العملة الخليجية قد تؤجل إلى ما بعد العام 2010ولا تراجع عن الدولار

[عثمان الثمالي]

العملة الخليجية قد تؤجل إلى ما بعد العام 2010ولا تراجع عن الدولار العملة الخليجية قد تؤجل إلى ما بعد العام 2010ولا تراجع عن الدولار العملة الخليجية قد تؤجل إلى ما بعد العام 2010ولا تراجع عن الدولار العملة الخليجية قد تؤجل إلى ما بعد العام 2010ولا تراجع عن الدولار العملة الخليجية قد تؤجل إلى ما بعد العام 2010ولا تراجع عن الدولار

المنامة - عبدالجليل زيد المرهون
سجال مديد يدور في منطقتنا حول مولود مرتقب هو العملة الخليجية الموحدة.سجال يرتبط بالمقدمات والتوقيت والثمن الذي بدأنا ندفعه. لقد حاصر التضخم مختلف أرجاء هذه المنطقة، وسجلت الأسعار ارتفاعاً مضطرداً، وبدا التحكم بالأدوات النقدية والمالية موضع جدال كبير. وفك البعض ارتباطه بالدولار، وأوحى البعض الآخر بأنه قد يسير على الطريق ذاته، وتحدث آخرون عن جدوى العودة للارتباط بالذهب، وذلك في ضوء الاعتقاد بأن سلة عملات يهيمن عليها اليورو قد تغدو في وقت قريب سبباً إضافياً لأزمة قائمة.
إن شيئاً لم يحسم في هذه المنطقة بعد، وفي كل يوم ثمة تصريح جديد، ودراسة تصدر هنا أو هناك،وتحدث فينا سجالاً وأحياناً شقاقاً، لكن الأسئلة الكبرى تبقى دون إجابات، ويبقى الخليجيون يدفعون ثمن مولود قيل إنه آت بعد سنوات ثلاث.ولم يسبق للخليجيين أن انشغلوا بمعدلات الصرف ومؤشر الأسعار الاستهلاكية على النحو الذي هم عليه اليوم. فيا ترى أين نحن ذاهبون؟!
إن التضخم في زيادة منذ أكثر من عام نتيجة انتعاش يدعمه دخل النفط القياسي وتراجع الدولار مقابل العملات الأخرى.وقد يحول هذا الأمر دون طرح العملة الخليجية الموحدة بحلول العام 2010.وفي حال حدث تأجيل للعملة الخليجية الموحدة فسيكون الثاني، حيث كان من المقرر طرحها مطلع العام 2007قبل تأجيلها إلى الموعد الجديد.
وكانت الكويت قد أعلنت في العشرين من أيار مايو الماضي عن ربط سعر الدينار الكويتي بسلة عملات، بعد أكثر من أربعة أعوام من ربطه بالدولار. الأمر الذي رفع سعر صرف العملة الكويتية على الفور.وكانت تقارير تحدثت عن إمكانية لجوء الإمارات وقطر إلى اتخاذ خطوة مشابهة للخطوة الكويتية لكبح التضخم الكبير في اقتصاديهما، لكن هذا الأمر تم نفيه لاحقاً.ومن جهتها، أعلنت سلطنة عمان رسمياً عدولها عن الانضمام إلى العملة الخليجية الموحدة.وقالت إن دخول العملة الخليجية يتطلب معايير اقتصادية ومالية عديدة، تحد من حرية اتخاذ القرار الاقتصادي، وإن الاتحاد النقدي سابق لأوانه في الظروف الراهنة، بسبب المعايير النقدية والمالية التي يتطلبها هذا الاتحاد ومنها التضخم والعجز والاقتراض.
وقال العمانيون إلى أن إنشاء عملة موحدة دون توافر الشروط الأساسية لها قد يكون له آثاراً سلبية على التكامل الخليجي بأسره، وقد يحمل قدراً كبيرا من المخاطر على المدى الطويل، خاصة وأن الدول الأعضاء سوف تتخلى عن عملاتها وسياساتها النقدية المحلية. وأشار باحثون عمانيون إلى أن من أهم ما يمكن النظر إليه في العملة الموحدة، هو وجود نظام مصرفي قوى ومرن، يعمل على تفعيل قرارات السياسة النقدية الموحدة بالقطاعات الاقتصادية المختلفة،وهو الأمر الغائب عن الأنظمة المصرفية الخليجية.ورأى هؤلاء إن صغر حجم التجارة البينية لدول مجلس التعاون يحد بشكل كبير من منافع الانضمام إلى نظام نقدي موحد، ويؤدي بالتالي إلى رفع تكلفة العملة الموحدة على الدول الأعضاء.
وأياً تكن التقييمات، فإن ما يمكن قوله هو أن توحيد العملة يتطلب بالضرورة إصدار سعر فائدة موحد يتناسب اقتصاديا مع معدلات التضخم بالدول الأعضاء، إضافة إلى إصدار سعر صرف ثابت مرتبط بالدولار، أو بسلة من العملات، أو سعر صرف عائم يتغير بتغير العوامل الاقتصادية المحلية والإقليمية والعالمية، مثل أسعار الفائدة والطلب على الصادرات. بيد أن غالبية دول المجلس لا زالت تعاني من عدم توفر البيانات الاقتصادية الدقيقة اللازمة لاتخاذ القرارات الاقتصادية الاستراتيجية، مثل قرار تحديد سعر الفائدة الموحد على ضوء معدلات التضخم السائدة.
ومن المعايير التي تم التعارف عليها خلال الستينات للدخول في عملة موحدة تشابه مستويات ومعدلات نمو الدخل، وتشابه مستويات الأسعار، وحرية انتقال عناصر الإنتاج، وكثافة التجارة البينية، والتشابه في هياكل الإنتاج. ثم تطورت النظريات، فأصبحت تركز على التكاليف والعوائد المتوقعة للدول من الانضمام إلى منطقة العملة الموحدة. وترتبط تكاليف إنشاء العملة الموحدة بفقدان الدول لاستقلالها النقدي، بصفة خاصة فيما يتعلق بتطبيق سياستها النقدية، وبدرجة اقل فيما يتعلق باستقلال سياستها المالية، ومن ثم قدرة الدولة على اتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة في التوقيت الذي يتوافق مع طبيعة التقلبات التي تواجه اقتصادياتها.
وفي مستهل التحرك الخليجي تجاه العملة الموحدة، أقرت القمة الخليجية التي عقدت في مسقط في كانون الأول ديسمبر 2001جدولا زمنيا لربط معدلات صرف عملات الدول الأعضاء بالدولار الأميركي. وقد تم بنهاية العام 2002ربط معدلات صرف جميع عملات دول المجلس بالدولار، وذلك قبل أن تعود الكويت في أيار مايو الماضي وتفك ارتباطها بالورقة الخضراء.
وتميل الدول عادة إلى ربط عملتها مع عملات أهم شركائها التجاريين، وذلك لتقليص مخاطر معدل الصرف، ومن ثم الاستفادة من المزايا المصاحبة لاستقراره.وخلال انعقاد مؤتمر الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي في البحرين، طلب صندوق النقد من دول المجلس تثبيت عملتها الموحدة المرتقبة مقابل الدولار، استناداً إلى نجاح عملية المحافظة على معيار العملة الأميركية. وقال تصريح بهذا الصدد: منذ أن تم تقويم معظم الصادرات والأصول الخارجية بالدولار، ضمنت العملة الخضراء الاستقرار الخارجي،ووفرت ركيزة موثوقة تعتمد عليها السياسة النقدية في ضمان استقرار الأسعار.
وقد يكون هذا الأمر صحيحاً، لكن بمجرد أن يتهاوى معيار الدولار سيأخذ هذا الطرح اتجاهاً معاكساً يفضي لاختلال منظومة التجارة الخارجية، وارتفاع الأسعار على وقع معدلات التضخم العالية. وفي المقاربة العملية، يمكن أن نلحظ تزايداً مضطرداً في معدلات التضخم في دول الخليج خلال السنوات الست الماضية، فمع ارتفاعه في الإمارات بنسبة 13.8خلال العام 2006مقارنة مع نسبة 1.4في العام 2000، وحصول اتجاهات مماثلة في اقتصاديات بقية دول مجلس التعاون، لم تشهد أي من هذه البلدان انخفاضا في التضخم منذ العام 2001.ووصل التضخم في المملكة العربية السعودية 3.1في المائة بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بتسعة في المائة في الإمارات وقطر. وبالرغم من أن هناك العديد من أوجه التشابه في اقتصاديات دول مجلس التعاون، إلا أن الأسباب الكاملة للتضخم تختلف من دولة إلى أخرى.وفي قطر والإمارات تمثل الزيادة في عدد العمال المهاجرين بنسبة 84في المائة و 112في المائة على التوالي العامل الأساسي في ارتفاع التضخم وزيادة الأسعار.وفي بلدان خليجية أخرى،حدث هذا الأمر نتيجة زيادة الإنفاق الحكومي.ويضاف إلى ذلك كله التآكل المستمر في قيمة الدولار.
وبالعودة إلى مسيرة مشروع العملة الخليجية الموحدة، فقد تم في العام 2004إنشاء وحدة متخصصة لمشروع الاتحاد النقدي تنفيذاً لتوجيهات قمة الدوحة في كانون الأول ديسمبر 2002.وأعد البنك المركزي الأوروبي دراسة خاصة لدول المجلس تتناول الإطار التشريعي والتنظيمي للسلطة النقدية المشتركة، حيث ناقشت أهداف ومهام وبنية كل من المجلس النقدي والبنك المركزي الخليجي، وعلاقة كل منهما بالبنوك المركزية الوطنية. وأعدت في ضوء الدراسة مسودة اتفاقية الاتحاد النقدي ومسودة النصوص القانونية للنظامين الأساسيين للمجلس النقدي الخليجي والبنك المركزي الخليجي، ولا زالت المسودتان قيد الدراسة من قبل مجموعة من اللجان النقدية والمالية في المنطقة وفي السياق ذاته، قام فريق من إدارات الإصدار والخزينة بالبنوك المركزية ومؤسسات النقد بدول المجلس بدراسة مواصفات العملة الموحدة وتصاميمها ومتطلبات طباعتها وإصدارها.
وقد اعتمدت دول المجلس جملة من المعايير النقدية (معدل التضخم، وأسعار الفائدة، ومدى كفاية احتياطيات السلطة النقدية من النقد الأجنبي) والمالية (نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية ونسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي) للاتحاد النقدي المنشود.لقد تم الاتفاق بأن لا يزيد معدل التضخم في أي من الدول الأعضاء عن المتوسط المرجح لمعدلات التضخم في دول المجلس زائد نقطتين مئويتين ( 2% ) ولا يزيد سعر الفائدة في أي منها عن متوسط أدنى ثلاثة أسعار الفائدة قصيرة الأجل في دول المجلس زائدا نقطتين مئويتين،وأن تكون احتياطيات السلطة النقدية من العملات الأجنبية في كل دولة من الدول الأعضاء كافية لتغطية وارداتها السلعية لمدة لا تقل عن أربعه أشهر، ولا تزيد نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول الأعضاء عن 30في المائة مع تعديل هذه النسبة في حالة انخفاض سعر النفط عن مستوى معين، وفق معادلة يتفق عليها، وذلك لأخذ تأثير النفط على اقتصاديات دول المجلس في الاعتبار.ولا تتجاوز نسبة الدين العام للحكومة العامة - لكل المؤسسات والجهات التابعة للدولة 60في المائة - من الناتج المحلي الإجمالي ولا تتجاوز نسبة الدين العام للحكومة المركزية 70في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
إن الطريق لا يبدو يسيراً أمام العملة الخليجية الموحدة، وإن تطورات السنوات الثلاث الماضية أوضحت كم هي كبيرة ومتعاظمة التحديات التي تواجه الخليجيين في هذا السبيل، وعلى الجميع اليوم التحلي بروح الواقعية وتسميت الأمور بأسمائها.وعلى الرغم من ذلك، يبقى الاتحاد النقدي الخليجي هدفاً سامياً، علينا السعي حثيثاً من أجل انجازه وجعله حقيقة قائمة، ذلك أن فوائد ومزايا هذا الاتحاد لا يمكن لأحد تجاهلها، فهو سوف يدفع عالياً باتجاه تنمية وتعزيز المشاريع الخليجية المشتركة، ويدعم استقرار التجارة البينية والخارجية لدول المنطقة، ويرفع القدرة التنافسية للمنتجات الخليجية في الأسواق الخارجية، ويعزز الاستقرار في صرف العملة، ومن ثم خفض تكاليف المعاملات الخارجية، والتماثل في النظام النقدي الخليجي، وتنظيم عملية عرض النقود الورقية في السوق لضمان سلامة قيمتها، وتشجيع البنوك في المنطقة على رفع أدائها على أسس مصرفية عالية المستوى. وختاماً، لا بد من التمسك بالأمل، والعمل على تذليل الصعاب وسد الثغرات.وهذه مهمة الباحثين والخبراء في هذه المنطقة.

[@ بن سلمان @]

يعطيك العافية يا بو سعود

[فاعل خير]

مشكور على المتابعة