من أسرار التعبير القرآني

[محمود شمس]

من أسرار التعبير القرآني من أسرار التعبير القرآني من أسرار التعبير القرآني من أسرار التعبير القرآني من أسرار التعبير القرآني

إن الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد salah: وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .
وبعد:
فإني أعتذر لإخواني الأفاضل لطول غيابي عن المشاركة ويعلم الله أني ماتأخرت إلا لظروف قاسية وأسأل الله أن لايشغلنا إلا بطاعته.

في لقاءاتي السابقة بكم كنت أتحدث عن معالجة النفس في ضوء القرآن الكريم
ومن الأسس التي وضعها الحق-جل وعلا- لمعالجة النفس --أن يُذَكّر الإنسانُ نفسه بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه بأن ينسُبَ النعمة للمنعم الحق - عز وجل - حتي يدَرّب نفسه على الخضوع والانقياد لأمر الله سبحانه وتعالى .

وتأمّل كيف لفت الحق نظرك إلى ذلك؟؟ فقد تخيّر أمرًا با لضرورة يفعله كل إنسان في اليوم أكثر من مرة.
وتأمل كيف علّمك معالجة تلك النفس التي لو لم تنتبه لمعالجتها لأخذتك بعيدًا عما خُلِقْت له؟

نقرأ قول الله سبحانه وتعالى في سورة عبس:
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)
يأمرك الحق جل وعلا بالنظر أي : التأمل والتدبر في كل طعام وشراب أنت تتناوله .
ولم الطعام بالذات؟
لأن كل إنسان يتناوله أكثر من مرة في اليوم .
والمقصود بالنظر هنا - هو : أن تنسُب النعمة للمنعم وهو الله سبحانه وتعالى لأن الإنسان بطبيعته ينسُب النعمة لمن وصّلها له
ولذا أنت تقول : اللبن الفلاني أفضل ، وغيرك يقول لا ...اللبن الفلاني هو الأفضل .
فننسب النعمة لمن وصلها لنا وننسى المنعم الذي يجب علينا أن نشكره ولذا فإن الحق تبارك وتعالى يلفت نظرك إلى وجوب نسبة كل نعمة له وخاصة الطعام فيقول جل وعلا ( أنّا صببنا ---ثم شققنا ---فأنبتنا ) كل هذا بنون العظمة لله سبحانه وتعالى .
لكن تأمل هذا العتاب من الله تبارك وتعالى بطريق المفهوم وهو : أنه عز وجل في ختام الآيات يُشرك الأنعام مع الإنسان في التمتع فيقول : (متاعا لكم ولأنعامكم ).
تدبر معي هذا العتاب من الله جل وعلا
لكنه ليس للكل لأن الله أمر الإنسان فقط في بداية الآيات بالنظر ولم يأمر الأنعام بالنظر لكنه أشرك الأنعام معنا في التمتنع ليلفت نظرك إلى أن الإنسان عليه أن يتأمل طعامه فيشكر المنعم ولا مانع من أن يتمتع بالطعام كما يشاء..............لكن ...إذا ترك الإنسان التدبر والتأمل وجعل الطعام متاعا فقط أصبح كالحيوان ...............
فهل تقبل أخي الكريم أن تكون كالأنعام ؟؟ ما أظن أن أحدا يقبل هذا ولكن أنت الذي تضع نفسك في هذا الموضع .
إذن : العتاب لمن يجعل الطعام متاعا فقط ولا يتأمل ولا يشكر ربه سبحانه وتعالى
ألم يقل الله عز وجل : وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ؟؟
فهل نتدبر هذا الدرس ونعيه ونذكر أنفسنا عند التلذذ بالطعام؟ ولا تنس أنه لامانع من التمتع والتلذذ بما تشاء من الطعام لكن تجمع بين التأمل والتدبر ونسبة النعمة لمنعمها مع التمتع حتى تستطيع أن تخضع نفسك منقادة لأمر الله تبارك وتعالى .
أرجو ممن لم يتضح له المعنى والدرس المقصود أن يسأل بما يشاء وسأجيبه بمشيئة الله تبارك وتعالى .

وإلى لقاء آخر مع عوامل النجاح في علاقتك برب العالمين أترككم في رعاية الله
ولا تنسوني من دعوة صالحة .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .
أخوكم
محمود شمس