الموضوع: من قراءاتي 1
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-28-2007   رقم المشاركة : ( 3 )
abonayf
ثمالي نشيط


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 13
تـاريخ التسجيـل : 04-08-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 7,582
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : abonayf


abonayf غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من قراءاتي 1

(العربية) طبعا كشقيقتها (الشرق الأوسط) ، تصف ضحايا العدوان الإسرائيلي (بالقتلى) ، وترفض إطلاق صفة (الشهداء) عليهم . في العاشر من نيسان (أبريل) 2007 حدثت ثلاثة تفجيرات في الدار البيضاء في المغرب ، وكان من الضحايا جندي مغربي وصفته (العربية) بالشهيد . كان الراشد قد صرح في الحوار الذي أجراه عبد العزيز قاسم بجريدة المدينة السعودية أنه لا يستطيع إطلاق وصف الشهيد على الفلسطيني الذي يقتله الإسرائيلي؛ لأن هذا الوصف "حق رباني" كما قال . وأضاف : "عندما "يقتل إرهابي بريئًا أو مجاهدًا سواء في السعودية أو مصر أو اليمن أو المغرب أو غيرها ، نقول عنه قتيل . فلماذا نُسمّيه في لبنان أو فلسطين شهيدًا ؟ مَن منّا له الحق أن يمنح الشهادة أو يمنعها ؟ نحن أهل صحافة فقط" (3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006) . لكن الراشد يصف ضحايا (ثقافة الموت) في المغرب وغيره بالشهداء ، منتزعا (الحق الرباني) لنفسه . دافع الراشد أثناء اللقاء عن وصفه العدوان الإسرائيلي على لبنان (بالهجوم) وهي نقطة سوداء في بحر انحياز الراشد وقناته للأجندة الصهيونية والأميركية (استقى قاسم هذه الملحوظة التي واجه بها الراشد من مقال سجلت فيه نقدا منهجيا وأخلاقيا لخطاب القناة إبان العدوان على لبنان ، وأورد اسمي في سياق سؤال الرجل عن الأمر ، فغضب ووصفني بأني مريض نفسيا) . حاول الراشد أن يبرر استخدام (الهجوم) بدل العدوان ، فلجأ إلى حيلة الموضوعية التي يدعي وصلا بها . قال : "في مهنة الإعلام يجب أن يكون الخبر محايدًا والرأي منحازًا . (العربية) مهنية أعطتكم بالفعل خبرًا محايدًا ورأيًا منحازًا . نقول للمشاهدين إن هناك هجومًا إسرائيليًا على قانا ، تسبب في مقتل سبعين طفلاً . الأمر واضح ، ولا يحتاج منا أن نقول هذا الإسرائيلي مجرم إلاَّ إذا كان المشاهد قاصرًا عقليًا ، أو صينيًا لا يفهم المنطقة . أعطيتك معلومة دامغة ، وأوصلتك إلى نتيجة مؤكدة لهذا الهجوم" . لكن من قال إن الرأي يجب أن يكون منحازا ؟ ثم من قال إن كلمة (هجوم) محايدة وليست منحازة . عندما تقدم الخمرة للجمهور العربي بوصفها (كحولا) أو (مشروبا روحيا) أو عندما يوصف الزنا بأنه مجرد (ممارسة للجنس) ، أو عندما يقدم الشواذ واللوطيون بوصفهم (مثليين) كما تفعل قناة العربية وموقعها ، فهذا انحياز في أبشع صوره ، وليس موضوعية ولا حيادا . الموضوعية هي أن نسمي الأشياء بأسمائها ، فالوصف الطبيعي لما جرى في لبنان هو (عدوان) ، بل (حرب إبادة) منظمة للبشر والحجر ، والعدول عن ذلك الوصف إلى مصطلح (ألطف) هو ضلوع مع المعتدي ، ومحاولة لتجميله وتخفيف اللوم عنه . إن إطلاق صفة (هجوم) على ما فعلته إسرائيل في لبنان هو أغرب وصف لحرب عدوانية شرسة في التاريخ . فالهجوم عادة يطلق على عمل فردي يتيم ومعزول ، ولكن حربا شاملة جوية وبرية وبحرية يقتل فيها جيش أجنبي عمدا المدنيين في بلد آخر قتلا وحشيا بالمئات ، ويهجرهم بمئات الآلاف ، ويدمر خلالها بلادهم تدميرا منهجيا لا يمكن وصفها بهجوم . عندما اشتدت وحشية الغارات الإسرائيلية وطال أمد الحرب غيرت القناة وصف (الهجوم) إلى (العدوان الإسرائيلي على لبنان) لبضع ساعات فقط ، ثم خففته وسمته (الاعتداء الإسرائيلي على لبنان) لساعات قليلة أيضا ، لكنها عادت بعد ذلك إلى الوصف الذي اختارته أو اختير لها ، وهو (الهجوم الإسرائيلي على لبنان) . لقد كان ذلك فضيحة أخلاقية وإعلامية مكتملة الأركان ، وسيذكر التاريخ أن قناة (العربية) ضالعة في تشويه الحقيقة التي تزعم أنها الأقرب إليها . تستخدم القناة العبارة الدعائية الأميركية (الحرب على الإرهاب) بوصفها مسلّمة ، وتستعير التوصيف الأميركي الإيديولوجي للأحداث دون تمحيص أو تدقيق . وإذا كانت عبارة (الحرب على الإرهاب) نوعا من الموضوعية لا التبعية والعمالة ، ومن باب تسمية الأشياء والظواهر بأسمائها ، كما قد يحاجج الراشد ، فلماذا لا يوصف الإرهاب الصهيوني في لبنان وفلسطين بالعدوان والإرهاب ؟ إن التوصيف الطبيعي لممارسات إسرائيل في لبنان وفلسطين هو (العدوان) و(الإرهاب) على اعتبار أن الإرهاب يعني في المفهوم الدولي قتل المدنيين عمدا من أجل تحقيق أهداف سياسية . بل إن إسرائيل ، بحسب التعريف الإسرائيلي نفسه ، تعتبر صانعة الإرهاب الأولى بامتياز . يقول رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بنيامين نتنياهو إن الإرهاب هو "قتل المدنيين وتشويههم عمدا بقصد إثارة الرعب" ، وبذلك تكون الدولة الصهيونية دولة إرهاب فريدة لأنها منذ ميلاد مشروعها قامت على أساس تدمير المجتمع الفلسطيني ، من خلال ممارسة العنف ضد المدنيين ، وكان المدنيون محور جرائمها من القتل إلى النفي إلى الاعتقال . لكن (العربية) دأبت على تسمية غارات إسرائيل الوحشية على الضفة الغربية وقطاع غزة بأنها "عمليات" ، وأن الجيش الإسرائيلي يمارس هناك "عملياته العسكرية" ، وربما وصفتها (بالتصعيد) ، وقد يكون من حق أي إنسان أن (يصعّد) ، ولكن ليس من حقه العدوان والفتك بالأبرياء . يبدو تأثير الراشد كبيرا في صياغة مصطلحات ومفردات جديدة في خطاب القناة تماهيا مع المصالح الأميركية والإسرائيلية . الصحافة العالمية مثلا تصف الوضع في إقليم دارفور السوداني بأنه صراع بين متمردين والحكومة السودانية ، لكن (العربية) وحدها أطلقت على المتمردين وصف (المعارضة) . وفيما يتعلق بالعراق ، فإن القناة تتبنى خطاب الحكومة العراقية التي صنعها الاحتلال الأميركي على عينه ، وتبث مفرداته حول (الإرهابيين) و(التكفيريين) و(الصداميين) ، وتصور كل ما يجري من مقاومة في العراق بأنه قتال بين (القاعدة) والاحتلال ، مع أن هناك حركات مقاومة كثيرة لا علاقة لها بالقاعدة ، وربما تتناقض معها في إيديولوجيتها وأسلوبها . كما تنشر القناة إعلانات عراقية رسمية ذات نفس طائفي أحيانا ، وتتناول الأحداث في العراق من منظور طائفي غالبا ، مستضيفة الرموز الشيعية والموالية لإيران ، ومستبعدة رموز أهل السنة كأعضاء هيئة علماء المسلمين وغيرهم ، الذين قلما يظهرون على شاشة القناة . أما مراسل القناة في بغداد فهو شيعي ، واسمه ماجد حميد . عندما دمرت مئذنتا مرقد الإمامين العسكريين في سامراء في 13 من حزيران / يونيو 2007 تناولت القناة الحدث باهتمام ، بينما تجاهلت موجة العنف التي تلت التفجير وكان ضحاياها من أهل السنة . تطلق القناة صفة (الشيعي) على أي مسجد للشيعة تتم مهاجمته ، بينما تسقط وصف (السني) عن مساجد السنة التي تتعرض للهجوم . في أعقاب تفجير المئذنتين ذكرت القناة أن تفجيرا حدث قرب مسجد الخلاني الشيعي (لاحظ قربه ، وليس في المسجد ذاته ، واستخدمت القناة صفة الشيعي لتوحي بأن الشيعة هم الضحايا) . ولما فجرت الميليشيات الشيعية مسجد طلحة بن عبيد الله (رضي الله عنه) في البصرة ، وسوته بالأرض في 15 من حزيران (يونيو) ، تجاهلت القناة الحدث في نشراتها ، واكتفت بالإشارة إليه في شريطها الإخباري ، وأغفلت الهوية السنية للمسجد ، بل حذفت كلمة (مسجد) برمتها ، واقتصرت على ذكر (مرقد) . وحتى اسم الصحابي الجليل حرفته القناة فأصبح (طلحة بن عبد الله) . وفي اليوم الذي تلا تفجير مسجد طلحة فجرت الميليشيات مسجد العشرة المبشرة في البصرة ، واختارت العربية أن تتجاهل الحدث ، لكنها ظلت تذكر في كل نشراتها بحادثة تفجير مئذنتي سامراء ! الحديث عن تحامل قناة العربية وتواطئها مع الأجندة الأميركية والإسرائيلية لا ينتهي . من أطرف ما بثته القناة مثلا عن الأوضاع في العراق نقلها تصريحا للرئيس اليمني علي عبد الله صالح ، ألقى فيه باللوم على الاحتلال الأميركي ، لكن مذيعة القناة استدركت على الرئيس صالح بقولها : "ما وصفه بالاحتلال" (17 كانون الثاني / يناير 2007) . وبعد إيقاف السلطات المغربية عددا من أئمة المساجد ، نشرت القناة على صدر شاشتها عبارة : "الرباط : إيقاف أئمة لنشرهم أفكارا متطرفة" ، هكذا دون أدنى حد من معايير الموضوعية ، التي تتطلب على الأقل وضع كلمة (متطرفة) بين قوسي تنصيص (21 كانون الثاني / يناير 2007) . وعشية فوز جماعة الإخوان المسلمين في مصر في انتخابات عام 2006 ، تحدث مستشار القناة عبد الرحيم علي عن تبعات هذا الفوز ودلالاته ، قائلا بتحيز يبعث على الضحك : "أنا على المستوى الشخصي غير سعيد بهذا الفوز" . ثم لما جرت بعض الاعتقالات في صفوف الإخوان كتبت القناة على صدر شاشتها : "هل نفد صبر مبارك تجاه الإخوان ؟ " (14 كانون الثاني / يناير 2007) . غير أن أبرز ما يؤكد وقوف القناة ضد مصالح الشعوب العربية وقيمها وثقافتها هو تماهيها مع الخطاب الصهيوني ، فلم تسقط وصف (الشهداء) عن الضحايا الفلسطينيين فحسب ، بل أسقطت صفة (الاحتلال) عن الجيش الإسرائيلي ، وهي التي يعرف بها دوليا ، وسمته (الجيش الإسرائيلي) أو (القوات الإسرائيلية) أو (قوات الأمن) ، ويمكن ملاحظة هذا في نشرات الأخبار أو الشريط الإخباري (معنى هذا أنه حتى أراضي 1967 هي أراض غير محتلة في نظر قناة العربية) . كما شرعت القناة مؤخرا في وصف المقاومين الفلسطينيين (بالمسلحين) ، ووصف القتلى الإسرائيليين (بالضحايا) ، وهما مصطلحان جديدان أزعم أن (العربية) لم تسبق إليهما عربيا (ربما وصفت المقاومين أحيانا بالناشطين ، وهو تعبير له مدلول سياسي أو إنساني ولا علاقة واضحة له بالعمل العسكري ، كل ذلك لتتفادى القناة مفردات المقاومة) . ومن يدري ، ربما نصحو يوما على سماع عبارة (الشهداء الإسرائيليين) من أفواه مذيعات القناة "الأقرب إلى الحقيقة" . في إطار تناولها عمليات المداهمة والتوغل في الأرض المحتلة تكتب القناة على صدر شاشتها : "الأوضاع الأمنية في فلسطين" ، ما يوحي بأن المعركة ليست بين جيش محتل وشعب واقع تحت الاحتلال ، بل شأن أمني محلي تعالجه إسرائيل داخل حدود أراض تملكها وتخضع قانونيا لسيادتها . بل خطت القناة خطوة أبعد من ذلك ، إذ أشارت إلى إسرائيل باسم (القدس الغربية) ، موضحة بذلك أن القدس عاصمة لإسرائيل ، وهو ما لم تعترف به حتى الولايات المتحدة الأميركية . في خطاب القناة أيضا يمثل أسر المقاومين الفلسطينيين جنودا إسرائيليين (اختطافا) ، بينما تمثل أعمال إسرائيل المشابهة (اعتقالا) . لقد كان اختطاف أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من سجنه في أريحا (اعتقالا) في رأي القناة ، بينما كان بالمعايير الموضوعية (اختطافا) ، حيث تم بالإغارة على أرض محتلة ، في تحد للسلطة الشرعية في تلك الأرض ، وانتهاك للاتفاقات الموقعة معها بضمانات دولية . أما أسر المقاومة الفلسطينية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت (أصبح اسمه مشهورا ، بينما أسرانا يحسبون بالأرقام فقط ، ، ولا نعرف أسماءهم) فقد سمته (العربية) اختطافا . وسمت القناة اختطاف الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني (اعتقالا) بينما هو بالمعايير الموضوعية اختطاف . لماذا تنهج (العربية) هذا النهج ؟ وما الفرق بين (الاعتقال) و(الاختطاف) ؟ أليست العبارتان تدلان على الشيء نفسه ، أو(محصلة بعضها) كما يقول المصريون ؟ لا ، ليس كذلك . الاعتقال سلوك أمني تقوم به دول ذات سيادة لحماية مصالحها ، بينما الاختطاف سلوك إرهابي إجرامي لا تقوم به سوى العصابات . وهكذا يريد مروجو هذه التوصيفات أن يقولوا لنا إن إسرائيل دولة ، وإن مقاوميها ليسوا سوى جماعات فوضوية غير منضبطة وغير قانونية وغير أخلاقية . وفي هذا السياق لا بد من التوقف عند تناول القناة لأحداث غزة الأخيرة وتداعياتها . كالعادة ، فإن موقف الراشد الذي يعلنه بوضوح في عموده اليومي في (الشرق الأوسط) هو الذي يعاد إنتاجه في التناول الإخباري والتحليلي للقناة ، بما في ذلك المقابلات وما يتم اختياره من الصحافة العربية والأجنبية ، وهو ما يجعل قناة العربية أحادية ومؤدلجة . لقد تبنت القناة وجهة نظر حركة فتح بالكامل ، وقامت بنقل كل المؤتمرات الصحافية لقادتها مباشرة ، بما في ذلك مؤتمرات مسؤولي مخابراتها الذين لم يكن لديهم سوى توجيه تهم الظلامية والقتل لحركة حماس . في المقابل تجاهلت القناة مؤتمرات قادة حكومة الوحدة الوطنية في غزة ، وأعضاء المجلس التشريعي المنتسبين إلى حماس ، ولم تشر إليها إلا في إطار التناول الإخباري ، وبشكل محدود وبطريقة مبتسرة وملونة . في مستهل الأحداث ، صورت القناة سيطرة حماس على القطاع بأنها حركة خارجة على القانون ، ووصفتها لاحقا "بالانقلاب على الشرعية" . ولما أشيع خبر اقتحام منزل ياسر عرفات في غزة ، كتبت العربية على صدر شاشتها : "مسلحو حماس يسرقون منزل ياسر عرفات" . الخبر طبعا مصدره فتح ، وكان الأولى مهنيا أن تنسب القناة الخبر إلى مصدره غير المستقل ، لكنها لم تفعل . واستخدمت كلمة (يسرقون) ، مع أن الكلمة المستخدمة صحافيا في مثل هذا الموقف هي (ينهبون) ، لكن الخيال المريض لمحرر القناة عمد إلى اختيار هذه الكلمة ليوحي أن كتائب القسام ليسوا أكثر من لصوص وقطاع طرق . وتجاهلت القناة رد حماس على هذا الزعم ولم تشر إليه ألبتة في نشراتها اللاحقة . كما وصفت القناة كتائب عز الدين القسام والقوة التنفيذية التابعة للحكومة في غزة (بالميليشيا) ، بل أحجمت عن وصف حكومة هنية (بالمقالة) وهي الصفة التي أطلقتها عليها أكثر وسائل الإعلام والفضائيات (بما فيها قنوات الجزيرة والحرة والبي . بي . سي) ، مبتدعة صفة (المنحلة) ، ولأهل اللغة العربية أن يتأملوا دلالات هذه الكلمة الشيطانية التي تفردت بها (العربية) . في سياق تناولها للأحداث ذكرت القناة أن "إسرائيل تجلي جرحى فلسطينيين في معبر ايريتز لعلاجهم في إسرائيل" ، وهو خبر غريب وربما كان غير صحيح ، لكنه يؤدي الهدف ، ويوحي بالإنسانية التي يتمتع بها الإسرائيلي في مقابل العجز والبؤس اللذين يتردى فيهما قطاع غزة . ولما ألقى إسماعيل هنية خطابه الشهير الذي استغرق قرابة الساعتين في الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو 2007 ، باسطا فيه موقف حكومته وحركته من الأحداث وأسبابها وتداعياتها ، تجاهلته العربية ، ولم تقم بنقله على الهواء ولا بثه لاحقا ، فيما نقلته فضائيات عديدة أبرزها الجزيرة ، التي نقلته مباشرة في قناتيها بتمامه . ولم تقف العربية عند هذا الحد ، بل حاولت تشويه خطاب هنية في نشراتها ، وتصدر شاشتها هذا العنوان : "هنية يهاجم الأردن ومصر" . كان ذلك حشفا وسوء كيل ، فهنية لم يهاجم مطلقا مصر والأردن ، وكل ما قاله إن الجري وراء قمم فلسطينية عربية إسرائيلية مشتركة لن يقود إلا إلى سراب ، ولن يحقق شيئا للشعب الفلسطيني (في إشارة إلى اجتماع شرم الشيخ) . لكن القناة بخبثها المعهود صورت كلمات رئيس الوزراء بوصفها هجوما على دولتين عربيتين ، تحريضا وافتراء وخداعا . ومن اللافت أن قناة الحرة (الأميركية) نقلت تصريحات هنية بشكل أقرب إلى التوازن حيث ذكرت أن "إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بعدم تقديم أي تسوية مقبولة للشعب الفلسطيني" ، مضيفة أنه حذر قمة شرم الشيخ "من اتخاذ ما أسماه سياسة مشتركة ضد قطاع غزة" ، فيما قالت بي . بي . سي العربية إن هنية "ينتقد قمة شرم الشيخ" (24 حزيران / يونيو 2007) . تجاهلت العربية نقاطا أساسية وردت في خطاب هنية ، مثل دعوته إلى الحوار للخروج من الأزمة ، وتشديده على الوحدة الوطنية ، والوحدة الجغرافية للضفة والقطاع ، ونفيه لما تردد حول تحويل غزة إلى (إمارة إسلامية) ، واستنكاره لما جرى في غزة من نهب أو اعتداء ، ومخاطبته العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بصفته الرسمية (خادم الحرمين الشريفين) وتأكيده له أن حكومته ملتزمة باتفاق مكة ، الذي رعته السعودية . كل ذلك لم تورده العربية ، وتحدثت فقط عن هجوم مزعوم على دولتين عربيتين ، بكل ما تعنيه كلمة (هجوم) في هذا المقام من قسوة وغباء . لا معنى للمهنية هنا ولا للأخلاق . إنه الحقد يعمي ويصم . لقد استماتت القناة في تشويه صورة حركة حماس ، منتزعة من الأحداث والتصريحات والمشاهد ما يوافق أهواءها ومواقفها . حتى البيان الختامي الذي صدر عن السعودية والأردن إثر زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز لعمان ، اختارت العربية منه ما يناسبها . شدد البيان على وحدة الشعب الفلسطيني ، مؤكدا أن "الانقسام الداخلي لا يخدم المصالح الوطنية الفلسطينية" ، لكن العربية اختارت إشارة البيان إلى دعم الدولتين للشرعية الفلسطينية بقيادة محمود عباس . والتقى سعد السيلاوي مراسل القناة في عمان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ليسأله عن التدخلات الإيرانية في الشأن الفلسطيني والتي أفضت إلى أحداث غزة على حد زعمه ، فرد عليه الأمير بالقول إن الشعب الفلسطيني أوعى من أن يسلم قراره ومصيره إلى إيران أو غيرها . أما ما يتعلق بتناول الإسلام وقضاياه ، فقناة العربية (وموقعها أيضا على الإنترنت الذي يستحق دراسة مستقلة) يوحيان من خلال الأخبار والتحليلات أن "كل شيء" في الإسلام ، بما في ذلك ثوابته ونصوصه القطعية قابل للمناقشة والرفض والاحتجاج . عندما يهاجم الإسلام مثلا أو تشن حملة على أحد شعائره أو رموزه تبادر (العربية) قناة وموقعا إلى تهوين الأمر ، وتستخدم عبارة غريبة هي (مثير للجدل) لوصف تداعيات الموقف أو الحدث أو التصريح الذي ينال من الإسلام . مثلا ، وصف موقع العربية تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر عن الإسلام بأنها "مثيرة للجدل" ، ولم يصفها بصفتها الموضوعية وهي (الإهانات) أو (الإساءات) (24 أيلول/ سبتمبر 2006) . كما وصف الموقع هجوم وزير الثقافة المصري فاروق حسني على الحجاب وزعمه أنه "عودة إلى الوراء" ، بالتصريح "المثير للجدل" (21 تشرين الثاني / نوفمبر 2006) . وعندما طالب الأزهر بمصادرة مسرحية نوال السعداوي "سقوط الإله في اجتماع القمة" في شهر آذار (مارس) 2007 مؤكدا في حيثيات قراره أن السعداوي "أهانت الذات الإلهية ، وسبت الأنبياء وتهكمت عليهم مع تصوير الشخصيات في مسرحيتها بصورة أقل ما توصف به هو أنه كفر صريح" ، قال موقع العربية إن القرار" أحدث جدلا واسعا بين علماء الدين والمثقفين" ، ولم ينس أن يضيف أن الكاتبة تعرضت للتهديد بالقتل من "متطرفين" (29 آذار/ مارس 2007) . ومن المعلوم أن وصف التهجم على شيء مقدس بأنه "مثير للجدل" ينزع عنه صفة القداسة ، ويجعله مجرد رأي . هذا النهج يجعل كل ثوابت الإسلام وقطعياته آراء قابلة للأخذ والرد تحت ذريعة "موضوعية" مغتصبة ومكذوبة . لا يمثل عبد الرحمن الراشد وعدد من زملائه في صحيفة الشرق الأوسط وقناة العربية وموقعها (وكذلك موقع إيلاف الأوضح تطرفا والذي يرأسه عثمان العمير ، وكان رئيس تحرير سابقا للشرق الأوسط) سوى بنادق مستأجرة . إن جناية الرجل على الموضوعية والمهنية واحترام ثقافة المجتمع العربي وقيمه الإسلامية سواء في كتاباته أو في رؤاه وسياساته التي يرسمها في قناة (العربية) لهي كبيرة ، وكبيرة جدا . ولا ريب أن التاريخ سيسجل هذه الرؤى والسياسات ، ولكن في صفحات سوداء ، لأنها ببساطة غير وطنية وغير إسلامية ومنبتة الصلة بالواقع . لن تكتب لظاهرة (الليبراليين الجدد) وعلى رأسهم الراشد البقاء والتأثير ، لأن الزبد يذهب جفاء ، وما ينفع الناس يمكث في الأرض . لن يضرونا إلا أذى .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس