السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أعود إليكم بعد غياب طال ، وأدعو الله أن تكونوا في أحسن حال .
تقول ثمالة : ( الكُدنة ) وهي : جمع الصريم من البر ونحوه بعضه فوق بعض وبطريقة
منسقة ، حتى يصبح كوماً كبيراً ، ويترك حتى ينقل لاحقاً إلى الجرين للدياس ، بعد أن يفرغوا له ويشتد يبسه .
وتقول : ( دياس ) مصدر من ( داس ) وهو : وضع الصريم في الجرين ، وتدوسه البهائم بأقدامها ،
حتى ينفصل الحب عن السنبل ، فيجمع الحب لوحده ، والباقي هو التبن .
وتقول : ( هذا شُكد ) أي : عطاء من الحبوب ( بر أو نحوه ) لمن يطلبه
وقت الحصاد بدون عمل يعمله .
وتقول : ( هذا حويش ) وهو : ما يجمعه الإنسان من الحبوب أو الصريم ، إذا حضر
وعمل مع المالك في الحصاد وفي الجرين . والفعل منه : ( يتحوّش ) .
قلت : ما تقوله ثمالة صحيح فصيح .
فالكِدنة في اللغة هي : الشحم واللحم إذا كثر وتكدس في الإنسان أو الحيوان .
فالكدنة من الصريم وإن لم ترد في كتب اللغة على خصوص هذا اللفظ ،
إلا أن الإطلاق صحيح من حيث المعنى والاشتقاق ، فالكدنة تكديس للصريم
كما يتكدس اللحم والشحم في الإنسان .
قالوا : امرأة ذات كدنة أي : ذات لحم ، وقال الأزهري : رجل ذو كدنة إذا كان
سميناً غليظاً ، وفى حديث سالم أنه دخل على هشام بن عبدالملك ( وهشام أحول )
فقال له هشام : إنك لحسن الكِدنة . فلما خرج سالم أخذته قفقفة ،
فقال لصاحبه : أترى الأحول لقعني بعينه ؟
ويقال للجمل السمين : ذو كدنة ، قال الراجز :
بُويْزلاً ذا كدْنةٍ مُعلَّـطـا
من الجمال بازلاً عشَنَّطا
وحكى أَبو حنيفة في كتاب النبات أَن الجُرائِضَ : الجَمَلُ الذي يَحْطِم كل شيءٍ بأَنيابه ؛ وأَنشد رجزاً :
يَتْبَعُها ذو كِدْنةٍ جُرائِضُ
لخَشَبِ الطَّلْحِ هَصُورٌ هائِض
بحَيْثُ يَعْتَشُّ الغرابُ البائِضُ
والكدنة يقال لها في اللغة أيضاً : ( الكُدس ) بنفس المعنى ، قال في اللسان :
الكُدْس والكَدْس : العَرَمَة من الطعام والتمر والدراهم ونحو ذلك ، والجمع أَكداس ، وهو الكدِّيس ، يمانية ؛ قال :
لم تَدْر بُصْرى بما آلَيْت من قَسَم
ولا دِمَشْقُ إِذا دِيسَ الكَداديسُ .
قلت : الكِدنة في اللغة بالكسر ، وثمالة تنطقها بالضم ( الكُدنة ) وهو نطق صحيح ،
ففي التاج : الكُدنة بالضم : كثرة الشحم واللحم ، لغة في الكِدنة بالكسر كما في المحكم والنهاية .
أما ( الدياس ) فصحيحة فصيحة ، من ( داس ) وهي : الوطء بالقدم ، قال ابن منظور :
وداسَ الشيء برجله يَدُوسُه دَوْساً ودِياساً : وَطِئَه . والدَّوْسُ : شدة وَطْءِ الشيء بالأَقدام .
قال : الدَّوْسُ : الدِّياسُ ، والبقر التي تَدُوسُ الكُدْسَ
وداسَ الناسُ الحَبَّ وأَداسُوه :
دَرَسُوه ؛ عن أَبي حنيفة . وقالوا : دياسُ الكُدْسِ ودِراسُه واحد .
ويقال: نزل العدوُّ ببني فلان فجاسَهُم وحاسَهُم وداسَهم إِذا
قتلهم وتخلل ديارهم وعاث فيهم .
أما ( الشُكد ) ففي اللسان : الشُّكْدُ بالضم : العَطاءُ ، وجاء يَسْتَشْكِدُ : أَي يطلب
الشُّكْدَ ، والشُّكْدُ : ما يعطى من التمر عند صرامه ، ومن البر عند حَصادِه ، والشُّكْد بلغة
اليمن أَيضاً : ما أَعْطَيْتَ من الكُدْس عند الكيل ، ومن الحُزُم عند الحَصْد .
والفعل: جاء يَسْتَشْكِدُ . قلت : ثمالة تقول : جاء يتشكد .
أما( الحويش ) ففي التاج : التَّحْوِيشُ : التَّجْمِيعُ ، وقد حَوَّشَ إذا جَمَّع . وكذلك يفعل
من يطلب الحويش ، فهو يجمع لنفسه وبهائمه من هذه الحبوب والأعلاف .