رد: الأخبار الإقتصادية ليوم الاربعاء14 ذو القعدهـ 1429 هـ الموافق12/11/ 2008
المستثمرون يحتمون بالدولار
الخليج الاقتصادي الإماراتية الاربعاء 12 نوفمبر 2008 5:54 ص
عامر ذياب التميمي
تبرز في أتون الأزمة المالية الراهنة ملاحظات مهمة قد تبدو متناقضة وعسيرة الفهم والهضم على أطراف عديدة . من أهم ما بدا أخيراً هو ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي قياساً بعملات رئيسية أخرى . فهو ارتفع قياساً بالجنيه الاسترليني .
وبعدما كان الأخير قبل أسابيع قليلة يشارف على دولارين أصبح الآن بحدود 5 .1 دولار امريكي، كما أن اليورو الذي شارف على 6 .1 دولار أصبح الآن يعادل 25 .1 دولار تقريباً . مقابل ذلك ارتفع، ايضاً، سعر الين الياباني وأصبح الدولار يساوي 93 يناً يابانياً بعدما كان قبل أسابيع وأيام قليلة يساوي 105 ينات .
ما هي التفسيرات المعقولة لهذا التذبذب في أسعار صرف العملات الرئيسية؟ يتوافر تفسير أساسي وهو أن الكثير من المستثمرين في هذا العالم يبحثون عن مخزون قيمة أمن في ظل تراجع قيم الأصول التقليدية مثل الأسهم والسندات وتراجع أداء الاقتصادات الرئيسية ولذلك فهم يرون أن الدولار يظل أكثر ضماناً من العملات الأخرى، وكذلك الحال بالنسبة للين الذي يتمتع بدعم ميزان المدفوعات الياباني القوي والموجب، وهكذا يعود تجار النقد للمراهنة على الدولار وإمكانات تحسن سعر صرفه .
لكن هذا الارتفاع في سعر صرف الدولار والين، هل يمكن أن يساعد اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصاد الياباني؟ في ظل الأزمة الاقتصادية لا يمكن أن نتصور فائدة لارتفاع سعر صرف الدولار إلا باندفاع الأموال الأجنبية للاستثمار في أدوات الاستثمار الأمريكية مثل السندات وغيرها . أما التجارة الخارجية فإذا اعتبرنا الولايات المتحدة دولة مستوردة صافية، أي أن قيمة الواردات أكبر من قيمة الصادرات فإن ذلك سوف يخفف من وطأة العجز التجاري عندما يساعد ارتفاع سعر الدولار على تخفيض قيمة الواردات الصادرة من بلدان أصبحت أسعار صرف عملاتها منخفضة قياساً بالدولار .
هل يفتح ذلك شهية المستهلكين الأمريكيين ويزيد من الواردات من الخارج في الوقت الذي سوف تصبح قيمة الصادرات الأمريكية أغلى لمستورديها، وبذلك تظل مشكلة عجز الميزان التجاري مستمرة ويزيد من أعباء الالتزامات الأمريكية تجاه الخارج؟ يعني ذلك أن مشكلة التجارة للولايات المتحدة تظل مزمنة وتتطلب معالجات منهجية تأخذ بنظر الاعتبار إمكانيات مراجعة السلوكيات الاستهلاكية وكيفية السيطرة عليها . ربما تكون أمام الإدارة الإقتصادية في الولايات المتحدة فرص جيدة في الوقت الحاضر لترشيد تلك التقاليد الاستهلاكية . وأهم من ذلك هل يمكن للحكومة الأمريكية أن تضبط إيقاع الإنفاق العام للحد من العجز ومن ثم الحد من بيع سندات الخزينة على الأجانب والسيطرة على عجز ميزان المدفوعات؟
أما اليابان فإن القضية مختلفة، فهي دولة مصدرة بشكل أساسي وتحقق فائضاً في ميزان تعاملاتها التجارية مع البلدان الأخرى، وكذلك تحقق فائضاً في ميزان المدفوعات . وهكذا فإن اليابان دولة تملك أرصدة مالية مهمة وتستطيع أن تمول الآخرين وتوظف جزءاً مهماً من أرصدتها في مختلف أدوات الاستثمار الأجنبية . لكن اليابان بلد لا يستهلك شعبه الكثير من السلع والخدمات، كما يفعل الأمريكيون، ولذلك لا يستطيع أن يساعد البلدان الأخرى في استيراد المزيد من السلع والبضائع . في الوقت ذاته بدأت اليابان تواجه مشكلات في منافسة بلدان أخرى في تصدير السلع والبضائع المصنعة نظراً لارتفاع تكاليف الانتاج في اليابان بالمقارنة مع كوريا الجنوبية أو عدد آخر من بلدان آسيا والصين والهند . ويبدو أن ارتفاع سعر صرف الين في الآونة الأخيرة يمثل محدودية الخيارات أمام تجار العملات في ظل الأوضاع الراهنة . التساؤل الآخر هو هل يمكن أن يؤدي انتقال أموال مهمة من بلدان عديدة إلى الدولار والين إلى تراجع أسعار الفوائد على الدولار والين، علماً بأن هذه الفوائد منخفضة بشكل كبير بعد تخفيض سعر الخصم في البلدين؟ لا جدال في أن تجربة الشهور المقبلة سوف تعلمنا الكثير من التحولات في أسواق النقد خلال الأزمة الاقتصادية وكيف ستتعامل السلطات النقدية مع هذه الأوضاع وبما يؤدي إلى استعادة عافية الاقتصاد العالمي
|