رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الاثنين29/1
صحيفة اليوم: 29-1-1430هـ العدد :13009
مخرجات التعليم والبطالة
د.محمد بن سليمان الأحمد
لقد دق جرس الإنذار أو ناقوس الخطر ولأول مرة وزير التربية والتعليم ،عندما صرح في مؤتمر صحفي بأن «90% من مخرجات التعليم الحالية لا ترتبط بسوق العمل» والحقيقة أن هذه المسئولية يشترك فيها مع وزارة التربية والتعليم ، وزارة التعليم العالي بجامعاتها الحكومية العشرين ،وجامعاتها الخاصة الخمس، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بكل كلياتها التقنية ومعاهدها الفنية والمهنية ،هذا في جانب التعليم والتدريب كما يشارك هذه المؤسسات التعليمية والتدريبية عدد من المؤسسات التوظيفية والتشغيلية ،منها وزارة العمل، ووزارة الخدمة المدنية ، ومجلس الغرف التجارية والصناعية، كما يشاركهم في تحمل هذه المسئولية الوطنية الكبرى جهة تمويلية وهي هنا وزارة المالية.عندما يتحدث اكبر مسئول في وزارة التربية والتعليم ،ويكشف عن دور مخرجات التعليم في البطالة، وعن تلبية هذه المخرجات لاحتياجات سوق العمل، الوزير لم يأت بجديد،لان القطاعين العام والخاص وخطط التنمية وخصوصاً الثلاث الأخيرة منها ،تنحي باللأئمة في مشكلة البطالة على مخرجات التعليم ،الجديد في هذا التصريح اعترافه ولأول مره بهذه العلاقة .المطلوب من معاليه أن يرشدنا إلى الحل لهذه المشكلة التي يرددها الجميع، فالتعليم العالي يحيلها إلى التعليم العام ،والتعليم العام يحيلها إلى التعليم العالي، والتدريب التقني والمهني يحيلها إلى التعليم العام ،والأخير يعيد الكرة إلى ملعب التدريب بكل مؤسساته .والضحية في هذا النقاش البيزنطي ،هم أبنائنا والذين يحملون ملفهم العلاقي الأخضر بين مؤسسات التوظيف الحكومية والأهلية ولا من مجيب .الحل في نظري أن يلتقي خبراء من جميع الجهات التوظيفية والتعليمية والتدريبية وفي اجتماعات مكثفة ، تحدد مدة عملهم بفترة زمنية محددة، يجرون خلالها العديد من الدراسات والبحوث، ويخرجون من كل ذلك بعدد من التوصيات ترفع للوزراء المعنيين في قطاعاتهم، الذين بدورهم يرفعون تلك التوصيات ،لتصدر على شكل قرارات من أعلى سلطة تنفيذية في بلادنا وهو مجلس الوزراء .المسألة جد مهمة، قد لا يشعر بها كبار المسئولين اليوم ولكنها تزحف لتأتي على الأخضر واليابس وسوف يشعرون بها في القريب العاجل عندما لا يجد أقاربهم أي فرصة للعمل لا في القطاع الحكومي ولا الخاص.لا نريد لأبناء بلادنا أن يعانوا البطالة ويعيش بين كل ثلاثة سعوديين منهم وافد جاء بتأشيرة عمل ليعمل في مهنة بسيطة قد يقوم بها أي سعودي أو سعودية .لا ليست العادات ولا التقاليد التي تمنع السعوديين من قبول أي عمل ،فقد وجدت من يعمل ،وكذلك من لديه الاستعداد ليعمل ،في أي مجال، فقط مع ضمان العيش بدخل يوازي مستوى المعيشة في بلادنا لشخص محدود الدخل .البطالة داء مدمر، وإذا استفحل فسوف يشعر بلظاه الجميع ولا أستثني أحدا، وما نبحث عنه اليوم من كبار المسئولين وفي مقدمتهم وزير التربية والتعليم وضع الحلول لأننا قد شبعنا من وصف المشكلة.
المدينة : الإثنين 29 -1- 1430 هـ العدد :16714
عمر سنان .. جبل تصدّع
عدنان محمد أمين كاتب
رحل عنّا الى مثواه والدنا المعلم الشيخ عمر محمد سنان الرجل الانسان الذي كرس وقته وجهده لخدمة حجاج بيت الله الحرام، ورصد ماله وثروته لمساعدة المحتاجين، واغاثة الملهوفين وقضاء الدين عن المدينين، وعرف بالنخوة والشهامة والصدق والوفاء والنزاهة، فكان دائماً يبذل المعروف. ويفك ضائقة المحتاج ويمهل ذا العسرة الى حين ميسرة، ويصبر على ما له من حقوق عند غيره فيمهلهم ويتقبل اعذارهم، ويتعامل مع الناس بخلق حسن فيعفو عن مخطئهم ويسامح مسيئهم وينبذ الملاحاة والمجادلة مع متعصبهم، فكان سهلا ً سمحاً كريماً في تعامله، مرناً خلوقاً حليماً في مسيرته مع غيره، يتجنب المراء وان كان محقاً، ويحسم المواقف الخطيرة بالتسامح والاعتدال والحلم في علاجها، مستعملاً اسلوب الرفق والبساطة والصراحة واللين مع الناس. وكانت له هيبته وجاذبيته لدى محدّثه أو رائيه، كما كان محباً لوطنه وامته، انفق حياته في خدمة الوطن واقامة صروح معرفية للتربية والتعليم ورعاية الحجيج بما توفر له من آلة صناعة المخيمات في المشاعر المقدسة (منى وعرفات)، كما كان يتمتع بحب وتقدير ارباب المهن من مطوفين وتربويين ومثقفين وسواهم الذين يكنون له كل حب وتقدير خاصّين.وقد عرف له السبق في بذل الخير وصنع المعروف حىث يعد في مقدمة المحسنين الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية، ويتحرون البحث عن الفقراء الذين لا يسألون الناس الحافاً فيحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف، وبلغ من حبه للخير وتمسكه به انه كان يأمر فتيانه بامهال عملائه الى حين ميسرة، ولا يرهقونهم بالالحاح في القضاء، فاذا ما لمس حاجتهم الشديدة التي تحول بينهم وبين القضاء فكان يحطّ عنهم دينهم ويعفو عنهم. ولم يكن عمر سنان بالذي يحرص على كنز المال بل كان ينظر اليه على انه وسيلة تمكنه من خدمة الوطن والاسهام في بنائه ورقيّه، فحرص على توظيفه في الصالح العام بما يعود على الوطن العزيز باسباب الرخاء والسمعة الطيبة، فقد ادرك بصدق احساسه، وبُعد نظره، ودقة فراسته اهتمام حكومتنا الرشيدة وحرصها الشديد على النهوض بقطاعين مهمين في الدولة يسهمان في تحقيق النهضة الوطنية الحديثة، احدهما قطاع داخلي في غاية الاهمية، والاخر قطاع خارجي له شأنه الخطير ووزنه الكبير في المجتمع الدولي والاسلامي بصفة خاصة، فأدلى بدلائه في تنمية وخدمة هذين القطاعين بعناية بالغة. اما القطاع الاول فهو مجال التربية والتعليم باعتباره الركيزة الاولى التي تقوم عليها النهضة الوطنية الحديثة، فانطلق يثري هذا المجال ويدعمه من خلال انشاء العديد من قلاع العلم والمعرفة والتربية في انحاء مكة المكرمة، نذكر منها: مدارس الفرقان بمراحلها الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية في حي الحمرا، مدارس الفرقان بمراحلها الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية في الشرائع، مدارس الفضل العالمية بمراحلها الثلاث في مكة المكرمة، مدارس البتول للبنات بمكة المكرمة، ومدارس الفضل الهندية والباكستانية الخاصة بتعليم الاجانب بمكة المكرمة بالعزيزية. وقام بادارة هذه المدارس والاشراف عليها ابنه البار والتربوي الحصيف الاستاذ فريد عمر سنان، الذي حرص على توفير صفوة المدرسين لها من المملكة والعالم العربي واجزل لهم العطاء حتى استطاعت هذه المدارس ان تحقق الهدف المرجو منها، واصبحت منارة اشعاع فكري وثقافي وتربوي في ام القرى، وتخرج فيها اجيال واجيال من ابناء الوطن الذين تقلدوا مختلف المناصب المهمة في الوطن وخارجه واسهموا في رقي الوطن وتقدمه. اما القطاع الاخر فهو قطاع روحاني جليل يحتل المقام الاول من اهتمامات الدولة لانه يتصل بخدمة البيت العتيق واكرام قصّاده من حجاج ومعتمرين وزائرين، ممن يحتاجون الى رعاية وعناية من ابناء هذا الوطن الذين اكرمهم الله وشرفهم بوجود بيته الحرام في بلادهم وفرض عليهم اكرام حجاجه وقصاده لانهم ضيوف رب العالمين. ولما كان هؤلاء الحجاج تشتد حاجتهم -في العادة- الى السكن والراحة اثناء اقامتهم في ديارنا، فقد انبرى الشيخ عمر السنان الى الاهتمام بهذا الشأن، ووجه عنايته الى توفير السكن المناسب لهم في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة. فكانت مخيماته الفارهة في المشاعر المقدسة تحتضن حجاج بيت الله الحرام وتيسّر لهم اقامة مريحة في كل من منى وعرفات، وكان يحرص على تزويد مخيماته بكل وسائل الراحة من فُرُش متميزة وبُسُط وثيرة ونمارق مصفوفة وتشييد رائع يتسم بالجدة والحداثة، الى جانب تكثيف عدد الخيام بحيث يفيض عن حاجة الحجاج حتى يقضوا مشاعرهم في راحة تامة واطمئنان كبير، الى جانب فنادقه العديدة في ام القرى التي اقامها لنفس الغرض. لقد فقد رجال التربية والتعليم وارباب الطوائف هذه الشخصية الخيرة التي كرست حياتها لعمل الخير، وبذل المعروف، وكانت مثالاً يحتذى في البر والاحسان والعمل على عمارة الاخرة بالبذل والعطاء ومساعدة المحتاجين ومد يد العون للفقراء والمساكين، والعطف على الارامل واليتامى، فكانت شماله -رحمه الله- لا تدري ما تنفق يمينه، وما ينفقه بالليل لا يذكره في النهار. لقد كان فقده فجيعة لنا، ولكن عزاؤنا ان هذا مصير كل انسان وان كل من عليها فان ويبقى وجه ربنا ذو الجلال والاكرام، ودعاؤنا لآله وابنائه الكرام بطول العمر والسير على درب هذا الوالد الكريم في البذل والعطاء ومساعدة الناس.
إنا لله وإنا إليه راجعون
|