أمريكا تعترف بالهزيمة

[abonayf]

أمريكا تعترف بالهزيمة أمريكا تعترف بالهزيمة أمريكا تعترف بالهزيمة أمريكا تعترف بالهزيمة أمريكا تعترف بالهزيمة

د/ رياض بن محمد المسيميري*
كنا قد كتبنا فيما مضى وكتب غيرنا ممن تابع الاحتلال الأمريكي للعراق بأن إعلان الهزيمة مسألة وقت ليس إلاّ ؛ فالضربات الموجعة, والاستنزاف المستمر لمُقدّرات العدو لا يمكن أن تصمد له أي قوة على وجه الأرض, لاسيما حين تكون الحرب ذات طابع عقدي يشعر فيها البطل بأنه يدافع عن دينه وعرضه ونفسه وماله, ويحتسب يقظته ونومته، وانتباهته وإغفاءته, وقيامه وقعوده, وحركاته وسكناته.

{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }التوبة120

إنَّ قوة في الأرض مهما عتت وتجبرت, لا يمكن أن تصمد طويلاً أمام رجال حملوا أرواحهم على أكفهم, وبذلوا نفوسهم رخيصة في سبيل الله, وطاروا شوقاً إلى أسواق الفردوس وعدن, وداعب خيالهم أحدُ موعودين إما النصر أو الشهادة

{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ }التوبة52

إنَّ قوة في الأرض لا يمكن أن تصمد طويلاً أمام رجال شجعان, يعشقون الموت كما يتشبث أعداؤهم بالحياة, ويفرحون بالشهادة كما يبتهج خصومهم بالسلامة!

هاجمت أمريكا العراق واجتاحت أراضية بكل غطرسة وجبروت, وهي تعتقد أنّ احتلال الرافدين وإذلال أهله واختلاس ثرواته, سيكون مجرد نزهة ماتعة ، وسياحة فاتنة مستصحبة في هاجسها انتصارها على البعث العراقي إثر غزوه المشؤوم للكويت!

لكن أحلامها البائسة وأطماعها الجائرة, وغرورها المفرط سرعان ما تبخر وتبدد، وتحطم وتهشم, تحت سياط المجاهدين الأشاوس, وضرباتهم القاصمة الموجعة!

وحاول رعاة البقر المقاومة والثبات ، وإظهار القوة والجلد .

وتوظيف الآلة الإعلامية الضخمة للنيل من نفوس المجاهدين, وتحطيم معنوياتهم وإظهار الجيوش الغازية بمظهر المنتصر الذي لا يقهر, وتتابعت تصريحات كبار القادة العسكريين والسياسيين بقرب ساعة الحسم, فلم يشاهد العالم إلاّ أشلاءه الممزقة ,ودماءه النجسة, وطائراته المحطمة, ومدرعاته المُدمَّرة ! وإن قراءة سريعة على تطورات الأوضاع لتؤكد ذلك فبعيد سقوط بغداد أعلن بوش أن العمليات الحربية قد انتهت وأن النصر قد تحقق وأوفد الحاكم الأمريكي بريمر ليشرف على تنفيذ المخطط الأمريكي في العراق..لكن سرعان ما تبين بعد أيام من إعلان بوش أن العمليات الحربية لم تنته بعد وأن أمريكا وقعت في مستنقع مجهول فاتجهت إلى مراجعة حساباتها وتغيير استراتيجياتها الحربية حتى أصحبت في موقف الدفاع داخل العراق بعد كانت تعتقد أنها في موقع الهجوم فمنذ سقوط بغداد إلى يومنا هذا لا يجرؤ الاحتلال ولا عملاؤه على تمثيل نفسه رسميا أمام الشعب وإنما في دائرة مطوقة محدودة المساحة داخل بغداد يطلق عليها المنطقة الخضراء.وحتى بعد اعتقال صدام اضطرت أمريكا أن تعلن عن استرتيجية حربية كفيلة بتحقيق نصر على المقاومة أسمتها استراتيجية النصر.

في ذلك الوقت كان الرئيس الروسي بوتين قد أعلن بأن أمريكا دخلت في مستنقع حقيقي يصعب عليها الخروج منه فضلا أن تحقق انتصارا.وكان الرئيس الفرنسي وقتها جاك شيراك يحذر الأمريكان ويقول:لقد فتحنا أبواب الجحيم في العراق في إشارة للأمريكان بالخروج السريع قبل فوات الأوان. ومواقف من مثل بوتين وشيراك ليست مجرد كلام بل هي خلاصة تقارير استخباراتية تبني حكمها على حقائق ميدان المعركة لا على ما يروج في الإعلان الأمريكي والعربي المتأمرك. اضطر بوش بعدها تحت ضربات المجاهدين المتتالية والضغوط المتزايدة من الكونغرس والشعب الأمريكي إلى إعلان فشل استراتيجيته التي سماها استراتيجية النصر فاستبدلها باسم آخر لم يحفل الإعلام باسمها لأن الجميع أصبح يدرك أن عناد بوش لا يغير من واقع الهزيمة الأمريكية شيئا.

وحتى بعد إعدام صدام أصبح حجم العمليات ونوعها أكبر من أي وقت مضى مما اضطر الكونغرس إلى إلزام بوش بوضع جدول زمني عاجل للانسحاب وعلق تمويل الحرب على هذا الجدول. ومع هزيمة بلير وخروجه المخزي من رئاسة الوزراء تحت ضغط المعارضة في مجلس العموم بدأت القوات البريطانية (الحليف الأول التقليدي) في الانسحاب التكتيكي من العراق فها هي الآن خارج البصرة.تلعب دور المراقب وتسمع دوي القذائف ولا تحرك ساكنا...تمهد للانسحاب.

وبالأمس فقط قال رئيس الوزراء "جوردون براون" بأنه يستعد لإعلان سحب عدد كبير من قواته الموجودة في العراق بمجرد عودة البرلمان للانعقاد الأسبوع القادم كما ورد في صحيفة الإندبندنت البريطانية.

أما بوش فقد وافق- سلفا- على خطة من قائد قوات الاحتلال الأمريكية في العراق لبدء خفض تدريجي لمستويات القوات وهو ما يعني الانسحاب وقال كولونيل الجو "جيفري منتسلاف" من قاعدة سكوت الجوية بولاية ايلينوي الأمريكية والمكلف بالإجلاء الجوي للجنود الأمريكيين من العراق : "إن خطة انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من العراق قد وضعت بالفعل وتم عرض مؤشراتها علي لوحات مخططي البنتاجون . " فيما تم -قبل شهرين- الإعلان عن " استراتيجية حائط نار" والتي تمثل الهم الأكبر لدى الإدارة الأمريكية لمنع انتقال الحالة العراقية إلى دول الجوار ومنعها في ذات الوقت من الاستفادة من وضع العراق.

..وهاهي الحكومة الديغولية الفرنسية الحليفة لأمريكا يأسف وزير خارجيتها برنار كوشنر قبل أسبوعين على هزيمة أمريكا في العراق في برنامج إذاعي وتلفزيوني قائلا: إن هذه الهزيمة قائمة فعلا بالنسبة لواشنطن في هذا البلد، وذكر بأن بلاده كانت ضد العملية الأميركية العسكرية في العراق . وهي شهادة قاتلة على حقيقة الوضع هناك.

الانسحاب الأمريكي من العراق هو الأطول في التاريخ كما صرح بذلك جنرالات الحرب الأمريكيون في العراق قبل شهور..ومعنى ذلك أن ذيل الهزيمة أطول أيضاً وأن تداعياتها على أمريكا وحلفائها أكبر وأكثر. فقبل أيام قال الجنرال "بروس رايت" قائد القوات الأمريكية في اليابان: "إن حرب العراق استنزفت الموارد المخصصة لاستبدال أو تحديث سلاح الجو، وأن المواجهات العسكرية مع مجاهدي المقاومة العراقية تستهلك الطاقة العملياتية القصوى للأسراب المقاتلة وجعلتها في موقف أضعف أمام قوة الصين العسكرية المتنامية" . وفي محاولة بائسة لتخفيف حدة هذه الهزيمة وتحويل الأنظار عنها وضمان مخرج آمن تسعى أمريكا جاهدة إلى تقسيم العراق وقبل أيام فقط صوت الكونغرس الأمريكي على مشروع التقسيم (الصهيوني الأصل) في محاولة أخيرة لتحقيق الأهداف الاسترتيجية للاحتلال في المنطقة (مشروع الشرق الأوسط الجديد القائم على الفوضى الخلاقة ومشروع التفتيت) بالإضافة إلى تسهيل عملية الخروج إعمالا للمبدأ الاستعماري الإنجليزي:( فرق تسد) ..وغاية ما تطمح إليه أمريكا من السيادة الآن في مستنقع العراق هو خروج آمن يظهرها بمظهر المنتصر وينشغل عنه الرأي العام العالمي بحرب طائفية أهلية في العراق أو بهجمات على إيران أو بهما معا. وهاهي تبحث عن طرق آمنة للخروج عبر منافذ الدول المجاورة وهو ما جعل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يرد على طلبها بقوله: " إن تركيا وهي حليف مهم لواشنطن في العالم الإسلامي ستدرس السماح للجيش الأمريكي بالانسحاب من العراق مرورا بأراضيها." أما بالنسبة لعملاء أمريكا في العراق فقد ناشد السفير الأمريكي بلاده بإصدار تأشيرات لكل العملاء الذين خدموا الاحتلال من مساعدين ومترجمين وغيرهم . وهذه الحقائق والمعطيات كلها تمثل لدى الراسخين في علم السياسة وعوام الناس والمراقبين دلالات قاطعة على هزيمة أمريكا وحلفائها في العراق بما لا يدع مجالا للشك.



لقد انتصر المجاهدون بالفعل, وانهزم الصليب بلا شك, وعزمت فلول الغزاة على الرحيل, ولم يبق إلاّ أن يرفع المجاهدون أكف الضراعة سائلين ربهم الثبات, ومعفرين جباههم على الأرض شكراً وحمداً لله, ونذكرهم بأن انتصارهم لم يكن إلا بعون من الله, وأن صبرهم لم يتحقق إلا بتوفيق الله؛ فليتواضعوا له –سبحانه- ويحذروا من حظوظ النفوس, وأطماع القلوب, وليعفوا وليصفحوا عن إخوانهم أهل السنة ويضعوا أيديهم في أيدي بعضهم البعض.

وعليهم أن يتفقوا ولا يختلفوا, ويجتمعوا ولا يتفرقوا, ويتناسوا خلافاتهم

{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46

ويغلبوا مصالح أمتهم, ويكون أسمى أهدافهم إقامة حكم الله وتطبيق شريعته,

{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج41

وليعلموا أن كلّ أسلحة العدو قد بادت وأحرقت وفشلت, ولم يبق معه غير سلاح واحد طالما استخدمه فنجح في ظروف مماثلة, إلا وهو سلاح إيقاد الفتنة بين فصائل المجاهدين, وأبناء الأمة الواحدة, فالحذر الحذر من الانزلاق في هاوية الخصومة والشقاق, التي يتمناها العدو ويعمل جاهداً من أجلها !

فأريحوا أعصابنا أيها الإبطال, وطمئنوا قلوبنا بأقوال وأفعال, تبيَّن حسن نواياكم وكريم سجاياكم, وتقهر عدونا وعدوكم! . أريحونا أراحكم الله من كلّ بلاء ودمتم سالمين!

======================

(*) رئيس تحرير شبكة نور الإسلام

[محمد بن حميدان]

اللهم اجعل كيدهم في نحرهم وارنا فيهم يوما اسودا يا قوي يا متين,,

جعل الله هذا الموضوع في ميزان حسناتك يوم القيامة,,, تقبل مروري