احبار التربية ليوم الخميس 8-5-1431هـ

[صقر قريش]

الاقتصادية :الخميس 08 جمادى الأول 1431 هـ. العدد 6037

الصحة المدرسية.. لماذا لا نجدد الخطاب لأبنائنا الطلاب؟

د. فهد أحمد عرب

لكوننا نعيش نهضة تنموية كبيرة ومتسارعة - ولله الحمد، فإن من أهم الأولويات هي بناء مجتمع أفراده يتمتعون بصحة جيدة وقادرون على الإنتاج في بيئة اجتماعية صحية واقتصادية سليمة. قد يكون تناول موضوع الصحة المدرسية في هذا الوقت نوعاً من تسليط الضوء على قوانين ونظم تغذية الطفل بالمملكة وكيفية الاهتمام بالنشء منذ نعومة أظفارهم لخلق أجيال صحيحة البنية قادرة على العطاء وتحقيق الإنجازات المتميزة حتى لو تدخلت ظروف من شأنها عرقلة أداء أي عمل. ما يهم هو أن يبادر عمليا «قمة الهرم» في أي مؤسسة لها شأن بذلك بتبني الموضوعات ودعمها كأولوية قصوى، ويحرص على أن تكون الإدارة التنفيذية شريكاً في الأداء، حتى يجعل جميع المنسوبين مبادرين بأنفسهم لرؤية ثمار أعمالهم متجاوزين أي مشكلة بتمكن ووعي كبيرين. الحديث عن الصحة المدرسية يسوقنا إلى تبني الرسائل الثقافية المفترض أن يستوعب الطالب مفهومها وهو يتدرج في المراحل العلمية حتى تخرجه. ويكون المدرس - كعضو في البرنامج - دائم التعلم فيجعله برنامجا يوميا وليس طارئا أو مطروقا فقط عند الأزمات. وليتم ذلك أعتقد أن هناك حاجة إلى طرق عدة موضوعات وتقنين إجراءاتها والاهتمام بإحصائياتها ومتابعة نتائج تطبيق نظمها واللوائح التنفيذية فيكون المعلم نفسه هو التغيير الذي تنشده الوزارة والطالب الصحيح ذهنيا وبدنيا هو القوى العاملة - الفاعلة مستقبلا - الذي تنشده الدولة. إن إصدار لوائح للصحة المدرسية يجعلها تتخطى سور المدرسة لتكون صحة مجتمع. ولكن هل لدينا صورة واضحة عما نود الوصول إليه أم أن البعد ما زال مختلطا بين القيام بالواجب وجني الثمار الحقيقية بطريقة سليمة. البعض عرف الحالة لدينا بأنها Fragmented Approach، ولنثبت العكس أو نصحح المفهوم أمامنا خطة خمسية قادمة تليها خطط عديدة مديدة ـ بإذن الله ـ نتوسم فيها خطوات تقودها المؤسسات المدنية خدميا فتعنى بشكل مباشر وغير مباشر بالتعليم والصحة كأكبر المؤشرات للتقدم والازدهار. نحن في حاجة الآن إلى مجتمع متماسك يحرص على مركزية الخطة ولامركزية التنفيذ. مجتمع يعنى بالطفل في المدرسة ويهتم بمعالجة أركان المشكلة الرئيسة (1- قلة الحركة، 2- التغذية السيئة، 3- التدخين، 4- الحوادث المرورية). فهل محورنا توجهنا حول هذه الموضوعات وسرنا في كل واد ننشر لكل الساكنين والعابرين أهمية اتباع نظم التغذية الرئيسة والابتعاد عما يقود إلى حياة بئيسة؟

في عام 2005 طرحت قضية ممرضة لكل مدرسة أو عدد من الطالبات، ثم بعد ذلك للطلاب كذلك، فماذا تم بهذا الخصوص؟. هل درست مثل هذه التوجهات واستنتجنا أنها أفكار صائبة أم غير ذلك إذا ما حل عام 2011م، كما خطط لها؟. ثم هل سيكون هناك تنظيم يحدد ماهية ومستوى العلاقة بين الكادر الصحي والكادر التعليمي في الوزارة أو في المدارس والوحدات الصحية؟ هل فعلا كان هناك مشروع لضم الوحدات الصحية لوزارة الصحة لتقوم الأخيرة بمهام إداري صحي داخل نظام إداري تعليمي بكفاءات قد تدور حول نفسها ولا تدور حول الموضوع لحله؟أعتقد أن شؤونا عدة في موضوع الصحة المدرسية تحتاج إلى توضيح وإعادة تنظيم بين الصحة والتعليم العام.

لا شك أن وزارة الشؤون الاجتماعية لها دور مهم في هذا الجانب، ولكن قد يكون التعليم العالي طرفا في مراحل من البرنامج أيضا. في مرحلة من المراحل لا بد من تكامل الجهود فقد تحرص هيئة الغذاء والدواء على وضع أدلة الأغذية الصحية ومعايير التغذية الصحية السليمة في المدارس من أجل عقل وبدن سليمين. كما تشمل في ذلك تحذيرات من استخدام العقاقير والأدوية بشكل سيء أو عفوي دون استشارة الأطباء. أما الهيئة العربية لخدمات نقل الدم فسيكون لها دور في المدارس المتوسطة والثانوية من حيث التعريف بفوائد التبرع بالدم بعد سن الـ 16 أو الـ 17، والعمل في أي من إداراته المختلفة على المستوى المحلي أو الدولي العربي أو الإسلامي. بالطبع للإعلام دور بارز وخفي في هذه التكامل العملي وخلال كل مرحلة ينتقل لها المشروع. اعتقد لو اعتبرنا أن المدرسة محطة انتقال طلابية في مراحل تعليمية مختلفة دون الاهتمام بكيفية الانتقال أصحاء ذهنيا وبدنيا، فالنتيجة ستكون مخرجات كمية لا نوعية في البنية والهوية والأداء. فكما نريد جودة في الأداء فنحن نريد جودة في تغذية أبنائنا، لأن ما يقدم أو يباع من معلبات ومعجنات سريعة ومقليات لا يمكن أن يعوض الفاكهة والخضراوات الطازجة في تغذية الطفل. هذا ما أكده البحث الأخير لستوري Story في عام 2009م. كما أكد مركز مكافحة الأمراض الـ CDC، الذي أضاف إلى الوصفة الصحية المهمة «تقليص ساعات مشاهدة التلفزيون»، وفي هذه يمكن للمتخصصين والمفكرين طرق الموضوع من عدة زوايا وسنجد الإثراء الحقيقي فيه.

لدينا الآن ثلاثة ملايين طفل دون الخامسة من العمر، ويتوقع أن يكونوا في الجامعات والكليات التقنية بعد 12 عاما من الدراسة في مراحل التعليم العام. هل أعددنا لهم نظاما للصحة المدرسية شاملا يمكنهم من السعي لخلق بيئة صحية من حولهم، تمكنهم من إدارة شؤونهم بحرص وعناية واهتمام بعيدين عن كل العادات السيئة ومسبباتها، والأمراض الوافدة وتبعاتها؟ آمل ذلك، وحمانا الله جميعا من كل مكروه.