الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > الإسلام والشريعة > الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-14-2009   رقم المشاركة : ( 3 )
فاعل خير
أبو عبدالله

الصورة الرمزية فاعل خير

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 566
تـاريخ التسجيـل : 26-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 13,279
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 339
قوة التـرشيــــح : فاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادةفاعل خير تميز فوق العادة


فاعل خير غير متواجد حالياً

افتراضي رد: سيرة الشيخ ابن جبرين رحمه الله

منزله ومناصبه الزهيدة :


لم يأبه للمناصب الرسمية , وكثير من الناس يصفونه بمناصب تَشرفُ به, وينعتونه بها من حسن ظنهم بنزاهة المناصب ومن يتولاها , لكنه لم يعين فيها أصلاً , بل ليس له منصب رفيع إلا في قلوب الناس , فهو خطيب لجامع عادي في الرياض , وعضو إفتاء متقاعد فقط , هكذا بدون زيادة , شغل منصب معلم في معهد في الرياض سنين طوال , وهذا المعهد إنما تعادل شهادته الثانوية , ونقلت خدماته للجامعة على كبر سنه , فلم يمكث فيها إلا بضع سنين .


ثم طلبه شيخه ابن باز ليكون معه في رئاسة الإفتاء بمرتبة مفتٍ يرد على الهاتف ويجيب على الأسئلة الشفهية ويراجع البحوث قبل نشرها بمجلة الإفتاء , لم يكن ذا منصب رسمي كبير في رئاسة الإفتاء مثل بقية الشيوخ , ولكنه إذا دخل مكتبه تقاطر الناس عليه كما يتقاطرون على مواقع الربيع والخير , فكان هو زينة للمنصب , وبقي رفيع الجاه والمكانة عند الناس .


هذا هو ابن جبرين رجل يملأ سمع وبصر طلبة العلم في الخليج قاطبة , يتشرف طلبة العلم بجلسة معه , يفخرون بسؤاله مباشرة , وهو يحبهم ويودهم ولا يأبه بدنياهم , وما ازداد إلا حباً في قلوب الناس , وما أزداد إلا تواضعاً , فهو طيب القلب , وادع في تعامله , حنون على أمته وأبنائها.

هاهو يبحث عن اليتيم والأرملة ,كما يبحث المزارع عن شجرة يحبها فينظر هل تحتاج لعناية فيصلحها , يقضي سحابة نهاره مع الشعب , يمسح دمعة هذا , ويشفع في حال ذاك , يجمع تبرعات لتلك الأسرة الفقيرة , يسدد فاتورة الكهرباء لذلك العجوز الذي لم يجد معيناً وأنيساً , يسمع الأخبار عن أحوال المضطهدين والمشردين في العالم , يبكي ويحزن ويتألم لمصاب ابن آدم على هذا الكوكب الصغير .

في بداية الأمر سكن الرياض في أول قدومه في بيوت الطين وبقي فيها دهراً طويلاً , ثم بنى بيتاً في حي من أحياء المدينة الممتدة وبيته الجديد في الرياض لم يبنه إلا بعد أن زاد عمره على الخمسين , يقع المنزل في منطقة عادية وحي يسكنه عامة الناس , وكان مبلغ بنائه للمنزل عبارة عن قرض من صندوق للإقراض العقاري الحكومي في المملكة بدون فوائد ربوية .

فهو مثل بقية عباد الله من أواسط الشعب ذوي الدخول المحدودة رغم شهرته وسمعته , يقترض من الصناديق العامة , ويسدد من حسابه كل شهر , ولو أراد أن يتاجر بكتبه أو يرتزق من محاضراته ودروسه لفعل ولغنم أي غنيمة ,لم يهرب من الدنيا ويرفضها , ولكنه لم يركض ويلهث ورائها , ومع ذلك جاءته الدنيا صاغرة فركلها بقدميه , وآثر ما عند الله فعاش سعيداً محبوباً من الناس .

أبطال من الصحراء :


نخوته ونجدته أصبحت حديث الناس , فهو يتكلم بصوت مسموع إذا عجز العلماء عن النطق , ويتحرك إذا قعدت بهم نفوسهم عن الحركة , يصارع الحياة ويغالب الوقائع , يراه المرء في مواقف الكرامة التي يخشى الشاب على نفسه من الولوج فيها .

لا يرضى بأن تؤذى حمامة فكيف بأن يؤذى مسلم , وأعظم من ذلك في نظره أن يكون الذي لحقه الأذى عالماً مخلصاً , أو شاباً أوذي من أجل دينه وعقيدته , فيراه الناس جميعاً يحرص أن يكون أول الزوار له , والمناصرين له , لا يبالي بكلام الناقمين , ولا يلتفت لغضب الغاضبين ممن جرفتهم الأهواء , أو خشوا أن يؤثر ذلك على مكانتهم الدنيوية أو مناصبهم الرسمية .

عرفه طلبة العلم في المواقف الصعبة , فهو لا يتحدث إذا وجد من يكفيه في الحديث فهو لا يتكلم لمجرد أن يقال تكلم فلان, وهو لا يشارك الغوغاء صخبهم سواء كانوا من المنتسبين للعلم أو جهلة الناس , ولكنه إذا رأى أن العجز والضعف دب لقلوب الخاصة , وخشي أن لا يقوم بالحق قائم , تراه وقد قام من بين الصفوف ليكون فيصلاً وناطقاً يحمده التاريخ , فهو يَسترُ عنا سوءة الضعف والخور التي رافقت المسلمين في عصورهم المتأخرة .

في مواقفه تلك يحرص ألا يؤذي هذا ولا ذاك , فهو لا يَمدُّ لسانه لشتم أحد أو التنقص من أحد, بل يعمل في صمت وخلق رفيع , ويحمل في قلبه صدق العربي القروي الذي يعامل الناس بصفاء سريرة ومودة ومحبة , ولذلك زرع محبته في قلوب الحكام والمحكومين , فهو طراز فريد اجتمعت فيه غيرة المؤمن وإباء وعزة العربي الصميم .

يحافظ على الأمن الفكري والأمن الحسي , لا يشوش على الناس حياتهم , ولا يحث على زعزعة الأمن , ولا يقبل أن يشوه الدين , يقف بحكمة وروعة دائماً , ولو جمعت مواقفه في ذلك لكانت شيئاً عجباً يستفيد منها الجيل بعد الجيل .

من مواقفه التي أوذي فيها وخرج ناصعاً نقياً , موقفه من طائفة من المنادين بشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها الخداع والتمويه .

فقد فصل من عمله الرسمي بسبب جمعية تأسست باسم الدفاع عن الحقوق , وليس لها من اسمها نصيب , جاء أصحابها إليه فأيدهم شفهياً , كما يبارك ويؤيد كثيراً من أصحاب المشاريع , فأوهموا العامة أن من زعمائهم ابن جبرين , كانت هذه الوقائع والأحداث بعد حرب الخليج التي احتل فيها العراقيون الكويت بسنتين وذلك عام (1413) .

فثارت عليه الصحف ليس من باب كرهها في المعارضة , ولكن لأنه عالم شرعي ديني ورغبة في إقصائه , وإلا فمنهج عدد من الكتاب في الصحافة العربية فيه لوثة كبيرة , وعدد منهم ينتمي لتيارات فكرية هدامة ويعلن ذلك في كل محفل , ومع كل تلك المخازي لعدد من كتاب الصحف لم تتحدث الصحافة عن أصحابها , ولم تزمجر في وجه أصحابها بالويل والثبور وعظائم الأمور كما هي عادتها إذا كان الخصم يمثل الإسلام , وعندما قامت الحملة الشرسة عليه لم يحاول ابن جبرين إثارة الرأي العام ولا الانتصار لنفسه , ولم يشتم أحداً أو يؤذي أحداً , فهو لم يتعود على الانتصار لنفسه , وإنما هدفه دائماً نصرة الإسلام .

ثم بعد فترة عرف ابن جبرين حقيقة هذه الفئة , بعد أن تواصل معه عدد من كبار العلماء الذين عروهم من قديم , وعرف أنهم يتلبسون باسم الحقوق ليصلوا لمآرب أخرى , ففاجأ الناس بخطاب كتبه بخط يده , كما هي عادته في خطاباته وفتاواه التي لا يقبل أن يصوغها أحد له , نشر تبرؤه من هذه المجموعة بكل وضوح وبدون لبس وغموض , وأعلن عدم تأييده لهم ولمنهجهم , وذكر أن الخير والصلاح في جمع الكلمة , ولم الشمل , وأن التفرق مذموم في الشريعة , ومنهج الإصلاح ليس فيه تأليب على انفلات الأمن , ولا دعوة للخروج على النظام العام , وليس فيه تهيج لعواطف العامة واستغلال سذاجتهم وسطحية تفكيرهم , ولا تلبيس وتدليس للحقائق وكتم الحسنات وإظهار السيئات .

شجاعته في التبرؤ منهم أذهلت الناس , فهو بهذا يخالف سذاجة العامة وبساطة تفكيرهم , وكثير من أصحاب الأقلام الصحفية يحاول أن يكسب التيار المعارض ولو كان على الباطل والجهل , والحق أن العالم الرباني هو الذي يقول الكلمة بناء على ما ترجح له , ليس بناء على ضغط طلابه وجمهوره , ولذلك كان بيانه في تلك الفترة من علامات قوته وشجاعته في قول ما يعتقد هو , وعدم قبوله للفكر الهمجي الغوغائي .


من مواقفه الخالدة موقفه في الدفاع عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عن أعراض أمهات المؤمنين , لقد سطر على صفحات المجد أروع القصص في الذب عن أعراض الأبرار الأتقياء , وجاءه من الأذى ما لو وزع على جموع كثيرة لأتعبهم , حرصه على العقيدة والتوحيد أكثر من حرصه على جمع حطام الدنيا والسعي خلف بهارجها ومناصبها , لم يحسن بعض الجهلة التعامل مع مواقفه هذه , وشنعوا عليه وعليها , ولكنه قال وكتب ما يكون شامة في جبين الأمة التي ضرب الذل والهوان على أكثرها .

ابن جبرين لازال شوكة في حلوق طوائف من أهل البدع والخرافة , وخاصة الرافضة الذين يشتمون الصحابة ويكفرون أمهات المؤمنين ويطعنون في الرسالة الخالدة وقرآنها وحملتها , ويتمسحون بقبور الأولياء ويدعون سادتهم عند الملمات وينسون فاطر الأرض والسموات .

فتاواه فيهم مصدرها الكتاب والسنة , وهدفها حماية المجتمع المسلم من الاغترار بالشعارات البراقة ونسيان العقائد المنحرفة , كان موفقاً وحكيماً وشجاعاً في مواقفه , فكم من رسالة جامعية لم تؤثر فيهم , وكم من مؤتمر عام للتنديد بجرائمهم لم يظهر أثره عليهم , وكم من خطبة ومحاضرة تكلمت عنهم لم تجد طريقها للناس .

ولكن قصاصة من كلام من ابن جبرين أو خطبة منه قلبت الدنيا ظهراً على عقب , وتلقفتها القنوات الإخبارية مباشرة , وسعت الصحافة لإبرازها والحديث عنها فالمتحدث هو العالم الجليل وبطل الرياض العظيم .

كلامه عنهم طار في الشرق والغرب وأصبح تاريخاً لوحده , كما فعلت فيهم يوماً من الأيام خطبة إمام المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي , لقد تعالت صيحات الرافضة مطالبة النصارى بمحاكمة ابن جبرين !! , تعالت صيحاتهم المشبوهة مطالبة بمحاسبته علناً وهو طريح الفراش يصارع المرض لا يدري عن نفسه , فهل رأيت مريضاً يهابه ملايين الأصحاء في الأبدان!!, فصحة العقل والدين لا يعدلها صحة وقوة , ومرض العقل والدين لا يصلح معه شيء آخر.

ابن جبرين رغم فتاواه في الرافضة قد بين مراراً للطلاب والناس مغزى الفتاوى , فبيان الحق لا يعني استحلال الدماء وخلخلة الأمن , ففرق بين البيان العلمي وحماية عقول الناشئة والعامة , وبين القتل والتدمير وإزهاق الأرواح .

وهذا حق وعقل , ومتى اجتمع الحق والعقل الرشيد صلحت البلدان وعمرت الأوطان وحميت الأديان , وإذا نظرنا كيف أن الله أمر بجهاد المنافقين , وأمر بالغلظة عليهم , وهذا الأمر بجهادهم جاء في أكثر موضع , ولم يكن أمراً للندب بل هو للوجوب , ومع ذلك لم يأمر الله بقتلهم , ولم يأمر الله بزعزعة الأمن في المدينة النبوية التي كثر فيها المنافقون في عصر النبوة , وقد تَرَك النبي صلى الله عليه وسلم قتلهم تقديراً لشعور الناس العام وحتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه .

وكان النص القرآني يفضحهم ويفضح مخططاتهم , ويُشِّهر بأعمالهم , ويتحدث عن صفاتهم وطريقة كلامهم , ولكن بقيت شخوص كثير منهم مجهولة لكثير من الصحابة , حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر نفراً يسيراً من الصحابة عن شخوص المنافقين وأسمائهم , وعاش الناس في ظل دولة إسلامية , تطبق شرع الله , وتقيم حدود الله , وهي تعلم أن من بين أبنائها ومن بين أعضائها شياطين في المكر والفساد والعناد .

وإذا كان هذا حال القرآن مع المنافقين فهكذا حال العلماء الربانيين مع أهل البدع , فهم يبينون للناس دين الله , ويفضحون المخططات ويجهزون عليها , يقولون الحق بدون مواربة أو ضبابية أو غموض وتلبيس , فدين الله له رجال يحمونه , وله رجال يذودون عن حياضه , ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .

وكلام أهل العلم يجب أن يفهم على أنه للبيان والحقيقة , وليس استغلالاً لواقع سياسي أو مطمع دنيوي , وأعمال الجُهال لا يلام عليها العلماء , وإلا لحذفنا آيات العداوة من المصحف مع اليهود والنصارى حتى نجامل اليوم الغرب ونسير في ركاب حضارتهم .

******************

آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
كلمة للشيخ عبدالله بن جبرين بعد وفاة الشيخ بكر ابوزيد غفر الله لهما الدانه الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي 5 07-19-2009 02:32 PM
كلام الشيخ يحيى الثمالي عن الشيخ بكر ابو زيد رحمه الله ابو الفهد الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي 5 09-27-2008 04:51 AM
لماذا احببنا الشيخ ابن باز رحمه الله ..؟ أبو فيصل الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي 4 07-26-2008 02:39 PM
ترجمة حياة سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- ورد الجوري الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي 3 05-01-2008 11:05 PM
من طرائف الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله واحد مصدر الــمـنـتـدى الـعـام 7 06-07-2007 09:42 PM


الساعة الآن 06:10 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by