء الظن بالطالبات على حسن الظن، ولأن المدرسة لا تريد أن تتعب نفسها لمعرفة من الأخوات في المدرسة، قررت المديرة أو معلمة أخرى، أن تحلف الفتيات واحدة تلو الأخرى وفي كل فصل مع كل معلمة على المصحف، أن لا أخوات لهن في المدرسة، لتعطى بطاقة دعوة، فقد خافت المدرسة أن تستغل البطاقة لدعوة امرأة أخرى . ريما الكبيرة كانت تعتقد أن الأمر لا يحتاج للقسم، فهي لا تخجل من كون دانه أختها، ولو سئلت دون تخويف بالنار ستقول إن دانه أختها، وأن لهما أم واحدة . فيما دانه الشقية والصغيرة والتي تملك لوثة الشاعر كأبيها قالت وبشكل واضح وصريح: «يعني إحنا غشاشين» . الأم وبحكم ذكورية المجتمع لم تعبر عن رأيها ولا هي قالت للمعلمات: إن ابنتيها لا تحتاجا للقسم على القرآن لأنها ربتهما على عدم الغش، لكنها خافت من تهمة ما تصيبها، فقررت الصمت، ولا أحد يعرف ما الذي كانت تود أن تقوله لتلك المديرة . الأب الغاضب والشاعر وصديقي أيضا قال لي: لا أستطيع فعل شيء لأنه محرم علي الذهاب لمعرفة مستوى ريما ودانه، فكيف باعتراضي على ما حدث لهما؟ما يغضبني يا صديقي أنني قبل عام، كنت وبعض الموظفين من شركتنا في كندا في دورة لمدة 3 أشهر، حين انتهت الدورة كان على بعض الموظفين فواتير للهاتف لم تسدد بمئات الدولارات، وطلبوا من شركة الهاتف أن يتم تأجيل السداد إلى أن يعودوا للوطن ويسددوا المبلغ . فاجأتني موافقة الشركة، وكل ما طلبته عناوين من لم يسدد ليتم مراسلتهم، ولم يطلب منهم أن يقسموا على شيء، لاعتقادهم أن الإنسان في الأصل جيد . تصور بطاقة دعوة يفعل من أجلها كل هذا، فيما أموال ستخسرها الشركة إن لم يتم التسديد، ومع هذا عاملتهم بحسن النوايا . على فكرة بعض الموظفين لم يسددوا إلى الآن، ومع هذا ترسل لهم الشركة تطالب بالمبلغ، مع بعض العروض الجديدة التي تقدمها الشركة، ولكن هل تعرف لماذا لم يسددوا؟ربما هم مثل ريما ودانه، منذ الصغر تم التعامل معهم بريبة، فصدقوا أنهم سيئون، وأصبحوا يتصرفون على هذا النحو كلما أتيحت لهم الفرصة . لم أعلق . . . ولست أدري هل هذه معاناة أسرة واحدة، أم كان آباء وأمهات الطالبات في المدرسة يشعرون بغبن أيضا، بسبب هذه الريبة أم لا؟بيد أني على يقين أننا حين نحسن الظن بأبنائنا، سيحاول هذا الابن عدم فقد ثقتنا به، لكننا حين نشك بالفرد منذ طفولته، ونتعامل معه على أنه سيئ، وعلينا مراقبته وليس مساعدته على فهم الحياة، فهو إما سيصدق أنه سيئ، أو سيصبح سيئا لينتقم من مجتمع لا يحسن الظن فيه .