شجرة الرنف

[الحارث بن همام]

شجرة الرنف شجرة الرنف شجرة الرنف شجرة الرنف شجرة الرنف

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوعنا اليوم عن شجرة من أجمل الأشجار البرية التي شاهدتها في حياتي . أعني شجرة الرنف ، وواحدها رنفة ، بسكون النون ، وذكر بعضهم الفتح .

وجمالها يكمن في زهرها الكثيف والجميل .

وهي من الأشجار التي تنبت في صدور أودية تهامة ، وبأعداد قليلة . وهي شجرة كبيرة ومعمرة وضخمة ،وذكر الدكتور قشاش أن ارتفاعها قد يصل عشرة أمتار ، وفي اعتقادي أن ارتفاع بعضها قد يتجاوز خمسة عشر مترا :

وبعض جذوعها لا تلتقي عليه أيدي الرجلين وتظهر عليها الكثير من العجارم والنخور :

وأوراقها ريشية وعديدة قد تصل المجموعة الواحدة إلى خمس وعشرين ورقة :

وزهورها تخرج من أكمام خضر كثيفة ومتقاربة في حجم الكشتبان :

وتتفتح هذه الأكمام عن أزهار جميلة مكونة من خمس تويجات ، أربع بيضاء ، والخامسة صفراء ، ولها عدة مآبر قد تصل إلى العشرة :

وهذه الأزهار تتحول إلى اللون الأصفر مع الزمن قبل أن تذبل :

والثمار سنفية تشبه ثمار السيال والضهياء ونحوهما قد تصل إلى عشرة سنتيمترات ،
تنفلق عن بذور بنية داكنة من الوسط بيضاء من الأطراف :

وقد ذكر أبو حنيفة الرنف ، وقال إنه من شجر الجبال ، وقال : هو بهرامج البر .
وذكر أبو حنيفة أن الرنف من الشجر الذي ينضم ورقه إلى قضبانه إذا جاء الليل ، وينتشر في النهار . وقد أيده الدكتور قشاش وذكر أنه شاهد هذا بنفسه . وأضاف بأنه سمع من بعض أهل النحل أنه قد تقع النحلة على قمع الزهرة فينكمش عليها حتى تهلك أو تتخلص بصعوبة .فإذا كان هذا صحيحا ، فهذه الزهرة الجميلة الرقيقة تحتوي على قلب مفترس !!

ومن شعر أوس بن حجر يذكر قوس النبع :

تعلمها في غيلها وهي حظوة
بواد به نبع طوال وحثيل
وبان وظيان ورنف وشوحط
ألفٌ أثيثٌ ناعمٌ متغيل

فهذه ست شجرات ( النبع ، والحثيل ، والبان ، والظيان ، والرنف ، والشوحط ) وقد سبق لهذا المنتدى العتيد أن كتب عن ثلاث منها ، وهذه الرابعة ، ويبقى ثنتان ( النبع والحثيل ) فمن يتصدى لهما من أقطاب المنتدى ؟

وذكر أبو حنيفة أن الذي قتل تأبط شرا لاذ منه برنفه ، فما زال تأبط شرا يجذمها بسيفه حتى وصل إليه فقتله ، قبل أن يموت هو من رميته . والحقيقة أن هذا الوضع لا يمكن تصوره إلا إذا كانت الرنفة متدلية الأغصان قريبة من الأرض ، وهذا ممكن في الرنف الصغير ، أما الكبير فهو يقوم على ساق مرتفعة .
وقد وردت قصة مقتل تأبط شرا في كتب الأدب كما في الأغاني وغيره ، وذكروا أن تأبط شرا الفهمي قتله غلام هذلي ( من حلفائي ) وأنه لاذ منه بقتادة وليست رنفة ، جاء في الأغاني :

ثم قال تأبط إني قد رأيت معهم غلاما فأين الغلام الذي كان معهم فأبصر أثره فاتبعه فقال له أصحابه ويلك دعه فإنك لا تريد منه شيئا فاتبعه واستتر الغلام بقتادة إلى جنب صخرة وأقبل تأبط يقصه وفوّق الغلام سهما حين رأى انه لا ينجيه شيء وأمهله حتى إذا دنا منه قفز قفزة فوثب على الصخرة وأرسل السهم فلم يسمع تأبط إلا الحبضة فرفع رأسه فانتظم السهم قلبه وأقبل نحوه وهو يقول لا بأس فقال الغلام لا بأس والله لقد وضعته حيث تكره وغشيه تأبط بالسيف وجعل الغلام يلوذ بالقتادة ويضر بها تأبط بحشاشته فيأخذ ما أصابت الضربة منها حتى خلص إليه فقتله ثم نزل إلى أصحابه يجر رجله فلما رأوه وثبوا ولم يدروا ما أصابه فقالوا مالك ؟ فلم ينطق ومات في أيديهم فانطلقوا وتركوه فجعل لا يأكل منه سبع ولا طائر إلا مات فاحتملته هذيل فألقته في غار يقال له غار رخمان. فقالت ريطة أخته :

نعم الفتى غادرتم برخمان
ثابت بن جابر بن سفيان

ورخمان هذا غار في وادي نمار من ديار هذيل ،تقول أم تأبط شرا ترثيه :

قتيل ما قتيل بني قريم
إذا ضنت جمادى بالقطار
فتى فهم جميعا غادروه
مقيما بالحريضة من نمار

ووادي نمار معروف الآن من أودية هذيل قريب من أم الزلة ، ولولا صعوبة الطريق لقد كنت عازما على الذهاب للوادي بحثا عن غار رخمان ، لعلي أعثر على شيء من عظام تأبط شرا . وأعمل فحص DNA .