الانتقال للخلف   منتديات بلاد ثمالة > البيت الكبير > صور من بلاد ثمالة

 
صور من بلاد ثمالة صور متنوعة وجديدة لعامة قرى وأماكن بلاد ثمالة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 10-04-2009
الصورة الرمزية المقداد
 
المقداد
كاتب مبدع

  المقداد غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3563
تـاريخ التسجيـل : 12-02-2009
الـــــدولـــــــــــة : ضوء الظل
المشاركـــــــات : 1,283
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 89
قوة التـرشيــــح : المقداد تميز فوق العادة
افتراضي بحث مفصل حول النقوش والمخطوطات منذ الأزل ..

بحث مفصل حول النقوش والمخطوطات منذ الأزل .. بحث مفصل حول النقوش والمخطوطات منذ الأزل .. بحث مفصل حول النقوش والمخطوطات منذ الأزل .. بحث مفصل حول النقوش والمخطوطات منذ الأزل .. بحث مفصل حول النقوش والمخطوطات منذ الأزل ..

السلام عليكم ورحمة منه وبركه ..
أمتداداً لمواضيع النقوش الحجرية والمخطوطات العربية , وللمهتمين بهذا الشأن سيجدون ما يشبع رغباتهم حول معرفة كل شارده ووارده , وسأبدأ بنقل الموضوع على هيئة سلسة من الحلقات لتعم الفائده إنشاء الله ..

جذور الكتابة العربية الحديثة: من المسند الى الجزم
(نشرت باللغة الانكليزية بجزئين في المجلة الفصلية الصادرة في نيويورك، صوت داهش، الاعداد 50 و51، 2009)
سعد الدين ابوالحَب
كلية بَروك. جامعة مدينة نيويورك

مقدمة

دراسة اصول الكتابة العربية مشروع بحثي مهم وممتع، فهو ليس موضوع تأريخي فقط. اذ ان دراسة تطورالكتابة العربية الى اشكالها الراهنة هي خطوة هامة لتأمين مستقبلها. فمعرفة آلية ومدى تفاعل الكتابة العربية تأريخيا بمحيطها يمكن ان يكون عاملا ملهما لفهم واستيعاب العوامل والتحديات الحديثة المؤثرة على تطورها اليوم.

اختلف علماء العالم الاسلامي الاوائل لقرون عديدة على منشأ الكتابة العربية، الا ان اختلافاتهم هذه كانت اساسا حول هوية القبائل العربية التي استخدمتها اولا. ولم يصبح موضوع تأريخ الكتابة العربية موضوعاً للنقاش المحتدم الا بعد ان اشارت النقوش المكتشفة حديثا الى صلة آرامية نبطية. ولكن ورغم كثرة المقالات والكتب في هذا الموضوع اليوم، الا ان العديد منها اكتفت، بدون دراسة او تحليل، بتكرار استنتاجات المستشرقين الاوربيين في القرن التاسع عشر المبنية على قلة قليلة من النقوش الحجرية من ان الكتابة العربية كانت قد تطورت من الآرامية النبطية. البعض القليل، كمحمد علي مادون، رفضوا هذه الاستنتاجات. اذ يعتقد مادون ان الكتابة العربية الحديثة تطورت من كتابة المسند العربية القديمة، عوضا عن ذلك، مقدما تحليلات جادة وممتعة مدعمة بتفاصيل مصورة لآلية هذا التطور. ‎18 الا ان العديد من الكتب والمقالات اليوم، والتي تشاطره الرأي، لم تقدم اي دراسة علمية او تحليلات بديلة لدعم افترضاتها.

في هذه المقالة، سنقدم دراسة مختصرة مدعمة بالنقوش والمدونات المتوفرة لدينا اليوم عن دلائل تطور الكتابة العربية في بيئة ابجدية المسند العربية. سوف لن نستعرض جميع النقوش بالتفصيل، فذلك غير ممكن عبر دراسة مختصرة. الا اننا وفي نفس الوقت سوف لن نقدم النظريات السائدة اليوم كحقيقة مسلم بها دون تحليل ودراسة وافية. بالاضافة الى مناقشة وجيزة للنقوش المتوفره اليوم، سنتناول كذلك دراسة العوامل الهامة التي احاطت بولادة اشكال الحروف العربية الاولى. اذ ان التنبؤ باصول هذه الاشكال عبر دراسة عدد قليل من النقوش لايمكن ان يشكل لوحده منهجية كافية لاستخلاص استنتاجات نهائية. انما ينبغي دراسة اصول الكتابة العربية ضمن سياق الحقائق الدينية والاجتماعية والجغرافية السائدة حينذاك في منطقة الشرق الاوسط القديم.

الابجديات الاولى في الشرق الاوسط


لقد تم العثور على اولى الاشكال الحرفية لابجديةٍ ما في الجزيرة العربية، بما فيها الهلال الخصيب، في منطقة شرق البحر الابيض المتوسط الواقعة بين بلاد مابين النهرين (العراق حديثا) ومصر. وتم ارجاع تأريخ هذه الاشكال الحرفية والتي اطلق عليها المختصون تسمية الابجديه الكنعانية الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد. ويعتقد انها مشتقة من حروف سينائية ذات منشأ مصري. وقد اجمع غالبية المختصين على ان الابجدية الكنعانية هي السلف الرئيسي لمعظم ابجديات العالم القديم. ‎36

وفي وقت لاحق كشف العلماء ايضا عن دلائل لوجود ابجدية هامة اخرى استخدمها الكنعانيون في هذه المنطقة الجغرافية وخلال مرحلة تأريخية مقاربة، الا وهي الابجدية الاوغاريتية لمدينة أوغاريت التأريخية الواقعة قرب راس شمرة شمال سوريا. وقد استخدمت الاوغاريتية نمطين للابجدية: ابجدية طويلة مكونة من 30 حرفا وابجدية قصيرة من 22 حرفا. اما اشكال الحروف الاوغاريتية فجميعها اشكال مسمارية تكتب من اليسار الى اليمين غالبا. وليس واضحا بعد ما اذا كانت الابجدية الاوغاريتية تكيّفٌ شكلي خاص للابجدية الكنعانية ام ابجدية سابقة لها مرتبطة بالخط المسماري لبلاد ما بين النهرين. 36

لا يمكننا عبردراسة النقوش ان نحدد بالضرورة وبيقين مطلق ودقة كاملة تأريخ نشوء الابجديات القديمة. اذ لا يمكن الاستنتاج عبر نقوش قليلة ومحدودة تأريخ بدأ ابجديةٍ ما. بيد انه من الممكن الافتراض بشكل مقبول استنادا الى النقوش المتوفرة اليوم من انه وفي حوالي القرن التاسع وأوائل القرن العاشر قبل الميلاد كانت هناك، في الجزيرة العربية، ابجديتان متطورتان ذات اشكال حرفية ومظهرية مشتركة عموما.

الاولى هي الابجدية الفينيقية المستخدمة تأريخيا في منطقة شواطئ شرق البحر المتوسط. ويعتقد العلماء انها مشتقة مباشرة من الكتابة الكنعانية او انها كنعانية متطورة. اما الثانية فهي ابجدية المسند العربية القديمة المستخدمة في انحاء شبه الجزيرة العربية وخاصة اليمن. ويعتقد معظم الخبراء انها شقيقة متطورة للكتابة الكنعانية، وليس الفينيقية. كما كشفت نقوش اخرى تعود لقرن لاحق عن استخدامات لابجدية اخرى في عموم مناطق الهلال الخصيب وحتى بلاد فارس، وهي الآرامية. والآرامية مشتقة من الفينيقية، على الاغلب. 36









جدول بالاشكال الحرفية لبضعة ابجديات قديمة. من العلى للاسفل: العربية الاولى، عربية المسند، الفينيقية، الآرامية، والاغريقية



جدير بالاشارة هنا الى اعتقاد بعض الخبراء أن الكتابة الفينيقية مستمدة من المسند. المؤرخ الالماني ماكس مولر (1823-1900) يعتقد انها مشتقة من المسند خلال القرن التاسع قبل الميلاد عندما سيطرت مملكة المعينيين في اليمن على شواطئ شرق البحر الابيض المتوسط. الباحث السوري المعروف من القرن التاسع عشر، شكيب أرسلان، يشاطره هذا الرأي. ‎18ونظرا لتشابه اشكال بعض الحروف اليونانية مع حروف المسند، يعتقد بعض الخبراء ان الكتابة اليونانية مشتقة ايضا من المسند! فمن المعروف ان اليونان القديمة كان لهاعلاقات تجارية واسعة مع اليمن تعود الى القرن التاسع قبل الميلاد. علاوة على ذلك ، وخلافا للفينيقية التي كتبت حصرا من اليمين الى اليسار، كانت ابجدية المسند متعددة الاتجاه. اذ ربما يفسر ذلك كتابة الحروف اليونانية من اليسار لليمين أو ظاهرة الكتابة اليونانية القديمة، ثنائية الاتجاه، المعروفة باسم بستروفيدم.


ومن نافلة القول ان هناك قلة ممن يعتقد ان ابجدية المسند مشتقة من الفينيقية خلال فترة السيطرة المعينية ذاتها. الا ان ترتيب الحروف الفينيقية المنحصر على اليمين لليسار يجعل هذا أقل احتمالا. ومع ذلك ، وبغض النظر عن تأريخ بدء الابجديتين واصولهما، فان الحقيقة الاثرية التي لا متنازع عليها ان للمسند والفينيقية جذور واشكال مشتركة. وهما ينتميان حسب النقوش المكتشفة حتى الان الى فترة زمنية واحدة وذلك حوالي القرنين التاسع والعاشر قبل الميلاد.


ظهور الانماط الابجدية ذات الحروف الموصولة

اظهرت نقوش الشرق الادنى ان الابجدية الارامية ومشتقاتها، وذلك في حوالي القرن الثالث الى القرن الرابع قبل الميلاد، كانت قد حلت محل الفينيقية، بل وأصبحت كتابة رئيسية في عموم منطقة الهلال الخصيب. وبينت النقوش ايضا استخدام ابجدية ذات حروف شبه متصلة، تشارك الارامية عدد حروفها، 22 حرفا، وغالبية اشكالها، على نطاق واسع في العديد من المراكزالسكانية للمناطق الجنوبية من سوريا الكبرى. تلك هي ابجدية مدينة البتراء، عاصمة المملكة النبطية، و التي يعود تأريخها الى حوالى القرن الثالث قبل الميلاد. وغالبية الأنباط هم قبائل عربية في اصولها الاثنية قطنت المنطقة المسيطرة على الطرق التجارية بين شواطئ شرق البحر الابيض المتوسط شمالا والحجاز واليمن جنوبا. اذ وعلى مايبدو ان الانباط استخدموا ابجدية آرامية معدلة قليلا بعد قرون من العلاقات الاقتصادية مع المراكز الحضارية الآرامية المجاورة. 8








نقش بالكتابة النبطية على احد جدران مدينة البتراء ‎32








نقش سرياني على الموزاييك يعود للقرن الثالث الميلادي اكتشفه سيكل في مدينة أورفة التركية ‎‎30









اقدم نقش سرياني مكتشف ويعود للعام 6 ميلادي 12

يعتقد غالبية العلماء ان الكتابة النبطية استمدت من الكتابة السريانية حوالى القرن الثالث قبل الميلاد، ولكن ليست هناك ادلة مادية تدعم ذلك الاعتقاد. فبينما يمكن اليوم تصوير نقوش نبطية تعود للقرن الثاني قبل الميلاد على جدران مدينة البتراء، يرجع تاريخ اولى نقوش الكتابة السريانية الى القرن الميلادي الاول. غالبية اشكال الحروف السريانية، كالنبطية، مستمده بوضوح من الاشكال الارامية، وكذلك عدد حروفها. ويبدو انها استخدمت لأول مرة في اوديسا الاغريقية، المعروفة اليوم في جنوب تركيا باسم مدينة أورفة. 12 & ‎‎30


بحلول القرنين الميلاديين الثالث والرابع، اصبحت ظاهرة وصل الحروف ضمن الكلمات ظاهرة واسعة الانتشار في مناطق الجزيرة العربية وبلاد فارس. وكانت ممارسة وصل الحروف على الارجح نتيجة مباشرة لادخال وسائط وادوات نقشية جديدة. دشنت عملية وصل الحروف هذه بدون شك حقبة تأريخية جديدة في تطورالكتابة حيث انها احدثت تحولات جذرية موازية نوعيا للتحولات التي احدثتها عملية فصل الحروف في عصر الطباعة الحديثة. فقد استدعت عملية وصل الحروف ادخال تغييرات جوهرية لاشكالها المنفردة. حيث تم عكسها افقيا اوعموديا، تدويرها باتجاه عقرب الساعة او عكسه، تمديدها، بل وحتى استبدالها كليا، لمجاراة هذا النظام الكتابى الجديد. وغيرت الكلمات الناتجة من هذا الاتصال الخصائص المظهرية الثابتة نسبيا للحروف المنفردة. وتحولت الابجديات ثنائية الاتجاه تقليديا، كالمسند، الى ابجديات احادية الاتجاه، تحت تأثير اشكالها المتصلة الجديدة.‎27

وقد تفاعلت الابجديات السائدة في ذلك الوقت مع هذه البيئة الكتابية او الخطية الجديدة باشكال متباينة. بعضها، كالنبطية، تبنت وصل الحروف لكنها ابقت على معظم اشكالها الآرامية دون تغيير. البعض الآخر، كالمسند في اليمن وربما البهلوية في بلاد فارس، غيرت اشكال حروفها كثيرا لتحقيق اتصالها. بينما تجاهلت انظمة اخرى، مثل العبرية، هذا النمط الكتابي الجديد كليا. ‎2 لقد كانت ديناميكية تطور الكتابة في تلك الفترة حالة طبيعية لكيفية ظهور الجديد من القديم. بل كانت حالة نموذجية لجدلية تفاعل الجديد مع القديم.

اذ ان تطور كتابةٍ ما ليست عملية منتظمة ذات نتائج دقيقة ومحددة. لذا وبسبب الغموض الناجم عن عملية معقدة كهذه، يجب ان توظف البحوث والدراسات العلمية في مجال نشوء الكتابة عناصر التحقيق والاحتمالية. فالكتابة نادرا ما تتطور في بيئة معزولة او عبر اصدار المراسيم. إنها تتطور، بدلا من ذلك، عبر التأقلم مع المحيط الاجتماعي والاقتصادي والتعامل مع الانظمة الكتابية المجاورة. ففي ظروف عادية، لا يتخلى شعب ما عن استخدام اشكاله الكتابية فجأة ولصالح اشكال اخرى.

قبل التحقيق في احتمالية اشتقاق ابجدية ما من اخرى، ينبغي اولا تحديد ما هو المقصود بالابجدية المشتقة. ان تحديد هوية الابجدية المشتقة يجب ان يأخذ في نظر الاعتبارعدد حروفها المستخدمة، ديناميكية استخدامها، وخصائصها المظهرية. فمقارنة بضعة اشكال حرفية من ابجديتين، لوحده، ليس كافيا للاستنتاج من ان ابجدية ما مشقة من الاخرى. كذلك يجب دراسة تطور ابجدية ما ضمن بيئتها الجغرافية والاجتماعية. اذ يمكن انبثاق ابجدية جديدة من ابجدية أم واحده او ابجديات متعددة. بل ويمكن انبثاق ابجدية جديدة اصيلة.

الجزيرة العربية قبل الاسلام

في القرون الاولى للالفية الاولى، كان في المنطقة الشمالية من الجزيرة العربية خليط من الأديان القديمة والجديدة. كانت بابل، المركز الثقافي الاول في المنطقة ولقرون طويلة، تحت سيطرة الفرس الساسانيون، بينما كانت منطقة شرق المتوسط تحت سيطرة الرومان. وعلى النقيض من ذلك، كانت غالبية مناطق وسط وجنوب الجزيرة العربية تتمتع ببيئة دينية وثنية أكثر تجانسا، بالاضافة الى تحررها من الهيمنة الخارجية المباشرة. وبالرغم من تواجد العبرانيين والمسيحيين والمندائيين في المراكز الحضريه الشمالية، فان غالبية سكان الجزيرة العربية، بما في ذلك الهلال الخصيب، كانوا من الوثنيين. اذ انهم، كشعوب بلاد فارس، لم يعتنقوا بكثافة أديان التوحيد حتى ظهور وانتشار الاسلام.




لم تكن القبائل العربية في وسط و جنوب الجزيرة معزولة كليا عن الاضطراب الديني والمذهبي الى الشمال منها. اذ تمتعت هذه القبائل تقليديا بروابط قوية مع القبائل العربية في الشمال بغض النظر عن مكان استقرارها وذلك بسبب ترحالها في منطقة واسعة امتدت الى أعالي دجلة والفرات. وفي اثناء تنقلها هذا، لم تقم هذه القبائل بتوثيق اواصر العلاقة بين حضارات المنطقة فحسب، وانما قامت بخلق مراكز حضرية جديدة خاصة بها ايضا. فقد استقر العرب في مناطق عديدة من الهلال الخصيب ولقرون طويلة قبل الميلاد، ناقلين معهم شمالا آلهتهم، لغتهم، واشكال حروفهم. واستمرت هجرتهم شمالا لقرون عديدة، حتى فيما بعد ظهور الاسلام. اذ لم تكن الجيوش العربية الاسلامية المتقدمة شمالا نحو المراكز السكانية الاساسية في العراق والشام خلال القرن السابع الميلادي، في بيئة حضارية لغوية غريبة. فالعديد من قبائل شعوب الهلال الخصيب رحبت بالفتح الاسلامي.


كانت الابجدية الآراميه ومشتقاتها المحلية ابان فترة ظهورالاسلام، بدون شك، ابجدية سائدة في معظم مدن الهلال الخصيب. الا انها، وخلافا للكتابات القديمة في المنطقة، كالسومرية والفينيقية، كانت ثانوية ومحدودة التطبيقات. حيث انها كانت في الغالب ذو استخدامات دينية. اما الابجديات اليوميه لقطاع الاعمال والحكومة فقد كانت ابجديات قوى الاحتلال الاجنبية، وتحديدا الاغريقية والساسانية. اذ طورت كل من المجاميع الدينية خلال تلك الفترة الزمنية اشكالا حرفية آرامية خاصة لكتبها الدينية. فقد كان للمندائيين والمانويين والمسيحيين واليهود والزرادشتيين جميعا كتب الدينية بحروف ارامية.

لم تكن منطقة الهلال الخصيب الواقعة تحت السيطرة الاجنبية لاعبا اساسيا على الصعيد العالمي. فقد كان للقوى الخارجية الحاكمة اليد العليا ثقافيا واقتصاديا. بيد ان احدى الفوائد الايجابية الناجمة عن هذه البيئة للاقوام العربية المحلية كانت ان اصبحت كنوز الحضارتين الفارسية والرومانية في متناول ايديها. ينبغي اذا دراسة ظهورالحروف العربية الجديدة، ربما في القرون الميلادية الاولى، في اطار هذه البيئة الحضارية المتنوعة. فالاشكال الكتابية للبهلوية والافستية بمنحنياتها الفنية المتطورة اصبحت الآن في بلاد ما بين النهرين القريبة. ‎22 اما الكتابة الاغريقية والارامية بمشتقاتها السريانية والنبطية والمندائية فكانت الان شمال الحجاز. فرغم ان ابجدية المسند بفروعها بقيت الابجدية الاساسية للعربية الى الشمال من نجد والحجاز الا انها لم تعد الوحيدة. في هذه البيئة الغنية لابد وان الكتابة العربية الموصولة الناشئة كانت قد تأثرت بأكثر من ابجدية.

ولادة وتطور ابجدية الجزم العربية الاولى

كانت الابجدية العربية الاولى والمعروفة تاريخيا باسم خط الجزم نتاج لبيئتها تماما كما هو حال الابجديات الجديدة اللاحقة او القديمة المُعاد تصميمها ابان العهد الاسلامي، عندما اصبحت الكتابة العربية هي الكتابة السائدة والقوة الملهمة. اذ ان العديد من الابجديات القديمة في المنطقة، كالسريانية والمانوية على سبيل المثال، لم تختفي خلال قرون من سيادة الابجدية العربية. فرغم اضمحلال استخداماتها الطبيعي الا انها بقيت وتأقلمت مع الكتابة العربية. البعض اعيد صياغتها في روح الاشكال العربية الجديدة بنفس الطريقة التي اعيد عبرها صياغة الاشكال العربية في روح الاشكال الحرفية المحيطة بها قديما. لذا لا ينبغي النظر الى اشكال الكتابة الغير العربية في العالم الاسلامي اليوم خارج اطارالكتابة العربية تماما. فليس من الممكن ان تكون الابجديات الآرامية قد تطورت بمعزل عن البيئة العربية السائدة بعد العصر الاسلامي.

اذ وكنتيجة للتفكير باسلوب مغاير لذلك كان أن اعتقد بعض المختصين ان الكتابة العربية الاولى مشتقة من السريانية او احد الانماط القريبة منها، كالمندائية، المانوية، او التدمرية. بيد ان العديد من النقوش في تلك الفترة المبكرة، اثبتت ان السريانية مثلها مثل النبطية والتدمرية، لم تكن موصولة الحروف بشكل واثق. ‎31 & ‎30 فنقش زبد المتعدد اللغات المكتشف في مركز السريانية الجغرافي القديم، والمؤرخ عام 512 ميلادي، كان قد اشتمل على كتابة سريانية بحروف معزولة غالبا جنبا الى جنب كتابة يونانية واخرى عربية بحروف افقية كاملة الاتصال. كذلك فأن نقوش السريانية المبكرة لم تظهر اية بوادر للحركات او التنقيط. اما مخطوطات السريانية الاسترنجيلية لانجيل (البشيتا) بحروفها المتصلة كالعربية، والتي يعتقد البعض انها تعود الى القرن الخامس الميلادي، فهي تعود على الارجح الى القرون الاولى للاسلام. مع ذلك، ينبغي معاملة الابجديات السريانية، من منظور تطوري، كابجديات شقيقة للابجدية العربية الحديثة.






نقش زبد ثلاثي اللغات، السريانية (يسار) الاغريقية (يمين) والعربية (اسفل). اكنشف قرب حلب في سوريا ويعود للعام 512 ميلادي. ‎28 اعيد كتابة العربية في الاسفل للتوضيح



وتنطبق المحاججة اعلاه ايضا على اعتقاد البعض من ان العربية القديمة مشتقة من واحدة من الابجديات الفارسية عالية التطور المستخدمة في بلاد ما بين النهرين، خلال قرون السيطرة الساسانية. ‎9 اذ ينبغي عدم الخلط بين تطور الكتابة العربية ونشوءها. ربما ارتبطت القفزة النوعية لجمالية الاشكال الحرفية العربية ابان العهد العباسي بالتأثير الفارسي. وذلك امرا متوقعا لان العراق، بوتقة الانصهار القومي ومركز العباسيين، كان تحت الاحتلال الفارسي المباشر منذ القرن الثالث الميلادي وواصل ارتباطه الثقافي والحضاري الشديدين ببلاد فارس ولقرون طويلة
بعد الاسلام. وربما أثرت الكتابة البهلوية او الافستية على العربية الناشئة. فقد اظهرت نقوشهما للقرون الأولى من الالفيه منحنيات متطورة وتلاحم وايقاع حرفي. ‎3 ولكن ورغم ميل هاتين الابجديتين لايصال الحروف اكثر من السريانية المبكرة، الا ان ربطهما للحروف كان ربطا مترددا ايضا. بالتأكيد، انهما لم يشاركا الكتابة العربية الاولى علائمها الرئيسية او ديناميكيتها.







نقش كارتيز افيزتا على كباح زرادشت ويعود للقرن الثالث الميلادي 5


في القرن العاشر الميلادي، وصف المؤرخ والمكتبي الاسلامي المعروف ابن النديم، وسنتحدث بتفصيل اكبرعن خلفيته لاحقا، عددا من الابجديات والخطوط الفارسية القديمة. لم تكن اشكال الحروف التي عرضها ابن النديم لبعض الابجديات التي استمرت حتى عصره نفس اشكالها الاصلية. اذ ورغم ان معظمها اظهر منحنيات شبيه بمنحنيات البهلوية القديمة لكن اشكال حروفها كانت شبيهة بحروف طراز خط التعليق الفارسي الحديث. مشيرا الى احد هذه الخطوط وقد اسماه فيراموز، والذي يعتقد البعض انه خط مشابه للعربية وسابق لها، قال ابن النديم ان هذا الخط "اشتقه الفرس وكتبوا به. انه تطور معاصر وبنمطين". جملة ابن النديم تشير وبوضوح كامل الى ان حروف هذا الخط الفارسي مشتقة لاحقا. ‎22





نقش طاق بستان البهلوي في عهد شابور الثالث اواخر القرن الثالث الميلادي ‎36



يتبع ..



رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
لا أحد يسمي بنته بهذا الأسم ....... سيف العرب الــمـنـتـدى الـعـام 13 05-01-2009 06:52 PM
الأصم والمشاكل النفسية الحركية *ابن عبيــد* الــمـنـتـدى الـعـام 2 03-12-2009 02:19 AM
الأصم والمشاكل النفسية الحركية *ابن عبيــد* الــمـنـتـدى الـعـام 2 03-11-2009 04:35 AM
طريقة تلوين الأسم في الماسنجر الهـامـــور منتدى الكمبيوتر والأنترنت 5 12-10-2006 09:39 PM
ينساب تقرير مفصل بمناسبة نزولها كبرياء الــمـنـتـدى الـعـام 3 03-16-2006 01:20 AM


الساعة الآن 02:47 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by