الشباب والفراغ

[صقر قريش]

الشباب والفراغ الشباب والفراغ الشباب والفراغ الشباب والفراغ الشباب والفراغ

الشباب والفراغ
عبدالعزيز بن صالح الحمد

الشباب هو قوة المجتمعات وأساسها وصلاح أي مجتمع من صلاح الشباب وفساده من فسادهم فالشباب للأمة كمثل القلب للبدن إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد وانحرف انعكس ذلك على المجتمع كله. وهناك معوقات تقف في مسيرة الشباب وتعوق عملهم وتهدر طاقتهم بل وتغير وجهتهم مما يعود بالسلب عليهم وعلى مجتمعاتهم وقد تنوعت منه المعوقات وتعددت مصادرها بحيث من أفلت من أحدها وقع في غيرها والمعصوم منها من عصمه الله ومن أهم تلك المعوقات التي تعيق مسيرة الشباب هي الفراغ حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الفراغ نعمة يجب أن يغتنمها الإنسان فيما يعود عليه بالنفع وإذا لم يغتنمها تتحول من نعمة إلى نقمة ومن منحة إلى محنة مما يجعل الإنسان ألعوبة في أيدي شياطين الجن والإنس. وقد أجمع علماء النفس أن الإنسان إذا اختلى بنفسه في أوقات فراغه وردت عليه الأفكار الحالمة والهواجس والتخيلات الجنسية المثيرة فلا يجد نفسه الأمارة إلا وذهبت وتحركت خلف هذه الأهواء والتخيلات والهواجس ونصيحتي لمن يجد نفسه متقوقع حول نفسه ويفكر ويتخيل تخيلات قد ترجع عليه بالعكس أن يستيقظ من قوقعته ويستغل وقته بما ينفعه في دينه ودنياه. ولذلك كان اغتنام أوقات الفراغ قبل الانشغال واستغلال زمان الشباب قبل الهرم والصحة قبل المرض والحياة قبل الممات من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته. فالوقت له أهمية كبيرة فالبحث فيه واسع وأهميته معلومة عند كل إنسان، وذلك أن وقت الإنسان وعمره هي رأس المال. فإذا عرف الإنسان أن هذه الأيام هي رأس ماله حرص أن يستغلها ويستفيد منها ولا تضيع فإنه إذا كان كل يوم يضيع شيئاً من رأس ماله الذي هو المال يذهب بها من هنا ومن هناك بغير فائدة يأتي يوم ويتلاشى ماله ويبقى صفر اليدين. فكذلك الوقت الذي به ساعات وأيام وليالي لا بد أن يستغله ويحرص على الاستفادة منه ليكون ذلك رابحاً في استغلال رأس المال. فالإنسان إذا أخذ رأس المال وأخذ ينميه ويتاجر فيه بقي رأس المال وأرباحاً يستفيد منها وإذا جمد رأس ماله لم يأمن أن يذهب بين ساعة أو يوم أو شهر فكذلك نقول: إن رأس المال للإنسان هي أيامه ولياليه وعليه أن يستغلها في الشيء الذي ينفعه. أيها الإخوة الشباب اعلموا أن أيامكم التي تمر بكم تقربكم من ربكم وتدنيكم من أجلكم وتسرع بكم إلى قبوركم وكم من مضيع للأوقات ماض في غفلاته فلم يفق ولم يصح إلا في معسكر الموتى فكما تعمل لدنياك اعمل لآخرتك. إن الفراغ في حياة الشباب أمره خطير وشره مستطير لما خص به الشباب من خصوصيات كثيرة تختلف عن بقية مراحل الإنسان وكما قال الشاعر:

إن الشباب والفراغ والجدة

مفسدة للمرء أي مفسدة

ومن أسباب التفريط في الوقت في حياة الشباب الرفقة السيئة التي لا يسلم منها الكثير من الشباب إلا من سلمه الله وأما السبب الثاني هو عدم اهتمام كثير من الأسر بأبنائهم في هذه المرحلة وتوجيه أفكارهم إلى التوجيه السليم ومراقبة تحركاتهم من غير مبالغة وأما السبب الرابع وهو عدم معرفة قيمة الوقت من قبل الآباء والأبناء فلا يعرف كثير منهم قيمة الوقت وأنه رأس مال الإنسان.

وكما قال الحسن البصري (يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يومك ذهب بعضك) وكما قال الشاعر:

والوقت أعظم ما عنيت بحفظه

وأراه أسهل ما عليك يضيع

يا شباب الإسلام إن الفراغ في حياتكم إذا لم يستغل يسبب مشاكل كبيرة لذا لا بد أن تملأوا أوقاتكم بما يفيدكم ويفيد أمتكم. أيها الشباب لقد كان من سلفكم الصالح يكرهون من الرجل أن يكون فارغاً ألا هو في أمر دينه ولا هو في أمر دنياه وهناك تنقلب نعمة الفراغ إلى نقمة ولهذا قيل الفراغ للرجال غفلة وللنساء غلمة أي محرك للغريزة والتفكير في الشهوة. ويشتد خطر الفراغ إذا اجتمع مع الفراغ الشباب الذي يتميز بقوة الغريزة والجدة أي القدرة المالية التي يمكن للإنسان تحصيل ما يشتهي وفي هذا يقول الشاعر:

إن الشباب والفراغ والجدة

مفسدة للمرء أي مفسدة

ويمكن أن يسألني قارئ يقول ما هي الأمور المعينة على حفظ الوقت فالإجابة على هذا السؤال أمور كثيرة منها حب المساعدة لغيرنا فإننا عندما نعيش لقضاء حاجتنا فقط تبدو الدنيا لنا قصيرة ضئيلة جداً تبدأ من حيث بدأنا نعي وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود أما عندما نعيش لغيرنا فإن الحياة تبدو طويلة عميقة تبدأ من حيث بدأنا الإنسانية وتنتهي بعد مفارقتنا لوجه الأرض أما الأمر الآخر المعين على حفظ الوقت وهو قراءة كل ما ينفعك في دينك ودنياك وخير صديق لك في الدنيا هو الكتاب وخير الكتب كتاب الله حيث قال تعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}(سورة الإسراء الآية 9).

أيها الشباب اخرجوا من ضيق الذاتية إلى رحابة الحياة.. لقد ضيع الكثير أوقاتهم وقتلوا أعمارهم وتحسروا وعضوا أصابع الندم أيها الشباب أين أنتم من القراءة والتفكير والإبداع؟ لا تتكلوا على آبائكم ومن يقيت نفوسكم ويشبع بطونكم ألم تعرفوا خطورة الاتكال فإنه ما بددت الأوقات ومزقت اللحظات إلا من سوء التدبير وقلة التفكير ومن الأمور المعينة أيضاً الرياضة والألعاب الرياضية فهذا مصرف من مصارف الوقت النافعة ولا يعني قولي أن يجعل وقته كله للرياضة وتضييع الحقوق الأخرى ولكن تكون بمقدار ومن الأمور المعينة الشبكة العنكبوتية التي انتشرت في جميع أنحاء الأرض ففيها من الفوائد ما ظهر منها وما بطن وغيرها من الأمور التي لا يسعني طرحها ولكن يا أخي القارئ من أهم الأشياء التي تحفظك من الفراغ هي تنظيمك لوقتك فمن المهم أن تنظم وقتك وتجعل لكل ساعة عملا حتى تعرف ماذا تعمل في هذه الساعة وهذا اليوم وأن يكون لك شيء في المجتمع فوالله أنه ما يحزنني عندما أخرج من البيت قاصداً مكان لقضاء حاجة معينة أرى الشباب يتسكعون بالشوارع من غير حاجة ولا لعلم شيء ما، فأنت يا أخي الشاب عندك طاقة فلا تخرجها بفعل شيء لا تدري لماذا أنت تعمله فأخرج الطاقة بشيء يفيدك ويفيد مجتمعك كحرفة أو صنعة أو شيء يميزك عن غيرك فمثلاً قارئ يسألني يقول أين نذهب؟ أقول صحيح إنه هناك نقص في الخدمات العامة كالنوادي والملاعب والصالات وإن وجدت تكون رسوم الاشتراكات عالية فأنا معك في هذا الجانب ولكن هذا لا يمنعك على فعل ما هو مفيد فحكومتنا جزاها الله خيراً وفرت الأماكن العامة والنوادي والمراكز الصيفية وتحفيظ القرآن والرحلات رغم قلتها ولو لم يوجد هذه الأشياء فهناك البديل القراءة والإنترنت وأي عمل يمكن أن يكون له فائدة واعلم أخي الشاب ما تعمله اليوم تحصده غداً. ومن المشاكل التي يترتب على فراغ الشباب عديدة منها ضعف الأمة وهوانها لأن بناء الأمة لا يكون إلا بسواعد الشباب فالشباب قوة وحيوية ونشاط فإذا أهملت هذه الطاقات والقدرات ذبلت المجتمعات. ومن المشاكل انصراف الشباب من النافع إلى الضار ومن الطاعة إلى المعصية فإن المغريات المفتنات في هذا الزمن كثيرة. أيها الشباب إن الفراغ الذي تجدونه في حياتكم مع وجود الشهوات ليعد أمراً خطيراً على حاضركم ومستقبلكم يقول بعض الصالحين (فراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة فإذا نهر العبد هذه النعمة، بأن فتح على نفسه باب الهوى وانجر في قياد الشهوات وشوش الله عليه نعمة قلبه وسلبه ما كان يجده من صفاء قلبه فينبغي على شبابنا أن يعرفوا للوقت قيمته ويشكروا الله نعمته. واسمع إلى ابن مسعود رضي الله عنه حينما قال: إني لا أمقت الرجل أن أراه فارغاً ليس فيه شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة). ولا أنسى قول الشاعر حين قال:

إذا ما مضى يوم ولم اصطنع يداً

ولم استفد علماً فما هو عمري

فالقضاء على أوقات الفراغ في حياة الشباب ينبغي أن يكون من أول ما يوجد الآباء المصلحون عنايتهم له ولا يشترط أن تقضي وقت فراغك بالحفظ والتعلم بل على كل حسب وجهته فمن كان وجهته علمية فليذهب إلى العلم وهكذا ولا تنسوا يوم القيامة يوم تقشعر قلوب الذين آمنوا فسيسألكم وبكم عن هذا الوقت الذي أضعتموه حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام (يسأل المرء يوم القيامة عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه) فقد خص الرسول صلى الله عليه وسلم الشباب الحديث فقد ذكره مرتين فلا تضيع شبابك هدراً ثم تأتي يوم الحصاد يوم تقول يا ليتني اغتنمت كل دقيقة بلك كل ثانية أضعتها في حياتي يا ليتني ويا ليتني يوم لا ينفع قول يا ليت فلذلك كثر في هذه الآونة الأخيرة الانتحارات وإذا سألت المنتحر قبل انتحاره لماذا تريد أن تنتحر يقول فراغ وطفش فأقول لكم: إنكم لا تستهينوا بهذا الفراغ فاقضوا أوقاتكم بما هو نافع واجعل قدوتك الرسول صلى الله عليه وسلم في جمع قضاء حاجاته فإنه لم يفوت دقيقة واحدة من أجل أمته وأن تصل لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلى مشارق الأرض ومغاربها فنصيحتي لأخي القارئ استغل الوقت قبل أن يسيطر عليك. لا أريد أن أطيل في هذا الموضوع لضيق الوقت لأن موضوع مثل هذا يجب أن يكتب من أجله مجلدات وكتب فأناشد حكومتنا الرشيدة جزاها الله خيراً أن يزيدوا من الأماكن الخاصة بالشباب قبل فوات الأوان وضياع الشباب وآخر ما أود قوله نسأل الله أن يصلح شباب المسلمين وشاباتهم ورجالهم ونساءهم جميعاً. اللهم اصلح من في صلاحه صلاح الإسلام والمسلمين وأهلك من في هلاكه صلاح الإسلام والمسلمين يا رب العالمين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[FANTASY]

يعطيك العافية يا صقر ...

(جاء موضوع في وقته)

[ثماليه والعز ليه]

جزاك الله خيراً

وجعله في موازين حسناتك

[مجنونها]

دام للمنتديات عطاءك

[أفخم ثمالي]

يعطيك الف عافيه

[غلا الكون]

الله يجزاك كل خير