الأخبار الإقتصادية ليوم الاربعاء14 ذو القعدهـ 1429 هـ الموافق12/11/ 2008

[عثمان الثمالي]

تقلبات أسعار الحديد تعزز انشاء صندوق لتمويل بيعه
اليوم الإلكتروني الاربعاء 12 نوفمبر 2008 5:54 ص




صدق من قال ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ، لقد ارتفعت أسعار الحديد وكذلك الأسمنت وكافة مواد البناء ارتفاعات قوية ومتتابعة أحياناً بمبرر ونقصد بذلك ارتفاع أسعار المواد الخام عالمياً وهذا السبب لا نستطيع أن ننكر حدوثه في الماضي أو زيادة الطلب على مواد البناء وأحيانًا بدون سبب وبدون مبرر سوى تطلع من قبل المنتجين إلى أرباح عالية جداً جنوا ثمارها على المدى القصير وها هم يعيدون دفعها مضاعفة على المدى المتوسط فقط والله أعلم ما يحدث على المدى البعيد، لقد كانت وجهة نظري من البداية أنني أتفهم حدوث ارتفاع في أسعار مواد البناء نتيجة تزايد الطلب من ناحية وارتفاع أسعار بعض المواد الخام في الأسواق العالمية من ناحية أخرى ولكن ما لا أستطيع أن أفهمه أو أتفهمه هو أن يبنى على ذلك وأن يحمل عليه أكثر مما يحتمل ، مثال على ذلك أن يرتفع سعر طن الحديد في أوائل عام 2008 م ألفا وخمسين ريالا , فلم يكن ذلك الإجراء مبررا ابدا خصوصا وأن الطلب بدأ في التراجع في حينه نتيجة لأن كثيراً من المقاولين توقفوا عن العمل بسبب تكبدهم خسائر جسيمة نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء ولعدم وجود نصوص صريحة وشفافة وعادلة في عقودهم يتم التعويض على أساسها تعويضاً عادلاً وسريعاً لا يمكن لوزارة المالية أن تلتف عليها كما التفت على مواد التعويض أرقام 43 و 78 الواردة في نظام المنافسات والمشتريات الجديد( 1427هـ) الذي أعدته هي بنفسها عن طريق استصدار قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 155 في 05/06/1429هـ لتعويض المقاولين بشكل محدود جداً تمثل في التعويض عن خمس مواد فقط هي الخرسانة المسلحة والأسمنت والحديد والأخشاب والكابلات ولمدة زمنية محدودة من01/01/1428هـ إلى 30 /12/1428هـ مما أدى بالمقاولين إلى التعثر والتوقف عن العمل في مشروعاتنا التنموية والخدمية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أدى ارتفاع أسعار مواد البناء العالي إلى تريث العقاريين في إنشاء مجمعاتهم العقارية الاستثمارية وأدى إلى توقف المواطنين عن بناء مساكنهم مما تسبب في ارتفاع الإيجارات سواء المباني المخصصة للمكاتب أو المساكن .

مما دفع الدولة أيدها الله إلى وقف تصدير الحديد والأسمنت ولكن الأسعار بقيت على ما هي عليه رغم انخفاضها عالمياً واقليمياً حتى بدأت كميات كبيرة من المواد خصوصاً الحديد والأسمنت تتكدس لدى المنتجين ولدى الموزعين مما حدا بالمنتجين إلى خفض الأسعار تدريجياً وببطء شديد ابتداء من شهر سبتمبر الماضي وحتى الآن على عكس الانخفاضات التي حدثت في الدول المجاورة حيث كانت الانخفاضات سريعة وبمبالغ كبيرة .

على أي حال فإنني أكرر على المنتجين مقترحي الذي اقترحته على شركة سابك في شهر رمضان الماضي بأن يكونوا فيما بينهم صندوقا لتوفير التمويل لبيع الحديد على المقاولين والعقاريين والمواطنين باسعار مناسبة وباقساط مريحة فنتجنب لجوءهم إلى شراء الحديد المستورد باسعار أرخص من الحديد المنتج محليا، إن هذه الوسيلة هي واحدة من طرق التسويق المتبعة على مستوى العالم وهذا ليس اختراعاً جديداً، وذلك بدلاً من الاجتماعات التي يقوم بها منتجو الحديد مع المنتجين في الدول المجاورة للتنسيق فيما بينهم لعمليات خفض الانتاج بغرض رفع الأسعار فهذه واحدة من وسائل الممارسات الاحتكارية المقيتة والتي لا تصب في تحقيق الصالح العام وكذلك مطالبتهم لوزارة التجارة والصناعة برفع الحظر عن تصدير الحديد والأسمنت ، فدول الخليج الآن تغص بالحديد ولا تجد من يشتريه وقد يباع حالياً في مزادات كبيرة تقوم بها البنوك وليس أصحاب الحديد الاصليين كما أن تداعيات الأزمة المالية العالمية تلقي بظلالها الكثيفة على النمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم ونحن والحمد الله من الدول القليلة جداً التي لم تتأثر كثيراً بهذه الأزمة فلدينا مشروعات طموحة كثيرة منها ما طرح ومنها ما هو تحت الطرح ومنها ما سوف يطرح سواء من الدولة أيدها الله أو من القطاع الخاص أو من قبل المواطنين أنفسهم فلدينا أعداد كبيرة من المواطنين وخصوصاً الشباب منهم والذين يمثلون نسبة عالية جداً من الشعب السعودي الذين يتطلعون إلى امتلاك مساكن لهم بأسعار مقبولة تتناسب مع امكانياتهم المادية .

كما أتطلع أن يكون هناك اجتماعات تنسيقية بين منتجي الحديد والأسمنت واللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية للتعاون والتفاهم والتنسيق بينهم بما يحقق الصالح العام على قاعدة لا ضرر ولا ضرار لأى من الطرفين ، وأتمنى أن يكون منتجو الحديد قد وعوا الدرس ، إن رفع سعر الحديد بشكل سريع وعال جداً وغير منطقي سوف تكون له آثار سلبية تتمثل في ركود في الطلب يترتب عليه ركود في المبيعات وهذا هو واقع حالنا اليوم ، كما اتمنى أن تقوم وزارة المالية بتعديل وثائق المنافسات الحكومية بحيث يوضع فيها قائمة استرشادية بكافة أسعار وأوزان مواد البناء الداخلة في تنفيذ أي مشروع حكومي عند تقديم العروض بحيث يتم الرجوع إليها عند ارتفاع الأسعار لتعويض المقاولين أو عند انخفاض الأسعار تحاشياً لإعادة الطرح وتضييع الوقت بدون مبرر بحجة أن الأسعار قد تغيرت ، مع ضرورة وجود نصوص صريحة وواضحة لا غبار عليها لتعويض المقاولين عند ارتفاع الأسعار في هذه العقود والمعادلات الرياضية اللازمة لحساب ذلك ، كما أرجو أن تقوم مصلحة الإحصاءات العامة بإعداد الأرقام القياسية لأسعار مواد البناء وكذلك لأجور العمالة بشكل شهري وليس ربع سنوي وأن تكون أكثر دقة وتعكس الواقع الحقيقي للأسعار مع مراعاة تكاليف النقل وبعد بعض المناطق والمدن عن مناطق التصنيع أو المناطق التجارية وموانئ الاستيراد ، كما انني أرجو من وزارة التجارة والصناعة عدم التسرع في رفع الحظر على تصدير مواد البناء خصوصاً الحديد والأسمنت حتى تتأكد من وصول أسعار هذه المواد إلى أسعارها الحقيقية والطبيعية ووجود كميات تغطي الطلب المحلي دون عودة الأسعار إلى الارتفاع مرة أخرى رغم أن الحديد والأسمنت في الحقيقة ما زالت أسعارهما عالية بالمقارنة مع الأسعار العالمية ، فالحديد على سبيل المثال يباع حالياً في دولة الإمارات في حدود ألفي ريال كما أن تكاليف صناعة الأسمنت لدينا منخفضة جداً بالمقارنة مع تكاليف الدول المجاورة ودول العالم بصفة عامة . وفق الله الجميع لخدمة بلادنا الغالية في ظل قيادة مولاى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين يحفظهما الله ..