الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > الإسلام والشريعة > الــمـنـتـدى الإسـلامــــــــي

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-24-2009   رقم المشاركة : ( 12 )
اخ مشارك
عضو


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 5118
تـاريخ التسجيـل : 15-12-2009
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 17
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : اخ مشارك


اخ مشارك غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو : أحمد قاسم الغامدي

فصل



في مناقشة ما ردّه الغامدي من أدلة المانعين

بعدما فرغ الغامدي من ذكر أدلته التي زعم تحقيقها لمبدأ جواز اختلاط الرجال بالنساء في المرافق العامة والخاصة! أورد في (مقاله الصحفي) أدلة المخالفين له! وكأن المخالفين له من شرار الخلق، وأهل الضلال! فيا ليته على وجه القسمة المرضية، والعدل في القضية ينزل لنا في الأسبوع المقبل بطرح واسع مثله في نقض مذهب (الرافضة) و(الصوفية) و(الجهمية) و(الليبرالية) فيورد أدلة أهل السنة ويؤيدها، ثم يورد أدلة أهل الضلالة ويفندها، ولكنّ:


لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

فهو وأمثاله –من المخذولين- هلكوا تحت محبة الظهور والشهرة مع أقرب طريق، بإظهار الموافقة لأهواء أرباب الإعلام المنحرف، حتى يشهروا ذكره عبر صفحات الصحف، وتتناقل قنوات الفساد قوله فتنة للعالمين!
ولكن أبى الله تعالى إلا أن يذل من ابتغى العزة بغير الله ودينه، فيكون ارتفاعه ارتفاع الدخان الذي ما يلبث إلا ويتبدد ويفترق ويزول! كأممٍ من أهل الضلال والانحراف الذين غابوا في زبالة التاريخ (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) (الدُخان:29) .
وحان الآن الوقوف مع الأدلة التي زعم الغامدي فساد الاستدلال بها، فأقول:
الدليل الأول: قال الغامدي: (ما رواه ابن جريج أخبرنا عطاء ــ إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال ــ قال: كيف يمنعهن، وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟ قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: أي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب. قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن الرجال، كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: عنك، وأبت، فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمنا حتى يدخلن، وأخرج الرجال... الحديث.
قلت: أخرجه البخاري، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه بقوله «باب طواف النساء مع الرجال»، فطواف النساء مع الرجال قد أقره عليه السلام، وعليه عمل السلف، ولو كان الاختلاط محرما لكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين طافوا معه بالبيت الحرام نساء ورجالا أحق الناس بامتثال ذلك، ولا يزايد على تقواهم إلا ضال.
أما قول عطاء: (لم يكن يخالطن الرجال، كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال، لا تخالطهم) فإن ذلك لا يعني نفي مطلق الاختلاط، كما قد يغالط به العوام وأشباههم، وإنما معناه لم يكن أزواجه عليه السلام يزاحمن الرجال؛ فإن المزاحمة لا تجوز، وإنما تسمى اختلاطا تجوزا في العبارة، وقد كن يطفن حجرة عن الرجال أي ناحية عنهم فالاختلاط عموما واقع في الطواف، ولذلك بوب عليه البخاري بقوله «باب طواف النساء مع الرجال» استنباطا من ذلك الحديث، ويصحح ذلك الاستنباط ما جاء في أول الحديث من إثبات طواف الرجال مع النساء بقوله: (كيف يمنعهن، وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟). وعلى هذا فغير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى، ولذلك لم تنكر عائشة رضي الله عنها على من قالت لها (انطلقي نستلم) وتركتها وما أرادت.
قال الحافظ ابن حجر قوله: (حجرة) بفتح المهملة وسكون الجيم بعدها راء أي ناحية، قلت: أما قوله (إذا دخلن البيت) فالمراد بالبيت الكعبة فإنه كان يخرج الرجال حينذاك ليتيسر للنساء الصلاة فيها بغير مزاحمة).
قلت: وهذا تعقيب فاسد، ومن استدل به على منع الاختلاط بين الجنسين هو الأولى بالصواب، فاللفظ واضح لا يحتاج إلى تهوك الغامدي وتنطعه! فعطاء نفي المخالطة وقال: (قال: لم يكن يخالطن الرجال) وهذا كلام يفهم منه العوام وأشباههم نفي تداخل جموع النساء مع جموع الرجال، وخاب وخسر من العوام وأشباههم أصح منه فهما وهو يدعي العلم والمعرفة.
وكيف وهذا الفهم هو فهم العلماء الأتقياء صدقاً وعدلا؟ كما سيأتي.
فإن مراده جزما: هو تداخل جمع النساء مع جمع الرجال، فلما اجتهد ابن هشام وجعل طواف النساء في غير وقت طواف الرجال، أخبر عطاءٌ أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم –وهنّ قدوة نساء العالمين- كنّ يطفن مع الرجال في (معزلٍ) عنهم.
قال العيني عند قوله: (وقد طاف نساء النبي مع الرجال) يعني طفن في وقت واحد غير مختلطات بالرجال لأن سنتهن أن يطفن ويصلين من وراء الرجال، انتهى.
وقول الغامدي: (فإن المزاحمة لا تجوز، وإنما تسمى اختلاطا تجوزا في العبارة) يدل على مبلغ فهم الرجل وفقهه، بل وأمانته! فها هو أثبت مسمى الاختلاط هنا، وقد أنكره من قبل بشدة، فنقض ما كان أثبت (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) (النحل:92) والمزاحمة معنى أبلغ من معنى الاختلاط، وحمل الغامدي الاختلاط على المزاحمة تحكم لا دليل عليه، ويخالف أصله في التشبث بظواهر الألفاظ في أدلته والبعد عن غور معانيها!
ولو أراد عطاء وابن جريج المزاحمة لتكلموا بها ولم يذكروا الاختلاط.
كيف وعطاء جعل (الاختلاط) مقابل معنى (الحُجرة!) وقال: (كانت عائشة تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم).
قال العيني في معنى قوله: (حجرة): ناحية من الناس معتزلة.
ولم يكمل الغامدي كلام ابن حجر في تفسير معنى (الحجرة) وفيه مزيد بيان حيث قال (3/481): قال القزاز هو مأخوذ من قولهم: نزل فلان حُجرة من الناس، أي معتزلاً، وفي رواية الكشميهني : (حُجزة) بالزاي، وهي رواية عبد الرزاق، فإنه فسره في آخره، فقال: يعني محجوزاً بينها وبين الرجال بثوب، انتهى.
ومن ذلك الحاجز، فدل ذلك على أن النساء كنّ من وراء الرجال لا بينهم كما يزعمه الغامدي.
وتأمل قول الغامدي: (وقد كن يطفن حجرة عن الرجال أي ناحية عنهم) وما فيه من إثبات نفي الاختلاط المذموم، وهذا هو المطلوب! حيث قال: (في ناحية عنهم) وهو لا ينقض معنى (المعية) فهنّ معهم وإن كنّ من وراء الطائفين أو في (حجرة) عنهم، وبهذا لا يخالف قول عطاء والبخاري وغيره بأن النساء كنّ يطفن مع الرجال.
قال العيني في شرح قول البخاري في الترجمة: (باب طواف النساء مع الرجال): أي هذا باب في بيان حكم طواف النساء مع الرجال هل يختلطن بالرجال أو يطفن معهم على حدة من غير اختلاط بهم أو ينفردن.
وقال الحافظ ابن حجر: أي هل يختلطن بهم أو يطفن معهم على حدة بغير اختلاط أو ينفردن.
وقول الغامدي: (لم تنكر عائشة رضي الله عنها على من قالت لها (انطلقي نستلم) وتركتها وما أرادت) غير مقبول، أما عائشة فقد حققت معنى ترك (الاختلاط) فلم تدخل بين الرجال لاستلام الحجر!
وأما من كانت معها فقد زعم الغامدي أن عائشة (تركتها وما أرادت!) وهذا غير وارد، وإنما من زياداته! بينما الوارد أن عائشة (جذبتها) كما عند عبدالرزاق وغيره، وقولها: (انطلقي عنكِ) أي عن نفسك، أي: اتركي الاستلام عنك، قاله صاحب "مطالب أولي النهى" (2/394).
ثم ليتأمل القارئ في قول عطاء: (فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال) وكيف أن عائشة رضي الله عنها ونساء النبي صلى الله عليه وسلم كنّ يطفن بالليل، وخفاء الناس بعضهم عن بعض، وهذا أبلغ في طلب الستر، والبعد عن رؤية الرجال للنساء.
فرضي الله عنهن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن في عبادة وفي جنح الظلام، فكيف بمن تخرج في وضح النهار، وفي مجامع الرجال، في غير مصلحة دينية، ولا ضرورة دنيوية؟!
الدليل الثاني: قال الغامدي: (وعن ‏أم سلمة رضي الله عنها ‏زوج النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏قالت شكوت إلى رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أني أشتكي، فقال: ‏طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.
قلت: أخرجه البخاري وليس فيه إلا إرشادها لما كانت شاكية أي مريضة أن تطوف راكبة من وراء الناس؛ لئلا تؤذيهم بدابتها، وهذا يشير إلى جواز الطواف مع الرجال لو لم تكن راكبة على الدابة).
قلت: قوله: (وهذا يشير إلى جواز الطواف مع الرجال لو لم تكن راكبة على الدابة) غير مسلّم، فالنبي صلى الله عليه وسلم طاف على بعير بين الناس كما هو ثابت مشهور، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة أن تطوف من وراء الناس لأن الناس كانوا في صلاة، ولهذا قالت: (فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ بـ: الطور وكتاب مسطور).
وجاء في رواية في غير الصحيح عند النسائي وغيره: (طوفي من وراء المصلين).
فلو لم يكن الناس في صلاة لكان طوافها مع النساء من وراء الرجال.
الدليل الثالث: قال الغامدي: (وعنها رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم، قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث يسيرا قبل أن يقوم. قال ابن شهاب: فنرى ــ والله أعلم ــ لكي ينفذ من ينصرف من النساء قلت: أخرجه البخاري وغيره وهو لا يفيد تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع فيه، وإنما يفيد الأخذ بالاحتياط؛ لمنع مزاحمة الرجال للنساء.).
قلت: قوله: (لا يفيد تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع فيه)غير مقبول، فالاختلاط غير واقع، وكيف يقع؟ والرجال في الأمام، والنساء خلف الرجال؟ والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تأخر لكي لا يختلط الرجال بالنساء كما جاء في لفظ: (لكي ينصرفَ النساءُ قبل أن يدرِكهنَّ الرجالُ).
وهذا واضح في طلب الفصل بين الجنسين، وترك الاختلاط، ودعوى الغامدي أن هذا (احتياط) لدفع (المزاحمة) قول ممجوج يدل على غلبة الهوى! ولا دليل عليه، كيف وتفسير الزهري وغيره إنما جاء مجردا لكونهن نساء لا للخوف عليهن من الزحام، مع أن دعوى الزحام مدفوع بكثرة أبواب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، كيف وقد روى الإمام أبو داود في باب اعتزال النساء في المساجد عن الرجال من حديث ابن عمر رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو تركنا هذا الباب للنساء).
فهذا كله يدل على أن موجب تأخر النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للسبب الذي ذكره الزهري وهو (انصراف النساء قبل أن يدركهن القوم).
قال النووي في "المجموع" (3 / 490): لأن الاختلاط بهن مظنة الفساد.
وقال ابن قدامة في "المغني"(1/632): لأن الإخلال به من أحد الفريقين يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاستقامة" (1 /360): وكان إذا سلم لبث هنيهة هو والرجال لينصرف النساء أولا لئلا يختلط الرجال والنساء.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(2 / 336) : وفي الحديث مراعاة الإمام أحوال المأمومين والاحتياط في اجتناب ما قد يفضى إلى المحذور وفيه اجتناب مواضع التهم وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت، انتهى.
الدليل الرابع: قال الغامدي: (كما استدل بعض من منع الاختلاط بحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها).
قلت: أخرجه أبو يعلى وإسناده صحيح وليس فيه ما يدل على تحريم الاختلاط، بل الاختلاط واقع فيه كما ترى، وليس فيه أكثر من حث الرجال على الصف الأول، وإرشاد النساء بالتباعد عن صفوف الرجال، تجنبا لأسباب الفتنة بين الجنسين في الصلاة، فضلا عما في الوقوف بين يدي الله في الصلاة من لزوم التخلي عما قد يقطع المصلي عن الخشوع وهذا ما تفيده لفظة (خير) ولا تفيد تحريم الاختلاط، كما زعم من احتج بهذا على المنع.
والشر هنا نسبي فإن الصلاة خير كلها للرجال والنساء فإنهم بلا شك مأجورون في الصلاة كلهم وليس منهم آثم.)
قلت: قوله: (وليس فيه ما يدل على تحريم الاختلاط، بل الاختلاط واقع فيه كما ترى) قول باطل، بل هو صريح في الفصل بين الجنسين، ولا اختلاط بينهما، بل فيه المبالغة في أفضلية بعد الرجال عن النساء، فكلما ابتعد مكان المرأة عن الرجال كلما كان أفضل في حقها.
ووجود الرجال والنساء كلّ من الجنسين على حده لا يُعد اختلاطاً كما زعم الغامدي، بل هذا هو المطلوب، وكلما زِيد في صور الفصل كلما كان أولى وأفضل، وليس هذا تنطعاً ولا غلوا كما يزعمه الغامدي، ولهذا فضلت صلاة المرأة عن صلاتها في المسجد بصريح السنة النبوية.
وبقية كلامه عن تفسير الخيرية لا يعنينا في هذا المقام مع ما فيه من موجبات الاستدراك.
الدليل الخامس: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي الرجل بين المرأتين.
قلت: أخرجه البيهقي وإسناده ضعيف جدا فيه داود ابن أبي صالح الليثي وهو منكر الحديث).
قلت: عزو الغامدي الحديث إلى البيهقي لا يجاوز أن يكون جهلاً منه وتقصيراً أو تضليلاً وهوى! وذلك لأن الحديث رواه أبو داود في "سننه"(4/543)(5275) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة عن داود بن أبي صالح المزنى عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن يمشى - يعنى الرجل - بين المرأتين).
ورواه من طريقه الرافعي في أخبار قزوين (2/135) والحاكم في المستدرك (4/312) وقال: صحيح الإسناد،والبيهقي في "شعب الإيمان" (ح5446) والبخاري في "تاريخه" (1/2/83) وأبو بكر الخلال في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ح94) والعقيلي في الضعفاء (2/33) وابن عدي في الكامل (3/87) كلهم من حديث داود بن أبي صالح به.
ولا يعرف هذا الحديث إلا به، وهو حديث منكر من حيث الصناعة الحديثية، غير أن معناه موافق لأصول الشرع، ولهذا رواه أبو داود في "سننه" وعمل به الإمام أحمد كما روى الخلال في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" عقب ذكره مباشرة عن ابن هانئ قال: رأيت أبا عبد الله إذا لقي امرأتين في الطريق وكان طريقه بينهما وقف ولم يمر حتى يجوزا .
فمعناه صحيح، والنكارة في انفراد راويه به لا في معناه.
الدليل السادس: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس للنساء وسط الطريق).
قلت: أخرجه ابن حبان وإسناده ضعيف جدا، فيه شريك بن عبدالله بن أبي نمر سيئ الحفظ، وفيه مسلم بن خالد الزنجي قال البخاري فيه: منكر الحديث، ذاهب الحديث).
قلت: مسلم بن خالد، وشريك بن عبدالله حديثهما مقبول في المتابعات، وهذا الحديث وإن كان إسناده ضعيفاً من هذه الطريق، ولكنه بمجموعه مع حديث أبي أسيد الأنصاري وابن عمر وغيرهما مما ذكره الغامدي كلها ترتقي به إلى درجة الحسن والاحتجاج به، وقد صححه ابن حبان، وحسنه الألباني.
الدليل السابع: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (لو تركنا هذا الباب للنساء). قال نافع: فلم يدخل ابن عمر حتى مات.
قلت: أخرجه أبو داود وغيره واختلف فيه رفعا ووقفا والصحيح وقفه على عمر فليس هو من عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما كان اجتهادا من عمر رضي الله عنه وليس في تخصيص باب للنساء للخروج والدخول منه، ما يدل على تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع في المسجد كما ترى.).
قلت: الحديث إسناده صحيح موصولاً، وقد صوّب الدارقطني وقفه كما في "العلل" (13/31) والذي رفعه أيوب السختياني، وهو من الأئمة الثقات، فالقول بقبول رفعه للخبر قوي، ويزيده قوة التزام ابن عمر رضي الله عنه عدم الدخول من ذلك الباب، وهذا -عادةً- يكون من تمسك ابن عمر بالسنة.
وحتى مع القول بوقف الخبر على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأكرم وأنعم، خليفة رسول الله، وصاحبه، والمحدَّث الملهم، وقد أُمرنا باتباع سنته، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين.
وقول الغامدي: (وليس في تخصيص باب للنساء للخروج والدخول منه، ما يدل على تحريم الاختلاط بل الاختلاط واقع في المسجد كما ترى) همط من القول، لا مستند له، بل هو صريح في طلب المفارقة، ودفع الاختلاط، واجتماع الجنسين في المسجد لا يدل على الاختلاط بالمعنى الذي يقرره الغامدي، لأن الرجال في معزل عن النساء، وللنساء باب يخرجن منه لا يشاركهن فيه الرجال، وينصرفن قبلهم، ولا يرفعن رؤوسهن قبل الرجال، كلّ ذلك واضح لمن أنصف وعدل على طلب الفصل، ودفع الاختلاط.
الدليل الثامن: قال الغامدي: (واحتجوا في منع جواز نظر المرأة للرجل الأجنبي بحديث نبهان مولى أم سلمة أن أم سلمة رضي الله عنها حدثته: أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة، قالت: فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم، فدخل عليه وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتجبا منه) فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه).
قلت: أخرجه الترمذي والطحاوي والطبراني في الكبير وإسناده ضعيف لجهالة نبهان مولى أم سلمة قد ضعفه الألباني أيضا، والصحيح الثابت المعارض له هو المحفوظ).
قلت: هذا الحديث مع ضعفه لا يدل على نفي الاختلاط ولا إثباته، وغاية ما فيه المنع من نظر المرأة إلى غير المحارم، وهذا يغني عنه عموم قول الله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) (النور:31) .
الدليل التاسع: قال الغامدي: (واحتجوا في منع جواز المصافحة بحديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له).
قلت: أخرجه الطبراني والروياني واختلف فيه رفعا ووقفا والموقوف أرجح إلا أنه ليس مما له حكم الرفع وإسناد المرفوع ضعيف لضعف شداد بن سعيد وتفرده به).
قلت: بل الحديث صحيح، وقد صححه المنذري في "الترغيب" وابن حجر الهيتمي في "الزواجر" وغيرهم، وإطلاق الغامدي الضعف على شداد بن سعيد تهور بيّن، فأكثر النقاد على توثيقه، وثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو خيثمة والنسائي وابن حبان والبزار، وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا وأرجو انه لا بأس به، وروى له الإمام مسلم، فهو ثقة.
الدليل العاشر: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه فقلنا يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف قال: فيما استطعتن وأطقتن، قالت فقلنا: الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله، فقال رسول الله: (إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة).
قلت أخرجه أحمد والحاكم وأصحاب السنن وإسناده ضعيف تفرد محمد بن المنكدر به، وهو كثير الإرسال روى عن كثير من الصحابة، وهو لم يلقهم أو يسمع منهم، ولم يتابعه عليه أحد، وأميمة لم يروى لها إلا هذا الحديث وفي معناه نكارة فضلا عن مخالفته لما صح.
أما النكارة ففي قوله «فيما استطعتن وأطقتن» فقيده بالطاقة مع تضمنه أعظم المنهيات وهو الشرك وترك الشرك لا يحتاج فيه المكلف إلا الكف عنه، ولذلك لم يرد التقييد بالطاقة في المنهيات، وإنما جاء في المأمورات. والمخالفة لما جاء في النصوص الصحيحة الدالة على خلافه).
قلت: هذا كلام جاهل بالحديث ودرايته، فمحمد بن المنكدر إمام ثقة، وقد سمع هذا الحديث من أميمة كما جاء مصرحاً به عند الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما.
وقد قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان، ويكفيه متانة أنه من أحاديث "الموطأ" أصح الكتب تحت أديم السماء، فأي تهور هذا التهور؟!
كيف والحديث يشهد له غيره من الأحاديث المرفوعة والمرسلة؟
ودعواه أنه قوله صلى الله عليه وسلم: (فيما اسطعتن وأطقتن) منكر! قول باطل، وفهم سقيم، فهذا القيد إنما هو فيما قبله من قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا نعصيك في معروف) وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد، فهل يدخل في هذا الحديث! فيقول الغامدي بنكارته أيضاً وهو في "الصحيحين"؟
أما دعواه المخالفة فهمط من القول، ولم يأت بدليلٍ واحدٍ صريح صحيح يدل على مصافحة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء، كيف وعامة الأدلة تدل على خلاف ذلك كما تقدم؟
الدليل الحادي عشر: قال الغامدي: (واحتجوا بحديث أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع نساء المسلمين للبيعة فقالت له أسماء ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لست أصافح النساء ولكن آخذ عليهن).
قلت: أخرجه الحميدي والطبراني في الكبير وإسناده ضعيف في سنده شهر بن حوشب وهو ضعيف).
قلت: بل هو حسن بذاته لأن شهر بن حوشب صدوق، كما قاله الحافظ ابن حجر، وقد حسنه الحافظ في "فتح الباري" (13/204).
كيف والحديث السابق يشهد له ويقويه؟ وفي الباب أحاديث أخرى تؤكد هذا الأصل.
ثم ذكر الغامدي أحاديث أخرى كلها ضعاف لا سبب لذكرها غير إظهار ضعف حجة المخالف، مع قوة الأحاديث الدالة على المنع من الاختلاط والمصافحة، ولكنه يستكثر من إيراد أمثال هذه الأحاديث ونقدها كي يظهر للناظر ضعف حجة المخالفين له!

يتبع...
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
حصن المســـــــيل ( قاسم الكبير ) محمد بن حميدان الــبـيـت الــكـبيــر 22 01-03-2010 12:47 PM
شجرة نسب " آل قاسم " من خامس الطوال بلباسها الأخير... محمد بن حميدان الــبـيـت الــكـبيــر 47 12-22-2009 01:31 AM
القارئ/ سعد الغامدي المختصر منتدى الصوتيات والمرئيات 2 05-18-2009 05:49 PM
كاريكاتير .. جديد أيمن الغامدى H Y T H A M منتدى الاستراحـة 9 12-26-2007 05:21 AM


الساعة الآن 08:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by