لازلنا نحلّق في جو من الذكريات الجميلة ونقلّب صفحات من الماضي الأصيل، فبعد أن خلصنا إلى إنتشار الراديو في كل بيت من القرية وقد كانت أسعارها في متناول الأيدي، بدأ البث التلفزيوني يغزو القرية وذلك في بداية التسعينيات الهجرية وفي عدد محدود من البيوت لا يتجاوزالثلاثة أو أربعة بيوت فقط هم الذين إقتنوا هذا الجهاز العجيب الذي كان يعمل بنظام أبيض وأسود ويشتغل على البطارية والبعض الآخر كان يستخدم أحجار البطاريات في تشغيل هذا الجهاز العجيب، نعم كان الجميع صغارا وكبارا يتسمرون أمام هذه الشاشة الذهبية في أوقات رجوعهم للمنازل وكان البث في بداياته لساعات محدودة من اليوم ثم تطور إلى البث على فترتين تبدأ الفترة الصباحية من الساعة التاسعة حتى الثانية عشرة ظهرا ثم تقفل المحطة إلى أن تعاود البث في تمام الساعة الرابعة عصرا حتى منتصف الليل، وكان كثيرا ما يتخلل البث خلل فني يوقف عرض البرامج ويستمر أحيانا لساعات نفتقد فيها متعة المشاهدة، وأتذكر عندما إقتنينا أول جهاز تلفزيون فقد كان في عام 1394هـ فقد أحضر أخي رحمه الله تعالى الجهاز وقد فرحنا به فرحا شديدا وركبنا الأريل على ماصورة طولها حوالي سبعة أمتار وشغلنا التلفزيون على البطارية التي كانت تنتهي في خلال أسبوعين فقط ثم نقوم بإرسالها للطائف لشحنها ومن ثم إعادتها وقد تستغرق العملية هذه يوم أو يومان، وكان إلتقاط البث ليس بالصورة الجيدة ولكن كان شيئا جميلا دخل منزلنا القروي وكنا نتابع كل البرامج فيه من برامج الأطفال إلى البرامج الدينية والرياضية وبرامج الأسرة إلى المسلسلات البدوية ولا مانع أن أذكر المسلسل البدوي الشهير الذي شد الجميع على متابعته أسبوعيا في ذلك الحين وهو مسلسل (وضحى وبن عجلان) وكذلك برامج المنوعات وحتى نشرات الأخبار العربية والانجليزية والأحوال الجوية ومن البرامج التي كنا نحرص على متابعتها في تلك الفترة من بداية إقتنائنا للتلفزيون حتى توقف البرنامج هو برنامج نور وهداية للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى فقد كان برنامج يحضي بمتابعة كبيرة من الأسرة لأسلوبه المشوق وفي رمضان كان يقدم برنامجه الشهير على مائدة الإفطار، وكانت نشرة الأخبار العربية التي تذاع في التاسعة مساء هي الحد الفاصل الذي لا نسهر بعده أبدا حتى في أيام العطل الدراسية، إستمرينا على هذا التلفزيون الأبيض والأسود ولكن مع الوقت بدأت الإشارة تبدو أكثر وضوحا من قبل حتى عام 1397هـ عندما إشترينا جهاز تلفزيون ملون وكان أكثر وضوحا وصفاء من سابقة ولكن لازالت البطارية ترافقنا حتى إشترينا ماطور كهرباء خاص بمنزلنا الذي يبدأ في التشغيل من صلاة المغرب حتى العاشرة ليلا وكنا في تلك الفترة نشاهد التلفزيون ونتابع برامجه التي كانت تتحسن مع الوقت وكانت تنقل المباريات مباشرة من الرياض وجدة وكذلك صلاة المغرب والعشاء تنقل حية على الهواء من مكة المكرمة، هذه إطلالة سريعة على بداية الراديو والتلفزيون في القرية، وبالمناسبة أن بداية إنتشار الإذاعات وبعدها التلفزيون هي بدايةالطفرة الكبيرة التي نعيشها الآن في مجال الإتصالات والقنوات الفضائية.
إلى لقاء قريب وتقبلوا تحياتي،،
الشيخ علي الطنطاوي وبرنامجه الشهير نور وهداية
إشارة القناة الأولى
مذيع نشرة الأحوال الجوية حسن كراني
05-31-2012
رد: الإنفتاح الثقافي على القرية.
المواضيع المتشابهه
العرض الشجري