الملف الصحفي للتربية الاربعاء28/3

[صقر قريش]

الوطن :الأربعاء 28-3-1430هـ العدد :3099
الإصلاح الإداري العاجل
سعد محمد مارق
لدينا مشروع إصلاحي كبير يقوده خادم الحرمين الشريفين بدأ منذ فترة ومستمر وكان آخره قرارات إصلاح التعليم والصحة والقضاء. نحتاج ونحن نعاصر تلك الإصلاحات أن نفكر وبشكل شمولي في المنظومة الإدارية التي ستتولى في النهاية تنفيذ البرامج الإصلاحية ، فالإصلاح الذي لا يتناغم معه الأشخاص ولا الأجهزة الحكومية يواجه صعوبات في التنفيذ بل أحيانا قد يكون غير قابل للتطبيق.
هذا يذكرني بقصة إحدى أكبر الشركات الأمريكية التي قررت إجراء إصلاح جوهري وتعاقدت مع إحدى المؤسسات المتخصصة، وتسلمت الشركة الخطة الجديدة للإصلاح وكانت المراهنة على أن هذه الخطة الإصلاحية لتلك الشركة ستقفز بمبيعاتها عشرات الأضعاف. ولكن حدثت المفاجأة، واستمرت مبيعات الشركة في الانخفاض وكانت الصدمة الكبيرة لتلك الشركة.
بعد التحليل اكتشف الخطأ!!! فقد قامت الشركة بتطوير المنتج وتطوير الأساليب التسويقية وخدمات ما بعد وقبل البيع ولكن ما أغفلته هو "فريق العمل" الذي سيؤول إليهم تنفيذ تلك الإصلاحات، وهم موظفو الشركة، فقد اكتشف "الفراغ" الكبير بين مستويات ومؤهلات "فريق" العمل وبين طموحات ومتطلبات الخطة.
هذه القصة وغيرها تعطي مؤشرا كبيرا وهو أن الإصلاح يجب أن يأخذ في الاعتبار جميع الجوانب التي لها علاقة بالبرنامج الإصلاحي وهذا ينطبق سواء على الشركات أو على الدول. نعم لدينا مشروع إصلاحي طموح ونادر ويقف خلفه قامة كبيرة جدا ولكن يجب أن نتنبه لفريق العمل الذي سيؤول إليه تنفيذ تلك الإصلاحات وهم "الموظفون".
وزارة الخدمة المدنية بنظامها الحالي عاجزة عن مواكبة الإصلاحات القادمة، وتحتاج إلى خطة عمل وبرنامج إصلاحي جذري لجميع أنظمتها. هذه الوزارة مسؤولة عما يقارب مليون موظف، هؤلاء الموظفون هم في النهاية من سيقومون بتنفيذ تلك الإصلاحات التي صرف عليها عشرات المليارات... والموظفون والنظام بحاجة إلى تجديد وتطوير جذري وبما يتوافق مع متطلبات المرحلة القادمة.
نعم هناك إصلاحات في وزارة الخدمة المدنية ولكنها جزئية لا تفي بالغرض. نظام الخدمة المدنية صدر قبل أكثر من 33 سنة وهو النظام الذي تعمل به الوزارة حتى هذا اليوم. وزير الخدمة المدنية صرح في إحدى المقابلات أن النظام جيد ولا يحتاج لتطوير!! وأن هناك إصلاحات لأنظمة جزئية في الوزارة.
الوزارة تحتاج إلى مشروع إصلاحي كبير وحديث وشامل يتواكب مع المشروع الإصلاحي في التعليم العام والعالي والقضاء والصحة. العالم المتطور يهتم كثيرا برفع مستوى كفاءة وفعالية الجهاز الإداري ولنقرأ تجارب الدول في الإصلاحات لنجد أن أي إصلاح سواء كان اقتصاديا أو اجتماعيا يسبقه إصلاح إداري، وماليزيا من أكثر البلدان التي نجحت في ذلك، فعندما فكرت في الإصلاح بدأت أولا بجهاز الخدمة المدنية.
نشاط الدولة لدينا توسع بشكل كبير، الإنفاق تضخم فكنا نعمل على ميزانيات محدودة والآن الدولة تعمل بميزانيات ضخمة تجاوزت التريليون، وأعداد الموظفين في الدولة يزداد من عام لآخر، كل هذه المعطيات تتطلب من وزارة الخدمة المدنية "التغيير الجذري" لجميع أنظمتها.
إذا أردنا أن ينجح لدينا مشروع إصلاح القضاء والصحة والتعليم العام والعالي وغيره من المشاريع الأخرى فلا بد أن تكون أجهزتنا الحكومية أكثر كفاءة وإبداعا. والنظام الحالي لوزارة الخدمة المدنية لا يساعد على ذلك. نرغب في مشروع إصلاح إداري يحفز الموظف على العطاء ويفتح مجالات العمل ويطور الخدمة ويخفف العبء على ميزانية الدولة ويتناغم مع مشروع الإصلاح الكبير الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين.