التقيت بهن في إحدى الدورات.. دخلن القاعة.. أخذن مقاعدهن.. فسألتهن: ما هو هدف كل واحدة منكن في الحياة؟!
فخيم الصمت قليلا ثم صدرت همهمات... رضا الله عز وجل.. الجنة.. رضا الوالدين.. وهكذا..
ومنهن من صمتت تفكر، ومنهن من استخفت بالسؤال، ومنهن من فهمت المقصود من السؤال فاسترسلت إحداهن سائلة: أي أهداف تقصدين؟!
فقلت: الجنة ورضا الله تعالى ورضا الوالدين؛ كلها أهداف لا يختلف عليها أحد بل الكل يشترك فيها ويتمناها..
ولـــــكــــــــــــــــن...
كيف الطريق إلى الله عز وجل؟! كيف الطريق للفردوس الأعلى؟!
فقالت إحداهن: إذن ما المطلوب منا كطالبات أو فتيات؟
قلت لها: عظيم.. الآن السؤال مردود إليكن كل واحدة تبحث في نفسها عن هدف تسعى لتحقيقه ثم لنتناقش..
دقائق ثم انهالت الأجوبة.. هذه داعية.. وتلك طالبة متفوقة.. وأخرى زوجة وأماً مثالية..
قلت: جميل.. وأين الهدف الأسمى؟!
أنت طالبة متفوقة لتخدم دينك ودعوتك لأن المسلمين الأوائل كانوا متفوقين في جميع العلوم.
والأم والزوجة المثالية لتخرج جيلا يفهم ويعي تمام الفهم دينه وإسلامه الذي غرر به من قبل المناهضين لتحرير المرأة ولتعتز ويعتز جيلنا بإسلامنا.
والداعية هي أنموذج للمسلمين في ظاهرها وباطنها ولا تغفل أنها قدوة؛ فلتحسن أكثر مما تسيء إلى ما تنتسب إليه في زيها وكلامها ونفسها وخلقها..
وهكذا جميعا نخدم الدين ليس فقط بالدعوة في الميادين العامة والمحاضرات، ولكن المدرّسة والموظفة هي داعية في مجال عملها بخلقها وتعاملها.
وهكذا الدين أراد لنا أن نسود العالم باختلاف أهدافنا الصغيرة حتى تصب في الهدف الأسمى فيحدث التكامل.
قالت إحداهن: أنا طالبة.. ولكن إلى الآن لا أستطيع تحديد هدف أو أعرف ماذا أريد!
قلت: عليك أن تسرح بخيالك لبعيد يوم أن يقرأ كتابك لتحاسبي.. ماذا يسرك أن تجدين فيه؟! أو كتاب ذكرياتك ماذا يشرفك أن يسمعه عنك أولادك و أحفادك..؟ وهكذا دونيه جميعا ثم رتبيهم حسب الأولوية وستجدين الكثير والكثير..
قالت أخرى: أنا اخترت أهدافا ولكن الآخرين قد يتحكمون أو يقفون في تحقيق هذه الأهداف.. ماذا أفعل؟!
قلت: بداية هذه الأهداف لابد أن تخضع للدين والعرف والعادات إن لم تخالف شرعا، ثم يأتي الأشخاص كمبدأ يوضع في الحسبان عند اختيارك الأهداف.
وهل بإمكانك توظيفهم لخدمتك أو مساعدتك أو الانتقال إلى غيره من الأهداف؟ وهنا تكمن أهمية تعدد الأهداف لكي لا نقف عند نقطة وتتجمد عندها طموحاتنا، ولا تنسي الدعاء بإخلاص أن يوفقك وييسر لك الأمور ليسخر لك العثرات طالما أنها لله وفي الله.
واستأذنت ثالثة: وضعت لنفسي أهدافا لتحقيقها بإذن الله وأشعر بسعادة..
وردت رابعة وخامسة.. نشعر أن لنا خطوات حقيقية نسير عليها..
الآن.. الآن.. أعرف ماذا أريد؟ ولماذا أريد؟ وطبعا الله يفعل ما يريد وأتمنى أن يكون الخير فيما أريد.
فدعوت الله لهن وانصرفنا على أمل اللقاء غدا وتحقيق الأهداف.
ماذا أريد ؟
العرض العادي
