مهارات الحوار الهادف( الحلقة الثانية)

[ابو عادل]

مهارات الحوار الهادف( الحلقة الثانية) مهارات الحوار الهادف( الحلقة الثانية) مهارات الحوار الهادف( الحلقة الثانية) مهارات الحوار الهادف( الحلقة الثانية) مهارات الحوار الهادف( الحلقة الثانية)

أصول الحوار

إذا أريد للحوار أن يكون إيجابيا وفعالا فلا بد أن يرتكز على مجموعة من الأصول هي:

1ـ العلم: بمعنى أن يكون طرفا الحوار على علم تام بموضوع وتفاصيل الحوار، فلا ينبغي للشخص أن يحاور فيما ليس له به علم، قال تعالى< ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولاهدى ولاكتاب منير> آية 80 سورة
الحج . وقال تعالى <هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم> آية 66- سورة
آل عمران.أما إذا كان الشخص جاهلا فينبغي له ألا يحاور ولايجادل ، بل من حقه أن يسأل بهدف الاستنارة
والاستبصار بهدف الوصول الى الحق من خلال سؤال أهل العلم وأهل الاختصاص والمعرفة.

2ـ حسن الفهم: فلكي يسير الحوار في الاتجاه الصحيح فلا بد من حسن الفهم لحجج الطرف الآخر وأدلته
وأقواله ، والخلفيات المؤثرة على أفعاله وتصرفاته ، حيث أن عدم الفهم يؤدي الى اطالة الحوار وتشعب المسائل واستمرار الجدل والخلاف دون الوصول الى نتيجة محددة. ومن بين الأسباب التي قد تؤدي الى سوء الفهم:
ـ قلة الإدراك.
ـ بتر الحديث.
ـ أخذ جزء من الحديث وترك أجزاء أخرى.
ـ أن يكون أطراف الحوار من خلفيات ثقافية أوفكرية متباينة.
ـ عدم اللقاء المباشر بين أطراف الحوار.
ـ عند استخدام ألفاظ أو مصطلحات غير مألوفة لأطراف الحوار.

3ـ تأصيل الحوار: وذلك بأن يتفق المتحاورون على بعض الأصول لتكون مرجعا لهم للحكم ولمعرفة الحق من الباطل . مالم تتوفر هذه الأصول والمراجع فلن يصل المتحاورون الى النتيجة المرغوبة.

4ـ تحديد الهدف: ويعني تحديد موضوع الحوار والنتائج التي يودون الوصول اليها مرتبة بشكل متسلسل حسب الأهمية. فمن شأن تحديد الهدف عدم تشعب الحوار والخروج به الى متاهات واستطرادات لاطائل من ورائها.

5ـ التفريق بين الأمور القطعية والظنية : فالأمور القطعية لايجوز فيها إلا رأي واحد ، بينما هناك مسائل ظنية ويجوز فيها أكثر من رأي وبالتالي فهي مجال للجدل واختلاف وجهات النظر.

آداب الحوار

يقصد بآداب الحوار مجموعة القواعد السلوكية التي ينبغي على أطراف الحوار الالتزام بها عند المحاورة ومنها:

1ـ التجرد في طلب الحق:فتوفر الرغبة لدى الطرفين المتحاورين في الوصول الى الحق والإستعلام ومساعدة
الطرف الآخر يعين على نجاح الحوار ، فينبغي على المتحاورين أن يهدفوا من حوارهم الى الوصول الى الحق وأن يتجردوا من الهوى فالهوى داء خطيريعمي بصيرة المرء فيصبح لايرى حقا الا ماوافق هواه فصاحب الهوى ليس له قواعد أو موازين منضبطة يعتمد عليها في البحث عن الحق ، بل يدور مع هواه حيث دار. فهناك
نزعة لدى بعض المتحاورين نحو تجاهل أوتشويه أو تضخيم الحقائق والأدلة أو التفكير فيما يريد التفكير فيه مع مقت الأفكار المعارضة وذلك بهدف حماية أهوائه ومعتقداته الراسخة. فعلى المحاور ألا يتردد في التراجع عن رأيه اذا تبين له صحة رأي غيره. وعلى المحاور أن يكون في طلب الحق كمن يطلب شيئا عزيزا فقده، لايهمه من يجده، وإنما يهمه أن يجد ضالته . فهو يرى محاوره معينا وليس خصما ، ولديه الإستعداد لأن يشكر محاوره
اذا بين له الخطأ وأظهر له الصواب فينبغي للمحاور أن يتجرد من الهوى وأن لايكون هدفه السيطرة على المجلس وإظهار البراعة والثقافة أو الحصول على حمد الناس وثنائهم وحمدهم بل يقصد إيضاح الحق وتثبيته.




2ـ عدم الإنتصار للنفس : إن من الأسباب التي تدفع المحاور للإنتصار للنفس أن يرجومع غيره أن يرفع من كفته ، وليس همه أن يصل الى الحق لذا فمن آداب الحوار أن لايكون قصد الشخص الانتصار لنفسه والعلو على غيره وإفحامه واستعراض القوة والقدرة على الغلبة والتعاظم على الآخرين بالقول أو الفعل لذا يجب أن تكون المحاورة محاورة مشاورة ومناصحة مليئة بالألفة والمحبة والتواضع بعيدا عن المكابرة والمعاندة.

3ـ الحذر من الجدل: ينبغي للمتحاورين أن يحذروا من تحول الحوار الى الجدل المذموم فكل جدل لايهدف الى
الرشد وإحقاق الحق والكشف عن الباطل فهو جدل مذموم ، ومتى ماتحول الحوار الى مراء وجدل انتهى الى خصومة وفرقة وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم "ماضل قوم بعد هدى أتاهم ، إلا أوتوا الجدل"(مسند
الإمام ، 5/252).
لذلك ينبغي قطع الحوار متى تحول الى مراء وجدل، لأنه لافائدة من ورائه، ومفسداته تفوق مصلحته.

4ـ الهدوء: من أهم مايجب أن يتحلى به المتحاورون هدوء النفس، والتوازن، والقدرة على التحكم في الغضب،
فالقلب المشحون بالغضب يؤثر تأثيرا بالغا على انفعالات الشخص فتطغى على العقل والمنطق. وكلما زاد الإنفعال بين المتحاورين كلما زادت الهوة التي تفصل بينهما وبدأ كل منهما يتحدث بصوت عال، ولايسمع إلا
صدى صوته، فتختلط الأصوات وتضيع الحقيقة في هذا المزيج غير المتجانس.

ولكي يتسم الحوار بالهدوء ، لابد لأطراف الحوار من مراعاة مايلي:
ـ حسن الإستماع والإصغاء للآخرين وإعطائهم الفرصة حتى النهاية للتعبير عن آرائهم.
ـ توقير أطراف الحوار لبعضهم وعدم التهكم أو السخرية أو الإزدراء من بعضهم البعض.
ـ عدم مقابلة الباطل بالباطل وعدم رد الجهل بالجهل.

5ـ عدم اتهام النيات: بمعنى عدم اتهام الآخرين أو الطعن في مقاصدهم، فتحويل الحوار قبل بدايته الى تهمة يعوق المحاور عن التركيز على موضوع الحوار، ويقطع أبواب التفاهم وقنوات الإتصال بين المتحاورين، ومن
المزالق الخطرة التي يقع فيها كثير من المتحاورين (تصنيف الطرف المحاور ضمن مجموعات أو أنماط معينة)
ومن ثم تفسير أقواله أو أفعاله بناء على هذا التنميط المسبق، حتى ولو كانت لاتدل على ذلك ، فمن المعلوم أن القلوب علمها عند الله سبحانه وتعالى فعلى المتحاورين الأخذ بالظواهر فهم غير مأمورين بالتفتيش عن السرائر
وقلوب العباد.