منقول/مساهمات سوا وغيرها من نصب أهل الغوى

[المستعين بالله ابوعبدالله]

منقول/مساهمات سوا وغيرها من نصب أهل الغوى منقول/مساهمات سوا وغيرها من نصب أهل الغوى منقول/مساهمات سوا وغيرها من نصب أهل الغوى منقول/مساهمات سوا وغيرها من نصب أهل الغوى منقول/مساهمات سوا وغيرها من نصب أهل الغوى

باعوا ما ورثوه والسكن وذهب النساء وتورطوا في تقسيط سيارات
أحلام المساهمين بالثراء تحولت إلى كوابيس على يد 26 هاموراً ابتلعت 18 مليار ريال في مكة وعسير
مساهمون: الهوامير استعانت بمظاهر الفخامة وكوادر مؤهلة واستغلت غياب الرقابة والنعرة القبلية




مجموعة من المساهمين أمام إحدى شركات الاستثمار لاستلام شيكات

جدة، أبها، الطائف: مصطفى الفقيه يحيى جابر، خالد الذيابي
التهمت هوامير الاستثمار عشرات المليارات من الريالات، واغتالت أحلام آلاف السعوديين في ثراء سريع. وليتها الأحلام فقط التي اغتيلت أو تبخرت، بل وقعت نسبة كبيرة منهم في فخاخ الديون، بين مقترض من البنوك، أو متورط بشراء سيارات بالتقسيط، باعها بالخسارة ليضعها في بطن المستثمر الكبير الذي يتسع لابتلاع أموال الدنيا كلها، لو أتيحت له، غير عابئ بما يجنيه على غيره من خراب ومآسٍ، لا لشيء سوى أنه وثق به، وجرى وراء وعوده، لأنها في النهاية توافق أحلامه.
في مكة وحدها بلغ حجم الأموال التي تاهت بين رؤساء المجموعات ونحو 9 هوامير 12 مليار ريال. قبضت السلطات على 6 منهم، وبقي 3 تحت طائلة الإجراءات بعد أن توقفوا تماما عن صرف الأرباح وتعثروا في إعادة رؤوس الأموال لأصحابها. وفي منطقة عسير استولى 17 هاموراً على ما يقرب من 5.783 مليارات.
بطاقات سوا كانت واحدة من تلك المجالات التي أغرت الآلاف بتحقيق أرباحٍ رائعة من خلفها، فسلمت أموالها، التي جمعتها من شقاء السنين أو إرث حميد أو قرض غير حسن، أو سيارة بالتقسيط بيعت بخسائر. وكانت سوق الأوراق المالية مجالاً آخر أكثر فسحة ورحابة، وكذلك الاتجار في العقار، حتى البيض لم يسلم من هذه الاستثمارات المشبوهة.
مساهمات سوا بدأها عبدالعزيز الجهني وشريكه محمد الشمراني، حيث وزعا أرباحاً على مدى 4 أشهر قبل أن يتم إيقافهما على إثر خلاف بينهما انتهى إلى التحقيق مع الجهني وإيداعه السجن، قبل أن يتم إطلاق سراحه بكفالة لمدة 4 أشهر، ليتمكن من ترتيب أوراقه وإعادة أموال المساهمين، إلا أنه أخفق بتحقيق ذلك فأعيد إلى السجن مرة أخرى، كما تم إيقاف الشمراني على خلفية تحرير شيكات بدون رصيد.
أما بقية الهوامير، فتجري التحقيقات معها حاليا لإعادة أموال المساهمين، فيما يتم حاليا البحث عن أحدهم على خلفية شكوى من قبل عدد من المساهمين الذين بدؤوا التركيز على رؤساء المجموعات مطالبين بمساءلتهم والمواجهة بينهم وبين الهوامير لاكتشاف بعض الحقائق الغائبة.
وفي الطائف، وقع الكثير من الضحايا بين مخالب صاحب مؤسسة يعمل في مجال الاستثمارات المالية ويمتلك أكبر محلات للحلويات بالمحافظة، حيث فوجئوا بإغلاق المكتب الذي كان معداً لجمع الأموال من المساهمين لمدة زادت عن 3 أشهر. وقد جمع أكثر من 20 مليوناً من المساهمين، بحجة أن الأموال تم تسليمها إلى شركة أم القرى.
يقول أحد المساهمين، زيد النفيعي، إنه وقع عقداً مع صاحب المؤسسة على أن يتم تشغيل المبلغ في مجال الأسهم والأوراق المالية، ولما حان موعد توزيع الأرباح، رفض التسليم بحجة أن المبالغ تم تسليمها إلى شركة أم القرى، ولم يكن لديه أي إثبات لهذا الكلام، مضيفاً أنه مضى الآن سنة كاملة ولم يتم تسليم أي جزء من المبلغ، وعندما تقدموا بشكوى للجهات المختصة، أفادوهم بأن الشخص ليس لديه أي جهة عمل رسمية يمكن طلبه من خلالها، على الرغم من تردده على محلات الحلويات التابعة له باستمرار.
ويضيف عادي المطيري أن أحد المقربين من صاحب المؤسسة كشف له أنه استغل أموال المساهمين لشراء نسبة كبيرة من أكبر وأشهر مخططات الطائف، وبإمكانه إرجاع جميع أموال المساهمين.
ويؤكد مزيد المطيري، أحد المساهمين أن المبالغ التي سلمها المستثمر لشركة أم القرى كانت قبل توقيع العقود معهم، وأنه لم يوضح ذلك في العقد، رغم مطالبة المساهمين له بذلك مراراً.
ويقول مساهمون بعسير إن هؤلاء الهوامير استعانوا بمظاهر الفخامة لإغوائهم، حيث أسسوا مكاتب فارهة، زودوها بكوادر مؤهلة، واستغلوا غياب الرقابة على مثل هذه الأنشطة، مؤكدين أن للدور القبلي نصيباً كبيراً في سهولة الحصول على هذه الأموال.
ويندب أحد المساهمين حظه العاثر، حيث تحولت أحلامه إلى كوابيس، فمن بين أنقاض الآمال برزت خيبة الأمل، فلم يعد ذلك العبقري عبقرياً، ولم يعد ذلك الخارق خارقاً، اتضح أن الأمر عكس ذلك، لم يتبق سوى الألم والحزن والمرض والضغط والسكر والاكتئاب، كمصير مشترك لأغلب هؤلاء الضحايا، مضيفاً: أنهم لم يعودوا يتحسرون على أحلام الثراء، التي تحولت إلى مجرد أحلام لاستعادة رؤوس أموالهم.
القصص كثيرة ومأساوية كما ذكرنا، الكل يحكي والألم يعتصر فؤاده، والحزن يكسو ملامحه، والغريب أن الخوف من تربص المستثمرين لهم منعهم من الإدلاء بأسمائهم، فهم ما زالوا في مرحلة الرجاء، ويأملون أن يتعاطف هؤلاء الهوامير ويعيدوا إليهم رؤوس أموالهم.
"م. ع.ع" أحد الموظفين بالقطاع العسكري يبلغ من العمر 46 عاماً، يروي قصته الحزينة، قائلاً: أنا أعمل في أحد القطاعات العسكرية برتبة عريف، لدي من الأبناء 5 وأسكن في محافظة خميس مشيط، وبدأت حكايتي بعد أن سمعت بأحد مشغلي الأموال وهو المستثمر معجب آل فرحان، الذي وضعته الشائعات القوية في المنطقة في مصاف المستثمرين الناجحين، وأنه يصرف أرباحاً تصل إلى 10%. وعلى الفور اقتنعت بفكرة المشاركة معه بعد أن رأيت 3 من أقاربي يساهمون معه، وعلى الفور وضعت مبلغ 40 ألف ريال في حسابه عن طريق الوسيط هزاع العمري وكان من ضمن المبلغ قرض بقيمة 15 ألف ريال من أحد أبناء عمي، ومع الأسف سمعنا بما حدث ونترقب اليوم تلو الآخر لصرف رأس المال على أقل تقدير، ولكن للأسف لم يصرف ولا نعلم ما هي الأسباب، فتارة يتم الإعلان عن الصرف وتارة تستجد أحداث أخرى.
أما المعلمة "أ. س. ع."، البالغة من العمر 28 عاما فقالت: أنا متزوجة ولدي طفلان، حصلت على قرض من البنك بـ150 ألف ريال، أودعتها في حساب المستثمر معجب آل فرحان، وما زلت أقسط القرض شهريا للبنك، وأمامي المزيد من الوقت لتسديد هذا القرض، بفوائده المرهقة، وهكذا طوقت نفسي بين مشكلتين قرض بفوائد مرهقة، وحبس لأموالي لا أستطيع الاستفادة منها حتى ولو بإرجاعها للبنك، وأقعد فريسة القهر، أعض أصابع الندم، آسفة على انقيادي وراء بعض زميلاتي المعلمات اللاتي وقعن في نفس المأزق.
أما المواطن محمد سعيد الأحمري، البالغ من العمر 34 سنة فيقول: بعت سيارتي بمبلغ 60 ألفاً إضافة لأرض لوالدي، واقترضت مبلغاً آخر وساهمت مع المستثمر سلطان الزهراني بـ 330 ألف ريال بعد أن أقنعني أحد الوسطاء بأنه يمنح أرباحاً جيدة تصل إلى 30%، وأبرمت عقداً ينص على إعادة المبلغ في غضون 8 ساعات من موعد طلبه.
وأشار إلى أنه حاليا يعيش حالة نفسية صعبة بعد أن ساءت حالته المالية، فلم يعد يمتلك سيارة، وأصبح مديوناً، وضاعت أرض والده، بعد أن كان يحلم بالوصول إلى المليون.
وتساءل الأحمري: أين الزهراني؟! وهل صحيح أنه حول مبالغنا خارج البلاد؟ ومن ساعده على تلك التحويلات وأين الرقابة؟ ولماذا لم يمنع من السفر؟ فنحن نعرف جميعا أن المستثمر معجب آل فرحان موجود ويحضر كلما تم طلبه، ولكن أتساءل أين الزهراني؟ وهل فعلا هرب بأموالنا؟ ومن ساعده على ذلك وكيف ولماذا لا يعاقب من تسبب في تهريب أموالنا للخارج ويتم احتجازه؟ مضيفاً: أين دور مؤسسة النقد والأجهزة الحكومية الأخرى؟ ولماذا يتم اللعب بأعصابنا؟
الشاب "س. م. ع." 18 عاما، يقول: أودعت 30 ألف ريال في حساب الزهراني، وأعرب عن أمله في ألا تصل الأمور إلى سجن المستثمر الذي أخذ فلوسه، فكل ما يريده أن ترد إليه هذه الفلوس، موضحا أن الإغراء وما سمعه عن شجاعة المستثمر كانت وراء تورطه.
البكاء كان حال أحد المساهمين مع آل فرحان، "م. أ. ق" يبلغ من العمر 55 عاماً، يقول وسط دموع غزيرة، وبلهجة آسفة: كنت أمتلك منزلا أعول فيه أسرتين الأولى تضم 8 أشخاص، والثانية 4، وبعت المنزل بـ800 ألف ريال، وهو المنزل الوحيد الذي أمتلكه في حي النميص بمدينة أبها، ووثقت في آل فرحان، وساهمت بها معه نظرا للشعبية التي يحوز عليها وإقبال الناس عليه وللأسف أنتظر إعادة فقط رأس المال في كل لحظة ولكن الوعود وحديث الإعلام المستمر عن التوزيع ثم لا توزيع أرهقت نفسي وجعلتني لا أنام الليل، مضيفاً: كنت أحلم بشراء منزل آخر وحل بعض المشاكل لدي، فزادت المشاكل واشتد تعقيدها، وكدت أطلق زوجتي.
وتقول المعلمة "س. ف. س."، البالغة من العمر 24 عاماً إنها باعت ذهبها واقترضت من البنك وأودعت عن طريق زوجها مبلغ 100 ألف إضافة لمبلغ زوجها 80 ألفاً، وأحد أبنائها 2000، في حساب المستثمر أحمد بن درع وللأسف توقف صرف الأرباح فجأة لمدة 3 أشهر وحتى الآن لم يصرف لنا مبلغنا ولا حتى رأس المال على أقل تقدير، مضيفة أن سبب مساهمتنا مع ابن درع أنه متدين ويمتلك سمعة طيبة، مما جعلنا نقوم بالمساهمة معه، ولم نكن نعلم أن يحدث لنا ما حدث ولو كنا نعلم لما قمنا بما قمنا به.
ودعا سلطان سعيد الغامدي 33 عاماً إلى عدم إتاحة الفرصة أمام الوسطاء لتبرئة ساحتهم أو التغاضي عنهم متهماً إياهم بالسبب الرئيسي في جلب الأموال لهؤلاء المستثمرين وإقناع الناس بدورهم، متسائلاً: لماذا يتهرب حالياً الوسطاء من المسؤولية بعد أن كانوا يدعون المساهمين بكل اللغات والأساليب من أجل جذبهم، وعندما وقعت المشكلة وهرب بعض المستثمرين، بدؤوا "الوسطاء" في التنصل من المسؤولية وتبرئة أنفسهم، برغم أنهم أدخلوا في حساباتهم الملايين نتيجة هذه الوساطة.
ويحلل أحد الوسطاء، رفض ذكر اسمه، الموقف، فيقول: نعم نحن تسببنا في جلب الأموال للمستثمرين ولكننا كنا وسطاء فقط برغبة الطرفين المساهم والمستثمر ويربط المساهم عقد مع المستثمر ونحن دورنا يقتصر فقط على الوساطة لا أقل ولا أكثر، وكل ما في الأمر هو أننا نعمل في حدود معروفة وضيقة، ولا نمتلك الصلاحيات إطلاقاً، كاشفاً عن شدة التنافس على كسب المساهمين من خلال محاولة أكبر عدد ممكن من الوسطاء إقناع المساهمين بالمشاركة.
علي بن سلطان، أحد المساهمين المتورطين، عمره 53 عاماً، استنكر دور الوسطاء، واستنكر أكثر من ذلك تنصلهم من المسؤولية الآن، والذي وصل بهم الحال مع تفاقم المشكلة أن أنكروا مسؤوليتهم وأغلقوا جوالاتهم، بل غيروا سكنهم وعناوينهم.
كما هاجم علي بن سلطان المستثمرين الذين دخلوا هذا المجال وتوسعوا فيه، مشيراً إلى أن اللعبة أكبر منهم بكثير ولذلك كانت بوادر الفشل واضحة.
وطالب أحد مديري المدارس في عسير، رفض الإفصاح عن اسمه، خوفاً من فقدان الأمل في صرف أمواله الضائعة، والتي تبلغ 500 ألف ريال، المستثمرين والجهات المختصة والمساهمين بمعالجة الموقف بكل هدوء وإعادة كل رؤوس الأموال للمساهمين في أسرع وقت ممكن، مشيراً إلى أن كل الأطراف تتحمل الأخطاء الماضية وكلها يتحمل مسؤولية مشتركة لابد من علاجها وحل مئات الحالات الإنسانية والمشاكل والهموم التي عصفت بالمساهمين، موضحاً أن المستثمرين أيضاً يعانون الأمرين ويحاولون التخلص بسرعة من هذا العبء الكبير، مضيفاً: نحن نعلم أن هناك عشرات الشباب تركوا وظائفهم وذهبوا مع المستثمرين الجدد من أجل تحسين أدائهم العام والمالي، ولكن هاهم الآن دون وظائف، مستطرداً: إنها أزمة حقيقية ذات أبعاد متعددة، إنسانية ومالية واجتماعية، ويجب العمل سريعاً على علاج كافة سلبياتها فهناك من أصبح الآن عاطلاً ومفلساً ومريضاً والعلاج واحد هو حل الأزمة سريعاً.