المغتربون – قصة من الماضي

[مراسل ثقيف]

المغتربون – قصة من الماضي المغتربون – قصة من الماضي المغتربون – قصة من الماضي المغتربون – قصة من الماضي المغتربون – قصة من الماضي

أنطلقت صافرة الحصة الأخيرة إيذانا بإنتهاء يوم دراسي شاق بدأنا فصوله منذ الساعات الأولى للصباح عندما أتى الشخص المكلف بنقلنا من القرية إلى المدارس في الطائف، فقد جاء هذا الصباح مبكرا كما هي عادته في بعض الأيام عندما يكون معه هواري لبعض الفواكه والخضار التي تنتجها المزارع في ذلك الحين ويجلبها معنا في السيارة لينزلنا بالقرب من المدرسة قبل الطابور الصباحي بحوالي الساعة، ويتوجه بعد ذلك ليلحق بالحراج لبيعها في السوق، خرجنا من المدرسة بعد إنتهاء اليوم الدراسي مشيا على الأقدام نحو نقطة التجمع التي تبعد عن المدرسة بحوالي ثلاثة كيلو متر في حرارة الصيف أو برد الشتاء عند إحدى محطات الوقود على طريق الجنوب ونمكث هناك ننتظر السائق قرابة النصف ساعة تقريبا وقد عوّدنا على هذا التاخير بصفة يومية علما بأن لا يوجد لديه عمل ولا دراسة هناك ولم نجد لهذا التأخير أي تفسير حتى الآن، وصلت السيارة وهي هايلوكس لونها أبيض تميل قليلا للسماوي موديلها 76 مغطى صندوقها بشراع لونه زيتي وكان من نصيبي هذا اليوم الركوب في الغمارة وكأنه يعلم بمدى تعبي عندما خرجت بصحبة أخي في الفسحة المدرسية لإستلام إغترابه من إدارة التعليم الذي تأخر عن إستلامه في الأسبوع الماضي لغيابه حينما حضر المحاسب وسلّم جميع الطلبة المغتربون مكافآتهم في المدرسة، والإغتراب هو مكافأة تصرف للطلبة القادمون من القرى للدراسة في المدن تحفيزا لهم على مواصلة التعليم وأتذكر أن المكافأة كانت 600 ريال تصرف في الشهر من فئة المئة ريال زرقاء اللون التي يوجد عليها صورة الملك فيصل رحمه الله تعالى، ولا تسألوا عن مدى فرحتنا بإستلام هذا المبلغ وما لبثت أن إنقطعت هذه المكافأة فيما بعد، توكلنا على الله بإتجاه الجنوب ولم يكن الطريق مزدحما كما هو عليه الآن إلى مفرق الأقمار الذي إعتدنا مسلكه كل يوم إختصارا لطريقنا نحو القرية ولكن وجدناه مغلقا فأجبرنا لسلوك الطريق بإتجاه المركز القديم الموجود على مسيل وادي ليه وعندما أقبلنا على المركز وجدنا السراء يبلغ طولة قرابة الكيلو متر نمشي الهويدا حتى وصلنا نقطة التفتيش فقام العسكر بتفحص الموجودين من الطلبة وسألنا الظابط سؤالا غريبا بعض الشيء هل رأيتم السيارة الحمراء؟ فأجبناه لا، فكما كان السؤال غريبا أتت الإجابة غريبة أيضا، فتحركنا وبعد ذلك عرفنا أن السيارة الحمراء التي يقصدها هي سيارة مطلوبة لأحد الجناة الذين يبحثون عنه! فتوجهنا نحو قريتنا ووصلنا قرابة صلاة العصر بعد يوم شاق من يوم دراسي نعيش فصوله كل يوم لننام ثم نصحوا على هذا المنوال...