هيبة الرجال العظام ممن سبقونا

[صقر قريش]

هيبة الرجال العظام ممن سبقونا هيبة الرجال العظام ممن سبقونا هيبة الرجال العظام ممن سبقونا هيبة الرجال العظام ممن سبقونا هيبة الرجال العظام ممن سبقونا

هيبة الرجال العظام ممن سبقونا

خالص جلبي
كما أننا نركب رقبة من قبلنا فنرى أفضل منهم، ولكن السلف يمكن ألا يكون صالحا فنقع في مطب (مرض الآباء)..
ومنه قال القرآن: "أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون"..
ويحكى عن عمرو بن العاص عن سر تأخرهم في الدخول في الإسلام؟ فأجاب كنا نتبع عقلاء القوم فلما قتلوا فكرنا بعقولنا فاهتدينا..
أرسل لي أخ فاضل من البرتغال يروي دهشته حين اطلع على كتابات رجل كان يظنه من كتاب القمة، فأصيب "بصدمة كبيرة جدا في أسلوب الرجل وبعض من أخلاقه ونظرته لنفسه وأسلوب كتابته عنها، وأفكاره عن نفسه وعن الحياة" لتكتشف بين سطوره جذور كثيرٍ من الأشياء التي تروى عن عائلته في أخلاقهم ومسلكهم، وأعجب ما قرأت أسلوبه في السباب والشتائم والألفاظ البذيئة "كالكلب والخنزير" وهي ألفاظ لا تليق بكبار المفكرين والكتاب الإسلاميين ولا غير الإسلاميين حتى لو كانت لوصف قمامة من البشر والأعداء ، ولا تليق "برجل كنا نظن أنه كبير جدا" إلى درجة أن الأخ اجتمع عنده من الملاحظات ما يكاد يناهز حجم الكتاب وتابع "فنحن نستطيع أن نسب أعداءنا وننتقدهم ولكن شتان من توجيه كلمة نقد واحدة لمن نرضى عنهم".
وحين أراد الكتابة نبهه من الفهمانين من حوله أنه الأجدر له قراءة كل الأجزاء الثمانين حتى يستطيع الحكم عليه؟
وكان ردي له أنني مندهش من دهشتك
وتلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم
ويجب أن نتبع قاعدة أن نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم
فهو ابن عصره ويحمل سيئات ومحاسن عصره
ويجب النظر إليهم خارج حدود الثنائية الضارة
طاهر مقدس .... أو.... دنس حقير
هو كاتب تقليدي لا يفهم في المعاصرة أكثر من فلاح مصري في رياضيات التفاضل والتكامل.
هو متحدث لبق يدور في فضاء فقهاء عصر المماليك البرجية أيام سعيد جقمق.
هو مقلد رائع لمفاهيم عصر الانحطاط ،لا ينظر لفكر من سبقنا أنهم آباء يجب ألا نتبعهم ونقول إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون".

وأنا معك في تفتحك العقلي
وأنا لست مع الناصح بالتريث لحين الانتهاء من قراءة خمسة آلاف صفحة؟؟
والمهنيون مع احترامي لهم غير مثقفين وهم أقرب لبعض متشابهون ولو كان أحدهم جراح أمراض عصبية والثاني سائق شاحنات..
فلا فرق كبيرا بين جراح وسائق شاحنة..
والثقافة هي مغادرة حقل التخصص وهو أمر لا يمنح إلا للنوادر من صبر وكان ذا حظ عظيم، وقد أكون مخطئا فلا أعمم، ولكن أعرف الطبيب بلحظات حين أدخل منزله وأتفقد غرف بيته ونوعية الكتب، فإن كان مطبخه عامرا، وغرفة جلوسه غاصة بكنبات للاستعراض من أيام لويس الرابع عشر بحواف ذهبية وأطراف فضية ومعارج عليها يظهرون وزخرف، وبيته بدون مكتبة، عرفت فورا أنه سائق شاحنات في بطون المرضى، وإن كانت مكتبته عامرة بالأكعاب الذهبية، أدركت أنه يعيش عصر مبايعة الإمام أو ناصر الدين قاهر العباد أو أيام الفقيه الحصفكي.
وحتى في الطب لا نحتاج إلى أن نفحص كل الدم حتى نعرف أن المريض مصاب بالإيدز والملاريا وابيضاض الدم، يكفي أخذ عينة من مليمترات بسيطة>
وأنت انتبهت بوعيك الحاد وبما أفاض الله عليك من فكر الحداثة والتنوير أن تقفز فوق مفاهيمهم فتنتبه لأمراضهم..
مع هذا أخي الفاضل فهم أمة الهزيمة والطوفان والتيه والخوف، وهم جيل من سمح لصغار الضباط المغامرين باعتلاء ظهر الأمة وما زالت كلمات بعضهم ترن في أذني أيام الانفصال عن عبد الناصر حتى لقد قيل كانت كلمات فلان أبلغ في قلوب الناس من عشر فرق عسكرية، ولكن كلماته كانت مصيبة، ليس لأن عبد الناصر لم يكن سيئا فلو جمعت قمامات السيئات لما خرج عبد الناصر نظيفا، فهذا متفق عليه، ولكنها كانت فرصة تاريخية أن يتحد العرب ويشتد عودهم، ولولا الانفصال ما ركب الطائفيون رقاب العباد.
ولما كان الملايين في الغربة يجترون النوستالجيا الكاذبة مثل بني إسرائيل لجبل صهيون.
ولما قتل نساء ورجال كرام ظلما وما مات الأحفاد بالأمراض المستعصية العصبية..
فكلها ضرائب الجهل السياسي والقصور التنظيمي وتراجع مؤسسات المجتمع المدني والبعد عن الحداثة مسافة ثلاث سنوات ضوئية.
أخي الفاضل لا حاجة إلى قراءة خمسة آلاف صفحة، فيمكن بذل الوقت نفسه في قراءة موسوعة الوردي أو ثلاثية النيهوم أو قصة الفلسفة لويل ديورانت أو ثلاثة كتب من روائع سلسلة عالم المعرفة، لأننا أولا نعيش قصيرا والطاقة محدودة والنظر ينكمش وتقوس الظهر شيبا.