الخضراء ...

[ابن ابي محمد]

الخضراء (ج1)... الخضراء (ج1)... الخضراء (ج1)... الخضراء (ج1)... الخضراء (ج1)...

بسم الله الرحمن الرحيم
ليست هي خضراء الدمن (المجازيه) التي حذركم منها دينكم , والتي ربما تبادرت الى أذهان البعض منكم ..
فما تلك التي هي قد عنيت , وأنما الخضراء التي أعني , هي تلك التي لولا مشيئة الله الذي خلق لكم ما في ألأرض جميعا, لما وجدتم غذاء منه تأكلون , ولا وقودا به تستوقدون , ولا هواء صالحا للتنفس به تتنفسون , ولا سراجا به تستنيرون , ولا بترولا ولا غازا ولا ولا ... الخ . أنها كل خضراء بما فيها خضراء الدمن الحقيقية لا المجازيه التي ربما كنتم تظنون...






















وهي الخضراء التي وصف واحدة منها , واحد من أساطين ألأدب في النصف ألأول من القرن الماضي , ذلك هو ألأديب والمثقف والشاعر الكبير, والعضو في المجمع اللغوي , الذي نظم كثيرا من بدائع الشعر مثل الرائعة التي جاء في مطلعها :
لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا @@@ تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا
أَثْوَابُـهَا رَثةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ @@@وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا
تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَـا @@@ وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَـا






















لكن هذا العملاق (أترك لكم البحث عن أسمه وترجمة حياته) الذي تشهد بعملقته مثل تلك الرائعه , أراه وقد تقزم أمام الخضراء , وبدا وصفه لها سطحيا , وبدا زاهدا أيما زهد في التعمق في كنه أسرارها , ولو بشيء من الترميز , أن كان يغني عن التصريح تلميح .
بدا لي كذلك عندما أستجمع شاعريته الفياضه , وجيش معها معارفه الواسعه , لينظم لنا قصيدة عرج فيها لماما على وصف الخضراء بأبيات بدت معانيها (لأبن أبي محمد) قاصرة وسطحية بمعاير العلوم والأبعاد المعرفية المتوفرة .
بدت لي كذلك حتى عندما مر ناظمها عرضا على الشمس التي تربطها بكل خضراء أسرار عظام لم يأت على ذكر أي منها ناظم ألأبيات التي قال فيها :

انظر لتلك الشجره @@@ ذات الغصون النضره

كيف نمت من حبة @@@ وكيف صارت شجره

انظر وقل من ذا الذي @@@ يخرج منها الثمره؟؟

انظر إلى الشمس التي جذوتها مستعره

فيها ضياء وبها حرارة منتشره

من ذا الذي أوجدها @@@ في الجو مثل الشرره؟؟

ذاك هو الله الذي أنعمه منهمره@@ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدره..

وفيما عدا الجانب العقائدي الذي يجيب على التساؤل , من ذا الذي أوجدها ؟؟ .
فيما عدا ذلك بدت لي أيضا معاني أبياته قاصرة أذا ما أستحضرنا بعض تصوراتنا عن الخضراء من محكم التنزيل , التي لو أستمد منها شاعرنا بعض أوصافه لها , لقال قولا عجبا يلتقي مع كل ما توصلت اليه العلوم في عصره وعصرنا من بعده , وما ستتوصل اليه العلوم لاحقا في كل عصر من بعده ومن بعدنا ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

أفرأيتم النار التي تورون‏.‏ أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون‏.‏ نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين‏.‏ فسبح باسم ربك العظيم
‏(‏ الواقعة‏:71‏ ـ‏74)‏.
[سبحان الله , أنها قبسات بلسان عربي مبين..
أفرأيتم ألنار ؟, أأنتم أنشأتم شجرتها ؟, هكذا كان الخبر, خبر بصيغة السؤال ...
سبحانك لا علم لنا ألا ما علمتنا , أنك أنت علام الغيوب , أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا , وأنت خير الغافرين.
( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ) (سورة يس).
وهنا يا للعجب , فقد جاء مصدر النار بألآية واضحا ومحددا , أذ جاء مباشر من الشجر ألأخضر .
ولمتسائل أن يسأل , أوما كان ألأولى (من وجهة نظر بشرية سطحية قاصرة) أن يقال مثلا , الذي جعل لكم من الشجر الجاف المتيبس أو المتحطب نارا ؟؟ ..
تعالى الله (جل من قائل) عما نقول علوا كبيرا ..
أن هذا أفتراض وقول ناشىء عن تصور قاصر من قصر لا تتعدى تصوراتهم حدود ما ألفوه من الخبرة والمعرفه , وهكذا هي تصوراتنا التي قل أن نتجاوز فيها أبعد من مواطىء أقدامنا أن لم يكن لنا سند نسترشد به من علم أو هدى أو كتاب منير ..
نعم هذا هو حال كثير من البشر عندما تصبح الشجرة لا قيمة لها ألا في حدود ظلالها الوارفة التي يستظل بها , وفي حدود منافعها المباشرة التي ينتفع بها (من ثمار وأعلاف وأخشاب وغيره) , وجمالها الباعث على البهجة والسرور عندما تكون في أوج ينعانها وخضرتها ومواسم أزهارها .
ذلك هو مبلغ الكثيرين منا من العلم , وتلك هي مدى الرؤية لأغلبية وكثرة كاثرة من الناس , وذلك هو ما أود به أختتام الجزء ألأول من هذه الحلقة , على أن أستأنف الحديث معكم عن الخضراء في الجزء الثاني بعد شهر تقريبا من ألآن أن شاء الله , والسلام عليكم ورحمة الله .