قدر عائلة بوتو /منقول.

[رويعي الغنم]

قدر عائلة بوتو /منقول. قدر عائلة بوتو /منقول. قدر عائلة بوتو /منقول. قدر عائلة بوتو /منقول. قدر عائلة بوتو /منقول.

فوضى خلاّقة.. صراع كراس.. أم هوس بالدم؟



مختار الدبابي

بعد سنوات من الغربة هربا من مؤامرات الاغتيال والقتل المنظم عادت بنظير بوتو إلى باكستان لتواجه ما هربت منه سنوات عديدة، فقد أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية الباكستانية جواد شيما مقتل رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنظير بوتو الخميس متأثرة بجروح أصيبت بها جراء الهجوم الانتحارى الذى استهدف تجمعا لحزبها فى ضاحية إسلام أباد، وذلك قبل أسبوعين من الانتخابات التشريعية وعلى الفور تهاطلت الإدانات الدولية لاغتيال بوتو، واعتبرت أن الحدث من شأنه تعطيل الجهود المبذولة للخروج بباكستان من الوضع الصعب.

ويقول محللون متابعون للشأن الباكستانى إن أصابع الاتهام لا يمكن أن تتوجه إلى جهة بعينها واعتبارها تقف وراء عملية الاغتيال التى تحولت إلى ما يشبه القضاء المقضى فى حق عائلة بوتو. لكن هؤلاء المحللين يحصرون قائمة المورطين المفترضين فى عملية الاغتيال فى طرفين أساسيين؛ المجموعات السلفية المتشددة، ثم النظام الباكستاني.

فى جانب المجموعات المسلحة المتشددة، يقول أحد المحللين إن قناعات بنظير بوتو كانت دائما ضد التشدد وتدافع عن التسامح والاعتدال وعن حق المرأة فى الممارسة بالحياة العامة وخاصة فى الحياة السياسية.

وكان تاريخ الفقيدة بوتو، تاريخ صراع مع مجموعات متشددة متعددة الأسماء والزعامات، لكنها تلتقى فى مهاجمة المرأة التى دخلت عالم السياسة مبكرا ونجحت فى أن تتبوأ زعامة أكبر حزب سياسى وأن تترأس الحكومة، فهذه المجموعات ترى أن قدر المرأة أن تظل فى البيت وأن السياسة حكر على الرجال.

ويضيف ذات المحلل أن المواجهة تتجاوز حدود الدينى فى النظر إلى دور المرأة فى السياسة إلى اتهام بوتو بالولاء للغرب وخاصة الولايات المتحدة فى منطقة تتعمق فيها كراهية هذه الأخيرة بعد أخطائها فى أفغانستان وباكستان والعراق، وهى أخطاء انسحب تأثيرها على من يتعاملون معها من حكام وبالذات فى باكستان.

ويذهب أحد المحللين إلى اعتبار لقائها مع الرئيس الأفغانى حميد قرضاى رسالة بالغة الدقة إلى طالبان "بشقيها الباكستانى والأفغاني" والقاعدة، ومفاد هذه الرسالة أنها ستصل إلى الحكم وستضع اليد فى اليد مع قرضاى ومع الحرب الأمريكية على الإرهاب، وهذا مبرر أكثر من كاف كى يقدم المتشددون على تفجير موكبها.

وكانت صرحت منذ أيام بأن "المناطق بين باكستان وأفغانستان أصبحت جنة للمتطرفين، والتطرف والإرهاب يتزايد فى المنطقة"، مؤكدة انه إذا فاز حزبها فى انتخابات الثامن من كانون الثانى القادم فإنها ستواجه تلك الآفة.

وفى الصورة المقابلة، يرى محللون مختصون فى الشأن الباكستانى أن العلاقة توترت مع نظام مشرف منذ اللحظات الأولى لعودة بوتو من المنفى، ويقول أنصار مشرّف أن مجيء بنظير والإعداد لإشراكها فى الحكم شكلت ضغطا أمريكيا على برويز مشرف مفاده أن البديل جاهز.

ويقول المحللون إن الولايات المتحدة شعرت فى الأشهر الأخيرة أن ورقة مشرّف قد احترقت وأنه استنفد مهامه وأصبح عاجزا عن مواصلة الحرب على المتشددين وزادت أخطاؤه الداخلية فى تضييق الخناق عليه، وهذا ولا شك يعطّل المهمة التى يريد الأمريكيون منه أن يؤديها بسرعة وإتقان، فاختاروا بنظير بوتو ورقة جديدة لمهمة مستعصية.

ويدلل هؤلاء المحللون على إمكانية ضلوع الاستخبارات الباكستانية فى عملية الاغتيال بالقول إن واشنطن وضعت مشرف فى موقف لا يقدر فيه سوى أن يقول "عليّ وعلى أعدائي".

يذكر أن عاصف على زردارى زوج بوتو كان اتهم أحد أجهزة الاستخبارات الباكستانية بتدبير محاولة الاغتيال الأولى التى تعرضت لها زوجته واعتبر فى تصريحات لإحدى محطات التلفزة الباكستانية أن طبيعة الهجوم تشير إلى أنه من تدبير الاستخبارات وليس من عناصر متطرفين.

وما يزيد من حجم الشكوك فى وجود أياد استخبارية رسمية هو تكثيف بوتو نقدها اللاذع لسياسات مشرّف فى مواجهة التطرف وتدعيم سطوة الجيش على الحياة السياسية، بالإضافة إلى هجومها على سياساتها الاقتصادية والاجتماعية وتعهدت فى تصريح أخير "نريد أن نرى باكستان حديثة ومتقدمة ودولة مزدهرة، حيث ينعم الشعب بحياة رغيدة ومستوى معيشة أفضل".

ولا يستبعد بعض المحللين أن تكون أطراف مقربة من الأمريكيين قد أقدمت على عملية الاغتيال لخلط الأوراق فى بلد لا يمكن ترويضه بسهولة وانتزاع العداء من قلوب أجياله القديمة والجديدة للسياسات الأمريكية، وتعليلهم لهذه الفرضية كون الإدارة الأمريكية الحالية تؤمن بمقولة الفوضى الخلاّقة وتحرص على زرعها فى كل مكان، وهنا ربما تقدر الفوضى التى تؤسس آليا لحرب أهلية فى أن تحقق ما عجز عنه الخيار العسكرى المباشر.

ويكرّس اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنظير بوتو "القدر" المأساوى لعائلة والدها الراحل، حاكم باكستان الأسبق ذو الفقار على بوتو الذى جرى إعدامه بعد عامين من انقلاب الجنرال ضياء الحق فأصبحت أول وأصغر رئيسة وزراء لدولة إسلامية فى العصر الحديث، متعهدة "بالانتقام على طريقتها" لرحيل والدها. غير أنّ حياتها السياسية التى ارتبطت لفترة ما بالتحديث والديمقراطية ، ارتبطت أيضا بالفساد.

احتل والد بنظير، ذو الفقار على بوتو، منصب رئيس وزراء باكستان فى أوائل السبعينات، فكانت حكومته إحدى الحكومات القلائل التى لم يرأسها عسكرى فى العقود الثلاثة التى أعقبت الاستقلال. وشغلت بنظير بوتو منصب رئيسة وزراء باكستان مرتين، ما بين عامى 1988 و1990، وما بين عامى 1993و1996. وسجنت بوتو قبيل إعدام والدها، وقضت أغلبية السنوات الخمس من سجنها فى حبس انفرادي، وقد وصفت تلك الفترة بشديدة القسوة.

كما أثار آصف زردارى زوج بنظير بوتو، والذى شغل منصب وزير الاستثمارات إبان حكمها، الكثير من الجدل، وكان له دور رئيسى أثناء حكمها، واتهمته حكومات باكستانية عديدة باختلاس ملايين الدولارات من الدولة، وهى تهم ينكرها وتنكرها زوجته.
غادرت بوتو باكستان فى نفس العام بعد إدانتها لتقيم فى الخارج مع أولادها الثلاثة، فيما كان زوجها فى السجن.

أقامت بوتو مع أولادها الثلاثة بعد خروجهم من باكستان فى دبى بالإمارات العربية المتحدة، حيث انضم إليها زوجها بعد الإفراج عنه عام 2004.

وتماما مثل مصير والدها، لم يسلم شقيقها الأكبر، مرتضى، من نفس المصير، حيث فر بعد خلع والده إلى أفغانستان وقاد جماعة مسلحة، تحت اسم "ذو الفقار" ضد الحكم العسكرى فى باكستان. غير أنّ مرتضى لقى حتفه بدوره بعد وقت قصير من عودته لباكستان، تماما مثل شقيقته. أما شقيقها الآخر شاهنواز، فقد عثر عليه ميتا فى ظروف لم يتمّ تحديد ملابساتها بدقة فى فرنسا عام 1985.