رد: عودة "الحشاشين"
يبدو هذا العنوان مصطلح للسلوك المنحرف والذي نشأ في القرون الوسطى وأسسها ( حسن الصياح ) تهدف الاستيلاء على السلطة عبر إغتيالات رجالاتها بعمليات إنتحارية .
فهذا الكاتب حافظ البرغوثي يكتب تحت ذات العنوان :
تعيد العمليات الإرهابية التي وقعت في عمان ضد أناس أبرياء وفي مواقع مدنية سياحية إلى الأذهان العمليات التي نفذتها جماعة أبو نضال الفلسطينية التي ادعت التطرف في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ولم تنفذ أية عملية ضد اسرائيليين قط حتى قيل إن قيادة هذه الجماعة مرتبطة بالمخابرات الاسرائيلية بل إن الكاتبة الصحافية الايطالية الاسرائيلية الأصل المعادية للصهيونية ليفيا روكاح كانت تعد كتابا حول هذا الموضوع قبل وفاتها. حيث قيل انها انتحرت وقالت لي في آخر لقاء معها في بيتها في روما في الثمانينات عندما اشتريت منها حقوق نشر كتاب لها بعنوان "إرهاب إسرائيل المقدس" انها تجمع معلومات حول احتمال أن يكون أحد قادة هذه الجماعة ضابطاً في الموساد. ولم أشأ مناقشة هذا الأمر معها، لكن حدث بعد سنوات أن قامت هذه الجماعة وكان مقرها في بغداد بتفجيرات صوتية تهديدية ضد مراكز أمن الدولة ومقاه شعبية في الكويت بهدف ابتزاز اموال الكويت فانتقدتها في بعض المقالات . واتهمتها بالعمالة لجهات مشبوهة لتشويه الثورة الفلسطينية فكان ان تلقيت رصاصة اثناء خروجي من مبنى صحيفة الوطن ليلاً لكن الرصاصة اصابت المبنى فوق رأسي ثم تلقيت في اليوم التالي مكالمة هاتفية من مجهول يقول فيها »هذه قرصة أذن فقط« . وبعدها اعتقل الأمن الكويتي خلية من هذه الجماعة ووجد ان اسمي على قائمة الاغتيال لديها فطلب مني مغادرة الكويت بحجة انهم لا يستطيعون تحمل سفك دمي، وهكذا شعرت بالندم لأن من دافعت عنه خذلني وأبعدني بدلاً من أن يحميني. على أية حال نفذت جماعة أبو نضال عشرات عمليات الاغتيال ضد مسؤولين فلسطينيين ووضعت نفسها تحت الطلب لدى كل اجهزة المخابرات وانتهى أبو نضال نهاية بشعة حيث صفته المخابرات العراقية في بغداد. وكان من عملياته اغتيال سفراء فلسطينيين وقادة ولم يقتل أي إسرائيلي قط بل هاجم معابد يهودية في اوروبا استخدمتها إسرائيل مادة دعائية للنيل من المقاومة الفلسطينية. ولعلنا نذكر كيف ان الهجوم غير القاتل على السفير الإسرائيلي في لندن اتخذه مناحيم بيغن ووزير دفاعه ارييل شارون مبررا لغزو لبنان. حيث بدأ الغزو بعد الهجوم بدقائق وكأن هناك تنسيقاً مسبقاً بين الهجوم في لندن وغزو لبنان. الآن تتكرر العمليات بالأسلوب نفسه وضد اهداف بعيدة عن الاحتلال الأميركي سواء ضد مدنيين ابرياء في اسواق ومطاعم ومساجد عراقية او ضد فنادق في عمان يعلم القاصي والداني انها اهداف مدنية لا يؤمها الاميركيون وغيرهم بل ان فندق ساس في عمان اشتهر بأنه محطة فلسطينية يؤمه فلسطينيون من الجليل والمثلث . ومن الضفة وتقام فيه ثلاث حفلات زفاف يوميا لعائلات اردنية من اصل فلسطيني. ولعلني منذ البدء استبعدت ان يكون الانتحاريون من الأردن بسبب طبيعة الأهداف حيث لا بد من أن يكون المنفذ جاهلاً بنوعية رواد الفنادق حتى يفجر نفسه. ولهذا استخدمت الجماعة المنفذة عراقيين لا يعرفون الأهداف مثلما تستخدم الجماعة نفسها غير عراقيين كانتحاريين لتفجير مساجد واسواق شعبية في العراق. لأن العراقي لا يفجر نفسه في مسجد او في سوق شعبي لأنه يعرفه. فيما الانتحاري القادم من الخارج قد يلقن ان ثمة اعداء في الموقع. وهكذا. وكنت على مدى سنوات عديدة من نزلاء فندق ساس الذي يقل فيه السياح الاجانب وترتاده مجموعات من عرب الجليل ومن الضفة وكان مقرراً أن أكون فيه يوم الجمعة الماضي لانجاز عمل في عمان وليس من الصعب دخول الفندق رغم مرابطة سيارة شرطة امام مدخله ووجود ضابط مخابرات مقيم فيه، ففي المساء يؤمه المئات من المدعوين لحفلات الزفاف. ولا يمكن التمييز بينهم بل لا يمكن المرور في قاعاته او استخدام مصاعده لكثرة المدعوين ولهذا كنت اتعمد الخروج من الفندق مساء والعودة بعد منتصف الليل مع انتهاء حفلات الزفاف. وفي آخر نزول لي فيه قادماً من الإمارات قبل شهر رمضان التقيت الشاعر الكبير سميح القاسم القادم من حيفا وعائلته وامضينا يومين معاً في جلسات شعرية خارج وداخل الفندق. ولم أفاجأ بمقتل بعض الاصدقاء من الضفة في تفجيرات الفنادق حيث يرتادها فلسطينيون في الذهاب والاياب من والى الضفة ومن بينهم الصديق بشار القدومي الشاب المقدسي الذي زارني في رام الله قبل اسابيع برفقة وفد نقابي سويدي وكان ذاهباً للقاء الوفد نفسه في فندق حياة لكنه قتل فيما اصيب السويديون. لقد أضر بالمقاومة الفلسطينية تشتتها وتشرذمها بحيث صار هناك من يستخدمها لاغراضه الخاصة بعيداً عن الهدف الاساس وصارت هناك اختراقات خارجية لها، والشيء نفسه يتكرر مع المقاومة العراقية. ومع تنظيم القاعدة نفسه حيث صار بإمكان أي جهة القيام بالقتل والخطف والتفجير تحت مسميات مختلفة لا علاقة للاسلام وللمقاومة بها. ومن مفارقات القدر ان يكون المخرج مصطفى العقاد وابنته من بين ضحايا التفجيرات . وهو الذي نقل إلى الغرب صورة حقيقية عن الإسلام في فيلم الرسالة وهو الذي كان يعد فيلما عالميا جديدا عن الناصر صلاح الدين مبشرا بناصرين جدد لانتشال هذه الأمة من مستنقع الانحطاط والهزيمة الا ان الضلاليين قتلوه مع مشروعه. فصلاح الدين حارب الاحتلال الصليبي لبلاد الشام كلها لكنه وجد فئة ضالة تناصبه العداء مثلما ناصبت سلفه نور الدين زنكي وهي جماعة الحشاشين التي عقدت تحالفاً مع الفرنجة لمحاربته. فهل يستوحي الارهابيون الجدد أفكارهم وتحالفاتهم من الحشاشين. ربما بل إن ذلك أكيد. * نقلا عن جريدة "البيان" الإماراتية
|